التأكيد على عدم حدوث مبيعات حكومية في «الأسهم» يطمأن المستثمرين ">
الدمام - فايز المزروعي:
أكد اقتصاديون ومحللون ماليون، أن انخفاض مؤشر الأسهم السعودية نتج عن تأثير الأخبار السلبية للأسواق العالمية، سواء المخاوف من بطء نمو الاقتصاد الصيني، أو تقلبات أسعار النفط، وحالة الضبابية التي تسيطر على نمو الاقتصاد العالمي. ووصف المحللون لـ«الجزيرة» التصريحات الأخيرة لمصدر المسؤول بعدم قيام الجهات الحكومية ببيع أسهمها لتوفير السيولة بالإيجابية، وتدعو للاطمئنان، ولكن تأثير هذا التصريح سيكون على المدى القصير، ثم ما يلبث السوق أن يستوعبه، مؤكدين في الوقت ذاته أهمية وضرورة وجود صناع للسوق الذي أصبح حالياً بحاجة ماسة لإعادة هيكلته وتنظيمه، وفرض الرقابة الصارمة على تداولات كبار الملاك فيه، وتعديل نسب التملك، بالإضافة إلى القضاء على التداول بناء على المعلومات الداخلية للشركات. وأكد المحلل محمد العنقري، أن الانخفاض الحالي في مؤشر السوق ذو صلة بتأثير من الأخبار العالمية، ومخاوف بطء نمو الاقتصاد الصيني، وتقلبات أسعار النفط، وحالة الضبابية على نمو الاقتصاد العالمي، خصوصاً أن هذه الفترة لا توجد أخبار من داخل السوق، فآخر الأخبار كانت حول نتائج الربع الثاني، بينما المرحلة الحالية عادة ما تقوم فيها المحافظ والصناديق عموماً بإعادة توزيع مراكزها وفقاً للتوقعات المستقبلية، والتي من المفترض فيها وجود حالة تذبذب عامة، لكن الهبوط القوي الذي حدث كان بتأثير خارجي أكثر منه داخلياً، حتى ولو لم يكن منطقياً أو مبرراً لحجم الهبوط، لكن في الأسواق التي يغلب فيها تداول الأفراد، ولا يكون فيها أدوات تداول متعددة وصناع سوق مرخصين، تكون معرضة للتذبذب القوي في كلا الاتجاهين. وأضاف العنقري: التصريحات الرسمية التي نفت أي بيوع من قبل صناديق حكومية كانت مهمة لنفي الإشاعات التي ظهرت بالسوق، ويعد تصريحاً مطمئناً للمستثمرين، حيث إنه من المعروف أن الصناديق أو المؤسسات الحكومية التي تستثمر في السوق المالي استراتيجيتها طويلة الأمد، ولا تتحرك إلا وفق رؤية استثمارية، ولا تنظر للتحركات بالسوق على المدى القصير. وتابع العنقري: سيكون هناك استقرار أكثر بالسوق مع ظهور مزيد من الأخبار التي تعطي تصوراً أوسعاً عن حالة الاقتصاد العالمي، وكذلك المحلي الذي ما زال زخم النمو فيه جيداً، والوضع الاقتصادي يسمح باستمرار النمو لسنوات مع البدء بإعلان نتائج الربع الثالث أو عندما نقترب منها، وستعود النظرة إلى المعطيات المالية والاستثارية عموماً، وما يتولد من فرص تجذب المستثمرين.
نظرة فنية لحركة المؤشر العام
وأوضح المحلل مساعد السعيد، أنه بنظرة فنية لحركة المؤشر العام من الممكن أن نفصل نظرتنا للمؤشر بثلاث نطاقات زمنية، الأول منها المدى البعيد، والثانية المدى المتوسط، والثالثة المدى القصير، فعلى المدى البعيد نجد المؤشر العام داخل اتجاه عام وصاعد تاريخياً، وما زال محافظاً عليه، وما يحدث هو موجات ثانوية داخل اتجاه أساسي، أما المدى المتوسط فهو داخل موجه تصحيحيه (هابطة) ابتدأت من القمة (11159) وما زال في معمعتها مكوناً قمماً وقيعان هابطة داخلها لم تغير اتجاهها التصحيحي الهابط حتى الآن، أما المدى القصير فمن الطبيعي التذبذب والارتدادات العرضية، عندما تصل المؤشرات لتشبع البيع، ثم مواصلة المسار بالاتجاه الذي تسير عليه موجة المدى الأكبر وهو المدى المتوسط بالاتجاه الهابط، وقال السعيد: أما أسباب تشكل هذه المسارات، فالاتجاه العام التاريخي الأساسي لا يتأثر بمؤثرات طارئة مهما كانت حدتها، ولا يتأثر إلا بمؤثرات جوهرية أساسية، وأما المدى المتوسط فيتأثر مباشرة بالظروف المحيطة، كهبوط أسعار النفط، وما يحدث في الأسواق العالمية مثل مشكلة اليونان بمنطقة اليورو، وتراجع النمو بالاقتصاد الصيني، والتغير المفاجئ بأسعار صرف العملة الصينية، إلى جانب انتظار رفع الفائدة على الدولار، أما على المدى القصير فيتأثر في الاخبار التي تخص المتداول اليومي (المضاربين) فهم يتجاوبون سريعاً مع الأحداث والأخبار الآنية، بغض النظر عن تأثيرها للمستقبل البعيد. وأضاف السعيد: أما ما يخص تصريحات المصدر المسؤول بعدم قيام الجهات الحكومية ببيع أسهمها لتوفير السيولة، فتأثير التصريح سيكون للمدى القصير، ثم ما يلبث السوق أن يستوعبه، وهنا تبرز الحاجة لوجود صانع سوق حقيقي يخفف من تأثير التقلبات والتذبذبات على حركة الأفراد في البيع والشراء تحت الضغوط النفسية والتي تؤدي إلى التدافع العشوائي، سواء بالبيع عند الهبوط أو بالشراء عند الصعود. وخلص السعيد، إلى أن السوق ما زال في موجة تصحيح قوية، ومتوقع الارتدادات داخل هذه الموجة (قمم هابطة) حتى يعطي إشارة الانعكاس وإنهاء هذا التصحيح، حيث أنه من أهم الدعوم التي تواجه السوق هو مستوى 7700 نقطة، وفي مثل هذه الظروف عادة تستغل السيولة الذكية بناء مراكز جديدة كاستثمار للمدى الطويل، لذا من المتوقع بعد انتهاء التصحيح أن يطرأ تغير ملحوظ بسلوك السوق نظراً لدخول جهات جديدة تريد الاستثمار على المدى الطيل، خاصة إذا علمنا أن السوق مفتوح حالياً للمستثمر الأجنبي.
السوق بحاجة ماسة اليوم لإعادة هيكلته وتنظيمه
إلى ذلك قال المحلل المالي هشام الوليعي أن سوق الأسهم شهد هبوطاً قاسياً لسبعة أيام متواصلة، وساعد على هذا الهبوط تراجع التداولات بعد إعلان الشركات لنتائجها للنصف الثاني من العام الجاري، والتي شهدت اتخفاضاً أعطى صورة على الضغط الذي مارسه استمرار تدني أسعار النفط واقترابها من أدنى الأسعار التي شهدتها الفترة الماضية، في ظل استمرار حرب الإنتاج النفطي بين دول أوبك وروسيا من جهة، والنفط الصخري الأمريكي من جهة أخرى، بالإضافة إلى البيانات السلبية التي تأتي من الصين، واستمرار ارتفاع الدولار الأمريكي والذي له الأثر الحالي والمستقبلي في استمرار تراجع المنتجات والسلع عموماً. وقال الوليعي: هذه الأسباب وغيرها لا تبرر الانخفاضات العنيفة الحاصلة، واستمرار تكبد المستثمرين لخسائر جسيمة غير منطقية تتكرر بشكل دوري، كان آخرها الهبوط العنيف الذي تكرر بنهاية العام الماضي، وذلك دون ايجاد حلول لكبحها والحد منها، وايجاد الوسائل الفاعلة لضبط السوق وحماية أصول واستثمارات المتداولين، ولو جمعنا جميع الأسباب والمبررات السلبية التي أدت لسلسة هذا الهبوط، ومهما قيل عن سلبية أسعار النفط وتدني أسعار المنتجات البتروكيماوية، وارتفاع مكررات السوق، وإصدار الحكومة سندات لمواجهة العجز المتوقع، فهي لا ترقى لأن تصبح أزمة بالمعنى الذي نشاهده أو يسوغ له. وشدد الوليعي، على أن سوق الأسهم بحاجة ماسة اليوم لإعادة هيكلته وتنظيمه، وفرض الرقابة الصارمة على تداولات كبار الملاك فيه، وتعديل نسب التملك، بالإضافة إلى القضاء على التداول بناء على المعلومات الداخلية للشركات، والسماح للشركات بشراء أسهمها، وكذلك السماح للصناديق الاستثمارية والشركات المالية بأخذ زمام «صانع سوق» والسيطرة على حركة الأسهم الواقعة تحت مراقبتها، إلى جانب إرساء مزيد من الشفافية وخروج المتحدثين الرسميين من جهات عدة للتصريح والتوضيح الدوري ونفي الإشاعات بالأرقام والبيانات لكي لا تستمر هذه المعاناة عاماً تلو الآخر.
التحوط والحذر من قبل المستثمرين
من جهته، أكد عبدالله فرحان الغامدي – مستثمر في السوق- أن هبوط أسعار النفط وأخبار أسواق المال العالمية، أثر بشكل سلبي على سوق الأسهم في أغلب قطاعاته، خصوصاً القيادية منها، حيث سيكون هناك تأثير واضح وكبير لأسعار النفط في حال عدم تحسنها على انخفاض أرباح الشركات في الربع الأخير من 2015، والنصف الأول من 2016. وبين الغامدي، أن التصريحات الأخيرة بعدم قيام الجهات الحكومية ببيع أسهمها، تعد إيجابية وتدعو إلى مزيد من الاطمئنان، مشدداً على أهمية التحوط والحذر من قبل المستثمرين، وعدم الانسياق وراء الشائعات، والعمل على دراسة وضع السوق بشكل جيد قبل الاستثمار فيها، حتى وإن كان هناك نظرة تفاؤلية، إضافة إلى عدم إغفال الأحداث السياسية والأزمات المالية العالمية واحتمالية انعكاساتها على السوق، حتى مع قيام الجهات المعنية بممارسة دورها في حماية السوق من المؤثرات الخارجية اعتماداً على أساسيات السوق المحلية وقوة مؤشراته وزيادة معدلات نموه. ولفت الغامدي إلى أن أسواق الأسهم عموماً تعد من الأسواق ذات الدرجة العالية في المخاطر وغير مأمونة، لذا لابد على المستمرين والمتداولين للسوق الاستفادة من الخبرات السابقة في أسواق الأسهم، وعدم المغامرة والاجتهاد الشخصي أو الاستثمار على معلومات غير دقيقة، إضافة إلى أهمية دراسة أوضاع الشركات والسوق جيداً، ومتابعته متابعة دقيقة، وليس الانسياق وراء الشائعات.