عثمان بن عبدالمحسن العبدالكريم المعمر ">
كثير من وسائل الإعلام المكتوبة بما فيها من صحف سيارة وكتب منشورة ووسائل بث إذاعية ومرئية وإلكترونية في أيامنا هذه تتحدث عن بعض البلدان العربية والإسلامية بأنها تتبع المذهب الوهابي وأن أهلها أو جلهم وهابيين وأنهم يسعون جادين لنشر المذهب الوهابي الذي يصمونه بالتعصب والتطرف، وإلى خلاف ذلك من الأوصاف التي يراد بها إفزاع من لا يعرف عن الدين الإسلامي إلا النزر اليسير.
التخويف من هذا المذهب وأتباعه ممن ينعتونهم بالسلفيين والمحمديين، وإلى ما هنالك من الأوصاف والتضليل والتطبيل، ولآخذ أمثلة على ذلك فلو أخذنا فرنسا في السبعينيات لم تكن تتحدث في وسائل الإعلام عن الوهابية إنما كانت تتحدث عن العرب والمسلمين بشيء من الشماتة والسخرية حين كانت تحارب الشعب الجزائري الثائر لطلب الاستقلال ويؤيده ويناصره إخوة له في الدول العربية والإسلامية، وفرنسا كدولة مستعمرة تريد بقاء الجزائر جزءًا لا يتجزأ من التراب الفرنسي كحديقة خلفية لها تستغل ثرواتها وشعبها وتبقيهم تحت الوصاية والتبعية الفرنسية، واستغلال الشعب الجزائري كأيدي عاملة رخيصة ونهب الثروات الطبيعية الكثيرة واستغلال الأراضي الخصبة الشاسعة، بالإضافة لموقع الجزائر الاستراتيجي، فكيف يسمحون لهم أن ينفصلوا عن فرنسا الأم بعد أكثر من مائة عام والاستعمار والاستغلال، وكل هذا فهم يرونهم شعب أقل من الشعب الفرنسي الحضاري والراقي ويرون في عاداتهم وتقاليدهم ودينهم شعب مختلف حضارياً ودينياً، ويجب ألا يسمح لهم بالنهوض والاستقلال، ولهذا السبب فإن من ذهب لطلب العلم في الجامعات الفرنسية من العرب والمسلمين بعد استقلال الجزائر بسنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وأنا واحد منهم وجد من كثير من الفرنسيين الصدود والنفور وعدم الترحيب، ولأنهم يحبون الكلاب -أكرمكم الله- أشد حباً من أبنائهم كان من يعرفون بالأقدام السوداء «pieds noir» وهم من طردوا من الجزائر من الفرنسيين والجزائريين المتفرسنين «أصحاب مزارع العنب الكبيرة ومصانع النبيذ الشهيرة»، ولأنهم يعرفون أننا بعكسهم ننفر من الكلاب ونكرهها عدى كلاب الصيد «السلوقي» والحراسة فإن قلة منهم قد تراه معلقاً لوحة على باب مسكنه تقول لا نؤجر العرب والكلاب أو على باب مطعمه لافتة أخرى تقول (ممنوع دخول العرب والكلاب).
ذلك طبعاً من عفى عليه الدهر، وصارت وسائل إعلامهم قبل سنوات تحذر من الوهابية والوهابيين، وهذا الأمر عم بلدان كثيرة كالولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر المفتعلة لاحتلال أفغانستان والعراق وتمزيق البلدان العربية والإسلامية، ونشر الطائفية الضغينية والاقتتال بين مذاهبها لنهب ثرواتها وإضعافها وإبقائها تابعة طيعة، ولم يقتصر الأمر على البلدان الغربية وأمريكا وإنما بدأ إخواننا العرب يطنطنون ويعزفون نفس معزوفة الوهابية والوهابيين، وبكل أسف أولئك وهؤلاء جهلة بالدين الإسلامي وبما يطلقون عليه المذهب الوهابي غير عالمين ومتجاهلين أو عامدين إلى النفخ في هذا الاتجاه بتضخيم الأخطار المحدقة بالعالم من الوهابية والوهابيين والمحمديين والسلفيين القادمين لنشر التعصب الديني، ومن المعلوم لكل ذي بصيرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أنه على رأس كل مائة سنة يبعث الله مجدداً لدينه والشيخ محمد بن عبدالوهاب أحد السلف الذي أكرمهم الله بالتفقه في الدين الإسلامي الوسطي المتسامح، والدعوة إلى العودة إلى الطريق المستقيم الذي شقه واختطه رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأجلاء وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ودعا إلى نبذ الشركيات والخزعبلات والغلو في الدين والتنطع فيه، وهذا أمر لا يروق للمنحرفين من أمة محمد ولا أعداء الدين الذين يتأبطون به وبأتباعه شراً، ولذلك يدعون أن كل من استقام على الطريق القويم الذي دعا إليه ذلك الشيخ الجليل رحمه الله ومن اتبعوه بإحسان، أن هذا مذهب جديد وهابي وأتباعه وهابيين جهلاً أو تضليلاً متعمداً، والأخير هو الأقرب للهدف المراد تحقيقه، وهو محاربة الدين الإسلامي القويم، ومن اتبع النهج السليم، ولكن الله سوف يرد كيدهم في نحورهم، وفي النهاية سوف تسطع شمس الحقيقة ويخسأ الحاقدون والحاسدون.