جودة البتروكيماويات السعودية معيار المنافسة على المدى البعيد ">
الجزيرة - الرياض:
مع عودة ايران للساحة الاقتصادية العالمية تتهيأ شركات البتروكيمايات السعودية لمزيد من الضغط بسبب انخفاض اسعار النفط مع عودة ايران بعد سنوات من الغياب فرضت على طهران بسبب العقوبات الدولية ذات الصلة بالطاقة النووية، وذلك حسب مصادر بصناعة النفط يوم الأربعاء الخامس من أغسطس.
ويقول هؤلاء المحللون: إن المنتجين السعوديين، رغم ما قد يبدونه من مقاومة في بداية الأمر فإنهم قد يضطرون لخفض العروض أو مواجهة خطر فقدان حصصهم في السوق لصالح إيران التي يتوقع عودتها لتصدير البتروكيماويات إلى أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا في بداية عام 2016م.
وحسب مصدر في مجال البوليمرات مقره المملكة فإن إيران سوف تعود إلى السوق خلال يناير من العام المقبل حسب تقديرهم، ففي الرابع عشر من يوليو الماضي وقعت إيران والقوى الدولية الست صفقة شاملة للتخفيف من العقوبات المالية التي فرضت على البلاد مقابل فرض بعض القيود على المدى البعيد بشأن برنامج طهران النووي.
وقال مصدر في دبي إن الشكوك ما تزال قائمة حول توقيت الرفع الفعلي للعقوبات، ولكن عودة إيران التي لن تتردد في خوض غمار المنافسة في الأسعار في آسيا وأوروبا، تثير بعض التساؤلات في أوساط المنتجين السعوديين، ففي عام 2014م كانت إيران ثانية كبريات الدول الموردة للبتروكيماويات في الشرق الأوسط، بإنتاج محلي يقدر بحوالي 60 % من الطاقة الإنتاجية السنوية للمملكة العربية السعودية البالغة 91.5 مليون طن وفقا لتقديرات قطاع صناعة المنتجات النفطية، ورغم ذلك فإن المنتجين السعوديين عاقدون العزم على مقاومة مسار خفض الأسعار للمحافظة على عملائهم في قطاع البتروكيماويات.
وحول ذلك يقول مصدر مقرب من شركة سعودية منتجة للبتروكيماويات إن شركتهم لن تتجه لخفض أسعار البتروكيماويات رغم حرصهم على الحفاظ على رضا العملاء، وأكد ذلك مصدر ذو صلة بمنتج سعودي آخر بقول: إن خفض الأسعار قد يكون على حساب جودة البتروكيماويات المنتجة، وإن التنافس على أساس الأسعار يمثل حلاً على المدى القصير.
وباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم تحملت المملكة تبعات انخفاض أسعار النفط الذي قلص احتياطياتها من النقد الأجنبي بنسبة 7 % في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، وبحسب صندوق النقد الدولي يتوقع أن يساعد الإنفاق الحكومي الكبير الاقتصاد السعودي على المحافظة على معدل نمو قد يزيد على 3.5 % خلال هذا العام، دون تغيير يذكر عن معدل عام 2014م، مع توقع بعجز سنوي يبلغ خمس الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى المصدر الثاني إن المملكة لن تكون مستعدة لتحمل خسائر مماثلة في عمليات إنتاج البتروكيماويات، فخلال عام واحد تراجع سعر النفط الخام بنحو 60 % من قيمته، في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار منتجات البوليمرات الكبرى، مثل البولي بروبلين والبولي إيثيلين ذي الكثافة العالية، بنسب تراوحت بين 10 و 20 % وفقا لبيانات «آي سي آي أس».
ويقول أحد المتاجرين الذين يبيعون البولي بروبلين في الشرق الأوسط: إن البتروكيماويات، والبوليمرات على وجه الخصوص، ذات هوامش ربح عالية، وإن المنتجين يحاولون المحافظة على هذه الأرباح قدر استطاعتهم.
ويأمل منتجو البتروكيماويات السعوديون أن تسهم جودة بضاعتهم واعتمادية الشحنات في تحقيق بعض الفروق في السوق، ولكن تحقيق هذه الغاية من الصعوبة بمكان حسب معطيات بيئة السوق الحالية، كما يرى بعض المتخصصين في صناعة النفط، فالسعودية بحاجة إلى التنافس على الأسعار، رغم كل ما يقال، في عالم يتجه نحو العولمة، حسب أحد تجار القطاع في دبي.
وقالت مصادر تتخذ من طهران مقرا لها إن الموردين الإيرانيين يمكنهم تقديم عروض أسعار تقل عن أسعار السوق بنحو 50 دولارا للطن في محاولة لكسب عملاء جدد، ويؤكد ذلك مصدر إيراني آخر بقوله: إن الموردين الإيرانيين سوف يفعلون كل ما في وسعهم للحصول على نصيب في السوق، حتى لو كان ذلك على حساب الأسعار. فقد تسببت العقوبات الدولية التي فرضت على إيران، بناء على شكوك بأن البلاد تتجه نحو تطوير سلاح نووي، في خروج موردي البتروكيماويات الإيرانيين من السوق الأوروبية الرئيسية بالنسبة لهم في السنوات الأخيرة، والتضييق على إنتاجهم.
وترى مصادر في صناعة النفط أن التوقيع على الاتفاق التاريخي في الرابع عشر من يوليو الماضي ينبغي أن يشجع إيران على زيادة الإنتاج وتعزيز الصادرات في غضون ستة أشهر. وتعتزم إيران مضاعفة قدرتها في مجال البتروكيماويات إلى 180 مليون طن في السنة بحلول عام 2025م، وذلك من إنتاجها الحالي البالغ 59 مليون طن في السنة، وفقا للشركة الوطنية الإيرانية للبتروكيماويات. ويعني ذلك أن إيران سوف تتجه نحو المزيد من الإنتاج، ما يعني بدوره أن الفائض من البتروكيماويات سوف يؤدي بالتأكيد إلى المزيد من انخفاض الأسعار وفقا لتاجر في آسيا وثيق الصلة بمنتج طاقة رئيسي في إيران.