محمد عبد الله الحميضي ">
يختلف التعبير عن الشكر والقناعة بين شخص وآخر وبين أفراد مجتمع وآخرين مع اختلاف طبيعة المعيشة والمستوى الاجتماعي لكل مجتمع فمنهم من يرى أن الشكر وإبراز آثار النعمة وهو بمجرد امتلاك سكن ووسيلة مواصلات وراتب يكفي متطلباته العادية وضروريات الحياة التي تكفل له العيش دون الحاجة لأحد وبعيداً عن مظاهر الحياة وكمالياتها، معتبراً أن هذه تكفيه ويشكر الله ويردد دائماً إننا بخير ونعمة لا يسأل الناس ولا يطلب المزيد، وآخرون يرون أن في امتلاكهم لرصيد في البنك قد يتجاوز مئات الآلاف أنها قليلة ويعتبرون أن حالتهم ضعيفة ويطلبون المزيد ويشتكي كل منهم من سوء الحال ولا يتردد في طلب المزيد من أي جهة كانت مدعياً فقره وأنه ليس بخير وحالته ضعيفة ومطمعة في الدنيا كبير يضاهي الأغنياء وأصحاب الملايين ويستكثر الشكر لله على النعم التي حصل عليها.
وهناك آخرون يخشون الفقر رغم الأرصدة والأصول الثابتة والتجارة الكبيرة ولكن همهم الدنيا ويعيش الواحد منهم في قلق دائم له ولمن حوله وحاله في الحزن والخوف والقلق أصعب من حال الفقير الذي يشتكي الفقر ويردد كل ما أخشاه هو الفقر، وفي المقابل قلوب مؤمنة بالله عرفت أن الرزق من عند الله وأنه كتب لكل إنسان رزقه لا يقدر أحد على أخذه منه ولا يستطيع أحد أن يأخذ رزق غيره آمنوا بربهم وتوكلوا على من كفل لهم رزقهم بمقدار قدره الله وأنزل على قلوبهم السكينة ونزع من قلوبهم حب الدنيا والجري وراء المادة وزخارف الحياة الزائلة. ففي إحدى القرى يعيش أحدهم عيشة الكفاف لا يملك من الدنيا شيئاً سوى قوت يومية وعندما أعطي مبلغاً من المال كزكاة أو صدقة رفضها وقال: لا أستحقها ودار نقاش طويل لم يتم إقناعه أنه من أفقر الناس المسجلين في الضمان والجمعيات الخيرية حتى الأيتام أغنى منه لكن دون فائدة.
وفي المقابل يتسابق الكثير إلى الجمعيات الخيرية ممن يملكون الآلاف بل الملايين المخفية ليحلفوا أنهم فقراء ليأخذوا من الزكاة، ورغم ذلك لا يقدرون أن هناك أناساً محتاجين وأنهم لا يحل لهم ما أخذوه ويبقى عهدهم مع الله هو الفاصل بينهم وبين من يطلبون منهم العون والمساعدة. نفوس لا تشبع ولا تعرف الشبع وتبحث عن المال رغبة في الثراء أو زيادة في الصرف على الكماليات. وآخرون وهم قلة ونادرة تعيش بقناعة تامة وتردد دائماً الحمد الله نحن بخير.
- شقراء