قطفتها وردة فإذا بها مليئة بالأشواك..

اعتبرتها ريحا عطره إلا أن العطور لا تدوم..

سابقتها لأحكيها فحكتني للعالم..

نسيتها على طرف فأبقتني طوال اليوم في منتصف الكتاب..

رسمتها لأصفها فإذا بها بشعة تخيف..

ووقتنا وقت الفرح لا يسمح بالخوف والترهيب..

فاعتبرتها ذكرى فهم يستحقون ان نذكرهم..

في أيَّام فرحنا قبل أيَّام أحزاننا..

للعالم البعيد المخيف..

ظلمتني مزقتني ورمتني على أطراف الطريق..

حاكيتها فخاصمتني وأرغمتني على البقاء وحيد..

أرغمتها على المحاكاة فجعلتني عبرة للحياة..

سامحتها فاستحرقتني وزادتني هما وهلاكا..

الحياة.. القدر.. الظروف.. المجتمع..

مرادفات لها معان متعددة..

لها قواميس متنقلة..

إلا أنها كلها تفيد بالواقع..

وتشيد بالحقيقة..

بكاء.. صراخ.. جفاء.. موت.. انكسار..

كلها مشاعر مميتة.. متبلدة.. أنانية..

إلا أننا سريعا نتناساها..

تفجعنا الحياة.. تفاجئنا الأيام.. تصعقنا الروايات.. ويخيب ظنوننا الواقع..

نقلب بين أيدينا في القنوات..

وإذا بالملايين تموت بين كل قلبة وقلبة قد يموت شخص..

قد يتيتم شخص.. قد تسلب امرأة.. قد يكسر ظهر رجل.. قد يرمى شيخ كبير على الطريق..

نعم أيَّام العيد سعادة.. فرح.. انتشال من الهموم.. ولكن؟!

فلربما بينما نحن نبتسم ونرتحل.. ونتزاور ونضحك.. هنالك أطفال يموتون..

نساء تحترق قلوبهم.. شوارع تغطيها الدماء.. أخبار شنيعة وعالم مخيف..

لا أقول لا نفرح.. ولكننا لا بد ان نجيد كلمة الحمد والشكر..

لأننا نعيش النعمة لا نعي أهميتها ولأننا بعيدون عن ذلك العالم لا نتخيله..

إلا أنه صدقوني جدا مخيف.. أعيادنا مختلفة بعضنا يسافر..

والبعض الاخر يواصل لأيَّام لا ينام.. من الفرح..

تذكر ان هنالك أناسا لا تنام من أصوات الصواريخ..

وتذكر ان هنالك أبطالا لا تنام لكي تنام أنت..

وتذكر ان هنالك دماء تنسكب ونساء تقتل وأطفالا تيتم..

وشيوخا تقذف في كل مكان..

نعم انا اضحك وافرح ولربما أسهر ليالي طويلة ولكن تذكرتهم..

فأحببت لو أننا نتذكرهم جميعا.. بدعوة بابتسامة لربما تكون أبواب السماء مفتوحة..

فأبطالنا على الحدود ونحن داخل النعيم بعد فضل الله وهمتهم..

البعض يجيد الفرح بلغة غريبة.. بلغة قد تقتل عوائل وأهالي وأناس.. كل شخص له الحرية في التعبير عن فرحه..

ولكن التهور لا يعني الفرح أبدا.. السعادة لم ترتبط يوما بأذية الآخرين.. شبابنا للأسف شيوخ الغد البعض منهم يفرغ طاقاته بشيء يصعب علي فهمه..

أي ابتسامة ترتسم على وجهك لو قتل طفل أثناء فرحك..

السعادة كلمة معناها ان نبتسم نحن والآخرين.. لا ان نبتسم على حساب الآخرين.. تذكر الحياة تعطي كما تأخذ وتعيد كما ترحل هي كالمد والجزر..

تأخذك اليوم بحال وتعيدك بالغد على حال اخرى..

فسوريا والعراق ومصر وليبيا بالأمس كانت مراقص الطرب فيها لا تتوقف.. وأغانيها وحفلاتها واجتماعاتها تذاع بأكبر القنوات.. وفي يوم قلبت الآية إلى حرب وقتل وتخريب ودمار..

فالحياة جميلة نعم.. ممتعة.. تخطفنا في لحظات الفرح وننسى انها حياة.. لا تدوم وإنما تفنى.. هي فاتنة بقدر مكرها.. فهي خادعة.. ذكية.. لا تُستأمن لها.. فالصحة.. والمال.. والجاه.. والسعادة.. والحياة.. كل تلك المصطلحات تظل حروفا هجائية نحن ابتكرناها فهي لا تدوم..

فلو كنت مريضا فادع ربك ان يحتسبه أجرا لك..

ولو كنت محروما فادع ربك ان يرزقك..

ولو كنت وحيدا فادع ربك ان يؤنس وحدتك..

ولو كنت يتيما فتذكر انك في هذه الحياة لغاية وهدف فابحث عنه جيدا..

ولو كنت.. سعيدا.. أميرا.. تاجرا.. بين عائلتك.. أمام أصحابك.. مع زوجتك.. مع والدتك.. بقرب اخوتك..

فقل كلمة واحدة ولكن تمعنها جيدا.. الحمد لله الذي أدام علينا حال الفرح والسعادة.. فالحمد هو الشيء الوحيد الذي يديم النعم.. والشكر هو الشيء الوحيد الذي يجعلك تستشعر هذه النعم..

والفقد هو الشيء الذي سيبكيك ندما على هذه النعم..

فلا تنتظر الثالثة بل احمد الله واشكره وتذكر اخوتك المسلمين بدعوة.. تذكر كل بلاد الإسلام... وأبطال الحزم وولاة الأمر وادع لهم.. فلربما تحتاج يوما ان يذكرك أحدهم بدعوة أو بكلمة.

- القصيم