عبد الله باخشوين
.. من قبول الفلسطينيين بدولة مقسومة بين ((غزة)) و((أريحا)) بدأ تطبيق فكرة تقسيم الدول إلى ((دويلات)) في الشرق الأوسط.
طبعاً سوف نستثنى دول ((البلقان)) التى عادت لوضعها التاريخي الذي كانت عليه منذ القرون الوسطى.
لكن خارطة الشرق الأوسط تختلف.
ذات مرة وإبان فورة ((الربيع العربي)) قال بنيامين نتنياهو معلقاً على الأحداث:
((سوف تعود خارطة الدول العربية إلى ماكانت علية قبل عام 1938))
هذا - طبعاً - بعد أن وضعت إسرائيل خارطة الدول الفلسطينية على أرض الواقع بقبول فلسطيني للدولة وتناحر على طريقة إدارتها.. فأرض فلسطين - سواء شئنا أم أبينا - منذ أيام الانتداب البريطاني في عشرينيات القرن الماضي.. لم تكن تخضع لمفهوم الدولة الموحدة.
لكن ماذا عن بقية الدول العربية.
بعودة اليمن لدولة شمال وجنوب.. يعود الوضع التاريخى على الأرض إلى ماكان عليه قبل الوحدة التى تمت في تسعينيات القرن الماضى.
لكن ها هي الأصوات تعلو على لسان مسؤول أمريكي هذه المرة.. يقول إن تقسيم العراق لدولة شيعية وأخرى سنية قد يكون هو الحل الوحيد القابل للتطبيق على أرض الواقع في العراق.. ويبقى الشعب الكردي في وضعه التاريخي المقسم على أربع دول.. ففي الطموحات الكردية يسعى أكراد العراق لإقامة دولتهم العراقية دون الإشارة من قريب أو بعيد لفكرة إنشاء دولة كردية موحدة.
وقبل هذا أو ذاك تم تقسيم السودان - برعاية دولية - إلى دولتين شمالية وجنوبية.. ويخضع لبنان لحكم دويلات الطوائف من عدة عقود وتتجه سوريا لهذا ((الحل)) بعد خروج الأسد وبناء دولة ديمقراطية ستقوم على المحاصصة بالتأكيد.. وفى ليبيا كادت تنتهي فكرة الدولة الموحدة في ظل طموحات العشائر.. التي وصلت إلى بدو سيناء الذين توجد فئة منهم تريد العبث بوحدة الأراضي المصرية.. وما تزال مشكلة الصحراء المغربية قائمة تجد من يدعم فكرة خروجها عن الأرض المغربية وإقامة ((دولة صحراوية)).
وعلى أرض الواقع التاريخي لم يبق سوى المملكة العربية السعودية التي أسسها جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز قبل نحو مئة عام وحظيت باعتراف جميع دول العالم دون استثناء.. وبعد المؤسس اتضحت الخطوط العريضة لتقاليد الحكم فيها عندما قام جلالة الملك فيصل رحمة الله عليه بفرز مفاصل الدولة.. ووضع إخوته في مناصبهم فعين خالد ولياً للعهد.. وفهد نائباً ثانياً ووزيراً للداخلية.. وعبدالله رئيساً للحرس الوطني.. وسلطان وزيراً للدفاع.. ونايف نائباً لوزير الداخلية.. وتركي نائباً لوزير الدفاع ومن بين كل التغيرات التي شملت إمارات المناطق بقي سلمان أميراً لمنطقة الرياض.
بعد ذلك أضاف الملك عبدالله لمفاصل بناء الدولة ((هيئة البيعة)) ومنصب ((ولي ولي العهد)).
وبعد أن أصبح سلمان بن عبدالعزيز ملكاً للبلاد.. أضاف لها أهم إنجاز في تاريخها.. حين وضع طليعة شباب العائلة المالكة على دفة القيادة وجاء بجيلين أحدهما يمثله ولي العهد محمد بن نايف ((تجاوز سن الخمسين)) والثاني ولي ولي العهد محمد بن سلمان ((في منتصف الثلاثينات)).
هذة الخطوة - الإنجاز- تتفاعل مع كل متطلبات إدارة الحكم في البلاد خاصة ونحن نعرف أن بين سكان المملكة ما نسبته 70% هم تحت سن الثلاثين الأمر الذي يضمن للقيادة التفاعل مع شعبها والتفاعل مع أحلامها وطموحاتهم عن قرب.. ليبقى كل الشعب متلاحماً ويقف صفاً واحداً ضد الإرهاب.. وضد كل من تسول له نفسه التفكير - مجرد التفكير - في الإساءة لوحدة هذه البلاد.. التي تعتبر رائدة في وحدتها في مواجهة شرق أوسط مريض تطحنه رحى الحروب العشائرية والطائفية.. وتقوده لهاوية التمزق.. لتحقق أحلام مريضة يديرها أناس يملكون المال الذي ينفق لإدارة حروب الطوائف.. وهم يعلمون أن كل ما ينفق ليس الهدف منه الإصلاح.. لكنهم يقدمونه كنوع من الاستثمار الذي يعرفون أنه سيعود عليهم أضعاف مضاعفة لو أن مخططاتهم نجحت وأحلامهم تحققت.
اللهم احمِ بلادنا من الذي يريد أن يعبث بأمنها ووحدتها واستقرارها.. ومن أولئك الذين أرهقتهم أحلامهم وكفروا بأوطانهم وسلموا إرادتهم للشيطان الرجيم.