جورج وويدون سميث ">
الفصل العاشر
16 نوفمبر: استيقظت عشرين مرةً تقريبًا خلال الليل شاعرًا بعطش شديد، فقضيت على الماء في القوارير كلها، بالإضافة إلى نصف ما في الإبريق، كما ظلت الأحلام تراودني بأن حفلة ليلة البارحة كانت فاشلة جدًا، وأن الكثير من الناس المنحطين جاؤوا دون دعوة، وأنني ظللت أمازح السيد بيركب وأرميه بالأشياء، إلى أن اضطررت أخيرًا إلى إخفائه في المخزن (الذي اكتشفناه مؤخرًا) وغطيته بمنشفة. قد يبدو الأمر عبثيًا الآن، لكنه كان حقيقيًا جدًا في الحلم، فقد تكرر حوالي اثني عشرة مرة. أظنني أتخمت نفسي بتناول الكثير من الأطباق الجانبية كما يسميها النادل. قلت لكاري: أتمنى لو أنني نحّيت هذه الأطباق الجانبية جانبًا، وكررت قولي لكنها كانت مشغولة في جمع الملاعق التي استعرناها من السيدة كومينجز للحفلة. كانت الساعة الحادية عشرة والنصف وكنت أستعد لمغادرة المكتب حين جاء لوبين بوجه أصفر وقال: مرحبًا! ما بال رأسك هذا الصباح؟ فطلبت منه أن يتحدث إليّ بأدب، فأضاف: عندما استيقظت هذا الصباح كان رأسي كبيرًا بحجم منطاد بالدوين*. واستغللت اللحظة لأقول الرد الأذكى لي على الإطلاق، ثم انفجر كلانا بالضحك!
17 نوفمبر: ما أزال أشعر بالتعب والصداع! جاء جوينج مساءً وأفرط في مديح حفلتنا. قال إن كل شيء كان معدًّا كما يجب، وأنه استمتع كثيرًا. يستطيع جوينج أن يكون شخصًا لطيفًا عندما يريد ذلك، لكنك لا تستطيع معرفة حتام يدوم ذلك، فقد وقف عند العشاء في حضور الخادمة وقال عند رؤيته بعض الحلوى: مرحى! هل هذه بقايا يوم الأربعاء؟
18 نوفمبر: استيقظت منتعشًا بعد أن أخذت قسطًا جيدًا من الراحة ليلة البارحة، واستعدت طبيعتي ثانية. كنت مقتنعًا أن الحياة الاجتماعية والاختلاط بالآخرين نمط لا يناسبني، لذا رفضنا الدعوة التي وصلنا هذا الصباح إلى حفل زفاف الآنسة بيرد. كنا قد التقينا بها مرتين فقط في منزل السيدة جيمس، وكان الحضور يعني شراء هدية لها. قال لوبين: أتفق معكما هذه المرة، فحفلات الزفاف هي مسرحية مملة، فيها ممثلان هما العريس والعروس، والإشبين ليس أكثر من رجل يمشي. باستثناء الأب الباكي والأم الناحبة، فإن بقية الحضور هم كومبارس بملابس أنيقة وعليهم أن يدفعوا مقابل أدوارهم التافهة بإحضارهم الهدايا. لم أكترث بالتعابير المسرحية التي استخدمها لكني وجدتها عبارات ذكية رغم قلة تهذيبها!
أخبرت الخادمة ألا تحضر الحلوى مع الإفطار، لقد كانت تجلبها مع كل وجبة تقريبًا منذ يوم الأربعاء! جاء كومينجز مساء وهنأنا على نجاح الحفلة، وقال إنها أفضل حفلة دعي إليها منذ سنة، لكنه تمنى لو أننا أخبرناه أن يحضر ببدلة رسمية، بدلًا من المعطف المشقوق الذيل الذي ارتداه. جلسنا نلعب الدومينو وقاطعنا ضجيج قادم من المدخل، لقد كان لوبين وفرانك مولتر. طلبنا منهما كومينجز وأنا أن ينضما إلينا، فقال لوبين إنه غير مهتم بلعب الدومينو واقترح أن نلعب لعبة أخرى بدت لي مما اعتاداه في نادي هالواي الكوميدي. رغم أوامري للخادمة بشأن الحلوى، وجدت أنها قد وضعتها على طاولة العشاء ولتزيد الأمر سوءًا يبدو أنها حاولت إخفاءها بوضعها في صحن زجاجي وتزيينها بالمربى، عرضت كاري على لوبين بعضًا منها فقال: لا شكرًا، لا أحب السلع المستعملة! فقلت لكاري حين أصبحنا وحدنا أنني لو رأيت الحلوى على طاولة الطعام مرة أخرى فسأترك المنزل.
19 نوفمبر: إنه يوم هادئ وسعيد! خرج لوبين بعد الظهر لقضاء بقية اليوم مع آل مولتر، وقد كان يبدو سعيدًا جدًا، فقالت كاري: حسنٌ، هذه الحسنة الوحيدة لخطبة لوبين لديزي، فالولد يبدو سعيدًا طوال اليوم، وهذا ما جعلني أعترف أنها تبدو خطبة متهورة. تحدثنا حول الأمر أنا وكاري طوال المساء واتفقنا أن الخطبة السريعة لا تعني زواجًا تعسًا بالضرورة، وذكرتني كاري الغالية أننا تزوجنا باكرًا، وباستثناء بعض المشاكل القليلة لكن لم يحدث بيننا خلاف حقيقي. لم أستطع التوقف عن التفكير ( كما قلت لها) أن نصف مسرات الحياة تأتي من النزاعات الصغيرة والبؤس القليل التي على المرء أن يعانيها في بداية حياته الزوجية. وتحدث هذه النزاعات عرضيًا بسبب الحاجة لكنها غالبًا تقوي علاقة الأزواج وتقربهم من بعضهم البعض أكثر. أبدت كاري إعجابها بما قلت ووصفتني بالفيلسوف. لا بد أن أقول إنني زهوت بإطراء كاري لي، أنا لا أحاول التعبير عن رأيي بلغة منمقة، لكني أشعر أن لدي القدرة على التعبير عن أفكاري ببساطة ووضوح. حوالي الساعة التاسعة دهشت لرؤية لوبين يدخل بهيئة غاضبة ونزقة، وتحدث بصوت أجوف بدا لي تمثيليًا. جلسنا جميعًا نقرأ في صمت حتى العاشرة، ونهضنا بعدها أنا وكاري للذهاب للفراش، فسألت كاري لوبين: هل ديزي بخير؟ فقال لوبين بشكل لا مبال لا بد أنه تعلمه من نادي هالواي الكوميدي: أوه ديزي؟ هل تعنين الآنسة مولتر، لا أعرف إن كانت بخير أم لا، لكن رجاء لا تذكري اسمها ثانية في حضوري!
20 نوفمبر: لم أر لوبين طوال اليوم. اشتريت دفتر عناوين رخيصًا، وقضيت أمسيتي في نقل أسماء أصدقائي وعناوينهم ومعارفي، ليس آل مولتر طبعًا.
** ** **
* منطاد بالدوين: بالدوين هو قائد منطاد أمريكي وضابط في الجيش الأمريكي إبان الحرب العالمية، وقد كان أول أمريكي يهبط من المنطاد باستخدام المظلة
- ترجمة/ بثينة الإبراهيم (بتصرّف)