د. خيرية السقاف
هناك حالات تحدث في أي مجتمع بشري لا تصل إلى مستوى «الظاهرة» غير أنها تُقلق، وتستدعي النظر، بل الإجراء الفعلي لمعرفة أسبابها، وهي موجودة في المجتمع البشري على سواء منذ خلق الله الخلق، وجعل الأرض نزلهم، ومثواهم، ومنذ توعَّد إبليس أن يترصد لهم ويشاركهم،..
من هذه الحالات «التحرّش» في الأسواق، والطرق العامة، وقيام من تستهويه الإثارة لتصوير الموقف، ونشره،
ومنه « اختفاء» الفتيات في الأسواق، ومن قرب المدارس، وعند أبواب بيوت أهلهن،..
آخرها أن أماً سبقتها ابنتها لباب البيت وهما تهمان لزيارة الأهل، فخرجت ولم تجدها، وأن أباً استيقظ وأهله ظهر يوم قريب، فوجد بنتيه قد غادرتا المكان ولم تعودا..!
الضالون في دروب المدن يتكاثرون،.. سيراً، وسلوكا..!!
ولكي لا تتحول الحالات لظاهرة، فإنهما قيد الاهتمام أتوقع من الجميع، ..
وقد كتب وتناول الكثير شأن التحرش، ويبدو أنه سلوك يتعلّق بدافع العبث، ولدى المختصين الاجتماعيين سبل العلاج منه، كما هناك أساليب للتوجيه، وللعقوبة، لأنه انفراط في قيم السلوك القويم من قبل الفتيات في بعض الحالات، ومن قبل الفتيان وهو نتيجة ظاهرة لفرط الدلال، والثقة، وعدم الحزم في التنشئة الخلقية، والإيمانية القويمة.
أما اختفاء الفتيات، فقد تفضي الأحداث الأخيرة إلى الخوف من وقوعهن في براثن الإغواء من قبل المضللين الخفيين الذين يظهرون بين فينة وأخرى وقد استدرجوا الأبناء، وامتد استدراجهم للفتيات، والنساء، ولعل هناك خططاً أمنية صارمة نحو هذا الشأن، لكنها أيضاً مسؤولية البيت بأفراده المنوط بهم أمن النفس، واستقرار الثقة في صدور الأبناء، والطمأنينة لبيئة لا تنفر أفرادها منها في واقع تحيطهم به أنواع من المغريات والفتن، وهن وهم لم يحصنوا بثقافة العصمة، فتوكلهم هذه البيئة إلى الشارع بمن فيه يتخبطن، ويتخبطون، فإلى أين يتجهون..؟!، فلو راجع كل أب كيف هو التعامل منه مع الفتيات، بل مع كل الأبناء، والزوجات، والأخوات، وما كمية الحنان، والرأفة، والتوعية، والعناية، وما مدى علاقة التفاهم، والقرب منهم، وما مستوى الاحتواء لهم، ثم ما نوع الخبرات التي يقدّمها لأفراد أسرته من الأم، والفتى، والفتاة، كل حسب خصائصه واحتياجه لأدرك الكثيرون أن منبت الشرارة من داخل البيت،..
إضافة إلى سهولة حصول الأبناء على أجهزة التواصل مع عدم الضوابط، وعدم الاقتراب منهم حين استخدامها، ومشاركتهم ما يفعلون بها، وما يتفاعلون عنها معه على مدى اللمحة في الثانية..حتى بتنا في أي مكان الجميع يحملون أجهزة تواصلهم، يغرسون عيونهم فيها، تراهم كالمجانين يتفاعلون مع ما خلف شاشاتها ضحكاً، وابتساماً، وكتابة..!!
هذه مجرد خطرات على هامش قراءة عن كثير انتشر من هذه الحالات المختلفة، وغيرها.
ربما يفكر فيها كل من يقرأ عنها فلا يخرج بغير تكهنات عن الأسباب، بينما كل فرد في أسرة سيعرفها بمجرد أن يعيد شريط تفكيره في هيئة علاقته بأفراد أسرته.
والله أعلم.