في عام 2008م قرّرَ صاحبكم أن ينشئ بريدًا شبكيًا يهدف من خلالهِ إقامة جسور من الحوارات مع أشخاصٍ من أنحاء المعمورة بغض النظر عن دياناتهم أو انتماءاتهم العرقية والمذهبية والطائفية . استطاع صاحبكم أن يصل -افتراضيا- لحدود جغرافية بعيدة - واقعيا- لا يسعه الوصول إليها في ذلك الوقت.
أكثر من خمسين شخصاً أُضيفوا في ذلك -الإيميل- ، قضى صاحبكم وقتاً ممتعاً في محاورة أولئك الأشخاص في نقاشات حرّة، تارة تكون محتدمة وتارة أخرى تكون هادئة؛ ولكن كان الاختلافُ لا الخلاف هو السائد في تلك الحوارات للوصول لنتائج تفيد الجميع .
لم تخلُ تلك الحوارات من القصص والحكايات التي توصف بالغرابة والعجب والألم .
في أحد مساءات 2009م أضاف صاحبكم -إيميلاً - عثر عليه مصادفة في أحد تعليقات القراء على خبر حول المسلسل السوري الذائع الصيت : باب الحارة في موقع العربية نت .
عرف صاحبكم بأن صاحبة -الإيميل - من سوريا اسمها سما ، كانت بيني وبين سما حوارات جلّها حول الوضع في سوريا و مناطق الشام وكانت ترسم لوحاتها وترسلها إلي في بريدي قبل الربيع العربي!
غابت فجأة وانقطعت العلاقة معها؛ حتى عادت العلاقة معها في عام 2011م تغير الوضع في سوريا والعالم العربي وكل أحاديثنا تحولت إلى قراءة للأحداث بسوريا وكانت سما تخبرني بتفاصيل المظاهرات وكأنني على مرمى حجر منها، تغيب عني تارة وتعود تارة أخرى وذلك لسببين إما بسبب انقطاع الكهرباء أو بسبب انقطاع الإنترنت عن حماة . وما زلت أذكر إخبارها لي بخبر استشهاد الفتاة السورية ذات السبعة عشر عاماً -نسيت اسمها- قبل إذاعة الخبر في القنوات الفضائية العربية وكذلك إخبارها لي بقصة قصف قوات المجرم الأسد لبيت جدها ومآسٍ كثيرة أصبحت أعايشها وكأنني في قلب الحدث هناك .
اشتعلت الكرة النارية للأحداث وزاد لهيبها أكثر وأكثر وكبرت وغابت سما - الحموية- ولست أدري إن كانت حية ترزق أو اكتوت بتلك الكرة النارية ورحلت مع قوافل الشهداء..
لم أكن أتخيل أبدا بأن ذلك - الإيميل- الذي عثرت عليه مصادفة سيجعلني قريبا من بعض الأحداث في سوريا هناك .
في شهر مارس من عام 2013م ألغت شركة مايكروسوفت برنامج المحادثة الشهير -الماسنجر- والذي كنتُ أجري فيه محادثات مع سما ومع الأشخاص الآخرين من أرجاء المعمورة ندم صاحبكم ؛ لأنه لم يحفظ شيئا من تلك الحوارات المثيرة وتبخرت كل تلك الحكايات ما عدا ما هو باق في الذاكرة وسما أجمل الحكايات العالقة في ذهني -بالرغم من مرارتها ومن أنها حكاية في ظلّ الإلكترون -!
- حمد الدريهم