الكتاب من تأليف الدكتور فايز بن موسى البدراني، باحث في التاريخ والوثائق المحلية والأنساب، وله العديد من المؤلفات التي خدمت التاريخ السعودي، وهو يقع في 478 صفحة من المقاس المتوسط، يحتوي الكتاب على مقدمه وإهداء وشكر وتقديم وسبعة فصول، وقائمة بالملاحق. احتوت على كشاف بالأعلام والأسر والقبائل وكشاف المواضيع الجغرافية وقائمة المصادر والمراجع.
في تقديم الكتاب بين الدكتور عبدالله المنيف أن أهمية هذا الكتاب تبرز في أنه يناقش حياة محمد بن إبراهيم بن سلطان أحد رجالات الملك عبدالعزيز آل سعود وقواده، ولهذه الشخصية أهميتها السياسية، ولم يقتصر دور ابن سلطان على المستوى المحلي، بل تعداه إلى المستوى الإقليمي نظراً لما تمتعت به هذه الشخصية من قوة نفوذها ومدى الثقة في ممتلكاتها ومقوماتها والقدرة على التأثير على الغير.
في مقدمة كتابه بين البدراني أنه لابد من الإشاره قبل الحديث عن ابن سلطان إلى جانب من جوانب شخصية الملك عبدالعزيز وهو نظرته الثاقبة في معرفة الرجال المحيطين به، وقدرته على اختيار الرجال الأكفاء الذين يعتمد عليهم في المهام السياسية والاقتصادية، ومن أبرز أولئك الرجال كان الشيخ محمد بن سلطان الذي خدم الملك عبدالعزيز من عام 1326هـ - 1371هـ.
كما بيّن أن الملك عبدالعزيز عرف قدرات ابن سلطان وكلفه بالعديد من المهام المختلفة فهو تارة عامل على الزكاة وتارة قائداً لسرية وتارة أميراً على بلدة، وتارة قائداً عسكرياً أو عضواً في مجلس الوكلاء أو مرافقاً خاصاً للملك.
وضح الباحث أن الكم الهائل من الرسائل المتبادلة بين الملك عبدالعزيز والشيخ محمد بن سلطان يقدم نموذجاً لتلك العلاقة المتينة، وقد أمكن من خلال قراءة هذه المكاتبات والمراسلات والبرقيات توثيق سيرة الشيخ محمد بن سلطان وسنوات حياته التي خدم فيها بلاده، وأهم المهام التي تولاها. وقناعته الشخصية أنه يخدم بلاده بغض النظر عن المكان الذي يكون فيه.
في الفصل الأول في الجانب الشخصي ذكر المؤلف أن الشيخ محمد بن سلطان من أهل ضرما، وقدم نبذة مختصره عن ضرما وتاريخها والظروف السياسية التي تزامنت مع ولادة ابن سلطان، ثم ذكر أخلاقه وصفاته الشخصية والتي أهلته أن يكون من أبرز رجالات الملك عبدالعزيز، ثم أختمه وتوقيعه.
في تمهيد الفصل الثاني وفي الجانب العلمي ناقش الكاتب أهم الأعمال والوظائف التي تقلدها محمد بن سلطان منذ عام 1326هـ مبتدئاً حياته موظفاً في الخزينة العامة ثم في تحصيل الزكاة، ثم قائداً للهجانة ثم عضواً في مجلس الوكلاء عام 1352هـ ثم تعين في الحرس الخاص للملك عبدالعزيز عام 1363هـ إلى عام 1371هـ.
استعرض الباحث في الفصل الثالث مشاركات ابن سلطان في المعارك الحربية مع الملك عبدالعزيز آل سعود، ومن ذلك مشاركته في حرب انضمام عسير عام 1338هـ ثم مشاركته في حصار المدينة عام 1343هـ ثم تكلم عن دوره في القضاء على حركة بن رفاده عام 1351هـ ثم مشاركته في حرب اليمن عام 1352هـ.
بيّن المؤلف في الفصل الرابع المدن والقرى التي تولى إمارتها ابن سلطان حيث تولى إمارة مرات عام 1336هـ ثم أميراً على تربه ثم أميراً على الوجه عام 1345هـ ثم أميراً للقنفذة عام 1350هـ ثم أميراً للعلا عام 1355هـ. تلاها في الفصل الخامس أهم المهام التي كلف ابن سلطان بها بشكل مؤقت بناءً على ما تمليه ظروف الدولة في ذلك الوقت مثل انتدابه إلى القصيم وحائل عام 1340هـ. ثم تكليفه بتسوية الحقوق الخاصة بعد انتهاء معركة السبلة عام 1347هـ ثم تكليفه بمواجهة المنشقين بعد السبله.
ثم انتدابه إلى صنعاء. ونلحظ هنا انتقاله من العمل على الصعيد المحلي إلى العمل على الصعيد الخارجي. وهذا يعزز بشكل قوي الشخصية المتميزة والحكيمة لابن سلطان والتي استطاع أن يوظف قدراتها الملك عبد العزيز ببعد نظره لصالح بلاده.
ناقش الكاتب في الفصل السادس من كتابه الجانب السياسي وهو يحتوي على مجموعه من الوثائق المتعلقه بعلاقة ابن سلطان مع الأمراء وأمراء ومشايخ الخليج ومراسلاته مع المسؤولين وأعيان المجتمع. ويتجلى من خلال هذه المراسلات الجانب الاجتماعي وقدرة ابن سلطان على إقامة العلاقات الجيدة مع من حوله والحرص على استمرارها.
في الفصل السابع بيّن الباحث اهتمامات ابن سلطان ومن أهمها عنايته بالجوانب العلمية وحبه للقراءة ويظهر ذلك من خلال نشاطه في شراء الكتب ووقفه على طلاب العلم ومن اهتماماته أيضاً عنايته بالخيل. ثم تكلم عن وفاته ومن ثم عن ذريته.
مما لاشك فيه أن الكتاب ناقش شخصية مهمة على الصعيد السياسي في الدور الثالث من أدوار الدولة السعودية، أجاد الباحث في أسلوبه وصياغته للأفكار من خلال التسلسل التاريخي المنطقي لفصول الكتاب، متبعاً منهجية علمية واضحة، وإن لم تكن موحدة في جميع فصول الكتاب.
فالكتاب احتوى على مقدمة لكنه لم يحتوِ على خاتمه. ومهد الباحث لبعض الفصول وأغفل تمهيد البعض منها.
كذلك قارن بعض الأعوام الهجرية بنظيرها الميلادي وأغفل البعض الآخر منها.
على الرغم من أنه أجاد في التعريف بشخصيات البحث في الهامش، أيضاً تسميته لبعض فصول كتابه فلو تم دمج الفصل الأول مع السابع باعتبار اهتمامات ابن سلطان ووفاته وذريته تأتي من ضمن الجانب الشخصي، أضف إلى ذلك أن هذين الفصلين لا يتناسبان مع حجم الفصول الأخرى.. حيث بلغ عدد صفحات الفصل الأول أربعه عشرة صفحة والفصل السابع ثماني عشرة صفحة. بخلاف الفصول الأخرى والتي تتفاوت صفحاتها بين الستين صفحة والثمانين صفحة.
ومما يحمد للبدراني أنه اعتمد وكعادته الكتابية على مادة مرجعية متنوعة ما بين مصادر ومراجع ووثائق وروايات شفوية لمعاصري الحدث ووظفها بالطريقة المناسبة والتي تتناسب مع ما رغب في طرحه أثناء حديثه عن ابن سلطان. فجاءت معلومات الكتاب مادة ضخمه تعتمد على التدقيق والتحليل واستنباط المعلومة التاريخية من المادة الوثائقية.
وتعد هذه الدراسة الجادة والأصيلة في اعتقادي مادة غزيرة لمن أراد الكتابة عن رجالات الملك عبدالعزيز، أو لمن أراد الكتابة عن تلك الفترة من فترات التاريخ السعودي.
كما أنه من الملحوظ على الدكتور البدراني ويشكر له تعمده نشر مادة الوثيقة في المتن دون الاكتفاء بالإشارة إليها في الهامش لكي يستفيد الباحثون من هذه الوثيقة ولا تبقى حبيسة الأدراج لدى الباحث دون استفادة غيره منها.
ومهما يكن من أمر فإن هذه الدراسة تعتبر من أول الدراسات الجديدة التي كان لصاحبها السبق في الحديث عن الشيخ محمد بن سلطان أول قائد للهجانة، والدور السياسي والإداري الذي قام به ابن سلطان في الدور الثالث من أدوار الدولة السعودية والتي يؤمل من الباحثين في هذه الحقبه الاستفادة منها لدراسات جديدة.
ولا يسعني هنا إلا أن أشكر أبناء الشيخ محمد بن سلطان على تكرمهم على تزويد هذه الدراسة بهذه المادة الوثائقية وإخراجها للباحثين في التاريخ السعودي.
د. مريم بنت خلف بن شديد العتيبي - جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز - معهد الأمير عبدالرحمن بن ناصر للبحوث والدراسات الاستشارية