د. عبدالعزيز الجار الله
فكرة إقامة المهرجانات التي تنطلق من أسواق العرب القديمة هي فكرة نموذجية لربط ماضي الأمم بحاضرها. سوق عكاظ الذي يقام هذه الأيام في الطائف يحاول أن يربط ماضي الطائف في حاضره، ربط الممالك العربية القديمة في حاضرها الزاهر، كما يحاول استعادة وهج اللغة العربية وبريقها البلاغي كما أحبها العرب، لكن الأبرز في جادة عكاظ هي الطائف وناسها:
أولاً: إنسان الطائف الذي لا نذكره إلا في الصيف، نصطاف عنده حين يكون الحر وسط المملكة حد الاشتعال، والمدن في السواحل تحبس الأنفاس من الرطوبة حد الاختناق، ونغادره حين يظهر نجم سهيل في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر يقال (إذا دخل سهيل برد الليل، لا تأمن السيل) فتغادر الناس الطائف على شكل قوافل تعود الى مدن الداخل ودفء السواحل.
ثانياً: تحول محافظة الطائف لمدينة للمتقاعدين، حقيقة صادمة وان كانت تجد الترحيب من بعض الأهالي، لكن الطائف لها طموح الشباب وتطلع جيل من الأبناء الذي يرغب أن يرى مدينته تحقق كل الأهداف السياحية والاقتصادية والحضارية.
من هذه الأبعاد فيما أعتقد جاء تفكير الفيصل، أمير مكة المكرمة خالد الفيصل، في استثمار التاريخ والعودة بقوة إلى الداخل عبر سوق عكاظ بجعله بوابة للاستثمار الداخلي وإنعاش الطائف بلفت الأنظار إليها كمدينة تاريخية لها عمق حضاري في تاريخ العرب، أيضاً كجارة قريبة من أطهر البقع والمقدسات. سوق عكاظ لا يعني عودة للماضي والى ديوان العرب، هو جذب سياحي واقتصادي واستثماري لمدينة تعتبر بوابة مكة المكرمة البرية لشرق العالم الإسلامي، هي بوابة للطرق البرية، السيارات والقطارات، تخدم حجاج الخليج والعالم الإسلامي.
لا أحد يحب أن تتغير أنماط مدينته لكن الموقع الجغرافي للطائف - بالنسبة لطبوغرافية المملكة - يميزها بخواص المدن الجاذبة، أيضاً مجاورتها لمكة المكرمة يجعلها قادرة على تحول نمطها من مدينة موسمية إلى مدينة محورية لمن في غرب وجنوب المملكة.