د. خيرية السقاف
إن كنتَ ذا نفوذ في مجال الصحة، فعليك ألاّ تدع مريضاً يتسول علاجه، أو صريخاً موجوعاً لا مصغياً له، ولا مُعالِجاً يقصر في أدائه، أو يبالغ في أجره، ولا دواء لا يكون متاحاً، ولا جهازاً مختصاً ليس في إمكانية حالة، ولا طارئاً لأحد ليس له حل،..!
فالصحة أول حاجة في أوليات المجتمع، تتقدم كل الحاجات، تعلو قيمتها ، وتدوم بدوام الروح في الأجساد،!!
وإن كنتَ ذا نفوذ في مجال التعليم، فعليك ألاّ تدع معلماً لا يطور خبراته، ولا إدارياً ذا رؤية واحدة في التعامل مع المواقف، ولا مدرسة خالية من مكتبة، ولا مكتبة تصفق فيها الريح، ولا دارساً يتلقن كالببغاء، أو تتقيد معارفه بين دفتي كتب المقررات، ولا نتائج على مسطرة الحفظ، ولا نافذة مغلقة عن التجديد، ولا فرصة لا تنتظر المتميز،!!
فالتعليم نظير الصحة في مكوّنات المجتمع، قوام الحياة، المسؤول عن العقول نظير الأجساد، الدافع لبوصلة الحركة، المسيِّر لدولاب السواقي، ومكنة الإنجاز!!
وإن كنتَ ذا نفوذ في الإعلام، فعليك أن تحذر الغفلة، وتحرص على الراشد، وتميز الألوان، وتفرز الأصوات، وتوقد المصابيح في النهار..
فالإعلام سلاح الوقت، ضربته موجعة، ورميته موغلة، وسقطته قاتلة، وهو المظهر والمخبر، واللسان والجِنان!!
وإن كنتَ ذا نفوذ في المؤسسات الخِدَمية، من الأمن، والمواصلات، والاتصالات، والبيع، والشراء، والتوظيف، والمعاملات المالية، والإرشاد، والإمامة في الصلاة، ونحوها فعليك بالشاردة، والواردة في شأن مسؤوليتك، تضاعف البذل والتجرد، والإنصاف، لا إيغال في مكسب، ولا تفريط في انتباه، ولا تهاون في عدل، ولا غفلة عن حق.
فحاجات الناس فوق كل اعتبار، والصدق في العطاء سيد المواقف، ومتابعة التفاصيل حنكة ورشد، والحزم في النظام قِوام العدالة، ومقياس أداء الأمانة!!
وإن كنتَ ذا نفوذ في أي موقع، بمختلف الأدوار، وحجم المسؤولية، من سور الوطن، لجدار البيت، والمكتب، والشارع، وخبايا الطرقات، والأماكن حيث يكون من تُسأل عنهم، فعليك أن تدرك يقيناً أنّ ما تفعله، سينتظرك عند فتحك بابك أول المستقبلين لك، وأول المجلسين لك مقعد السؤال، وأشد المحرضين فيك صمت الضمير، وأصدق الموقظين عنك لحظة غفلتك،...!!
وإن كنتَ، وإن كنتِ، فإنّ عليكَ، وعليكِ..
فإنّ اليقظة نحو المسؤولية واجب، وسمة، وإنّ البذل المخلص أمانة، ومحك، ومنتهى طموحات المواطنة الصادقة، من الفرد الواحد في المجتمع، فما بال بذي النفوذ من الوزير، لأصغر موظف، ومن الأب لحارس المنشأة، ومن الأم لبائع الرغيف، ومن المعلم لكاتب العبارة، ومن الطبيب لبائع الدواء، ومن الخطيب، لحارس المسجد..؟!!
فالنهضة المرادة بين أيدي الجميع خيوط نجاحها، وعجين مكوّناتها، ورغيف نتائجها.
فابدأ بنفسك في قافلة اليقظين إن كنتَ رجلاً ذا نفوذ، أو كنتِ امرأة، باختلاف درجات النفوذ، فعليكَ، وعليكِ، حين تكون الأدوار مسؤولية، ونفوذاً!!