تعليقاً على مقال الكاتب أحمد الأحمد (قاتلوا من أجل الحب تنتصروا) في عدد يوم الأربعاء 27 شوال 1436هـ فهناك أنواع عديدة من الحب العائلي والصداقة والألفة والمودة، نحن نجهلها كلها ولم نتعلمها ولا ندرك كيف نطبقها، ولست هنا بصدد التعميم إنما أتحدث عن السلوكات الأكثر شيوعا في مجتمعنا الشرقي
أخص هنا في موضوعي الحب بين رجل وامرأة، لماذا لا نعرف كيف نحب؟
الإجابة في رأيي بسيطة
تعود إلى التربية التي نتلقاها مند نعومة أظفارنا
أغلبنا تربينا تربية تخلو من الحب في أبسط أشكاله وخاصة الحب بين الوالدين
من منا رأى أبوه يعانق أمه في وضح النهار (ولا أتكلم عن بعض الحالات القليلة التي يجيد فيها الوالدين فن الحب)؟
من منا رأى إشارات الحب بين والديه: قبلة، حضن، قبض اليدين، وما يشبه ذلك؟
أو على أقل نظرات حب بين والديه؟
لقد تعودنا على أن نراهم في وضح النهار يعاملون بعضهم بكل جفاف وبرودة مثلما هي أغلب معاملاتنا وكل إشارات الحب الجسدية تحدث في غرفة النوم بين أربع جدران وفي الليل فقط، وما تعودت أعيننا على رؤيته رسب في أذهاننا وعقلنا الباطني بأن الحب عيب أو لا يليق بكبار السن أو ربما لا يوجد حب بين المتزوجين .
أذكر أن أخي الصغير عندما كان في طفولته كان يظن أن أبي ابن أمي مثلما نحن كلنا أبناؤها لأن في عقله الصغير لم يستوعب فكرة الزواج لكن بسبب نقطة ثانية وهامة جدا لم يرى فرقا بين معاملتنا مع أمنا ومع أبي، فهو ينتظر أمي أن تقدم له الغذاء والعشاء وينصرف إلى عمله لا يقبلها ولا يخصها بكلام حلو، مستحيل أبدا أن يحمل مهام البيت معها أو يساعدها بشيء وفي عقل أخي الصغير قارن بين سلوكه وسلوك أخيه فرأى أنه متطابق فاستنتج أن أبي ابن أمي كذلك.
هذه ملحوظة صغيرة تشير إلى التربية العقيمة الخشنة التي تربيناها، قليل جدا أن نجد زوجا يعبر عن حبه لزوجته أمام أبنائه سواء باللمسات أو بالكلام الجميل أما المرأة فحدث ولا حرج وقد تدفعها طبيعتها الرومانسية أن تتمنى لو زوجها يمسك يدها ويحنو عليها لكنها تعرف أن الحب تابو لا يمارس سوى سرا في غرفة النوم في الليل وذلك في أحسن الحالات فتقمع رغبتها وتكبتها.
أما الزوج فهو يا إما يدرك أن الزواج فقط مجرد واجهة أمام المجتمع وأهله ولم يحب زوجته يوما، أو ممكن اشتهاها فترة الخطوبة وماتت شهوته بعد الزواج ولم يعد يرغبها وعاد لعشيقاته التي يخصهن بكلمات الحب وكل إشارات الحب الجسدية والبهيمية إن شئتم أو ربما لا يخون زوجته لكنه سيظل يعاملها بجفاف لأنه لا يعرف ثقافة الحب.
الأطفال الذين يكبرون في هذا الجو يترسخ لديهم فكرة أن الزواج مقبرة الحب مثلما يروج له ويصبحون بدورهم أزواجا فاشلين، ربما سيحبون في فترة الشباب وتتقد مشاعرهم وتشتعل، ثم لا يلبثون بعد الزواج أن تفتر مشاعرهم ويبحثون عن اللذات في أماكن أخرى لأنهم لم يفهموا أبدا ما هو الحب.
الحب ليس مشاعر ملتهبة وتأوهات وعذاب وشوق ليالي هذا مفهوم خاطئ تروج له الأغاني والأفلام الرخيصة التي لا هم لها سوى الربح التجاري والمادي فقط
الحب مسؤولية والتزام ومشاركة أفكار ومشاريع ونظال حياة.
الحب هرم يجمع بين الروح والجسد والعقل ولا يقوم فقط على الجسد، قوام ممشوقة أو صدر ناهد ووجه جميل.
وسنظل فاشلين في الحب بسبب تربيتنا وغالبا ما نفشل في تجاوز موروثنا الثقافي البيئي الذي يكبل تصرفاتنا وتلزمنا إرادة من حديد لتجاوزه.
لذلك لمن يقرأ كلماتي أناشده أن يراجع نفسه وإن كان له أطفال فليربيهم تربية حسنة ويلتفت لشريك حياته وليتعلم أن يحبه.
لم يفت الأون أبدا أن نصلح من أنفسنا.
سلمى المهنا - جده