أحكام القضاء تُبنى على الوقائع والأدلة... ولن نسمح بالإساءة أو الطعن بأنظمة المملكة ">
الجزيرة - المحليات:
أوضح المتحدث الرسمي لوزارة العدل الشيخ منصور القفاري أن ما تم تداوله عن قضية الطفلة «لمى» في مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات عن الحكم الصادر في هذه القضية، داعياً في بداية تصريحه المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الطفلة المتوفاة بواسع رحمته، وأن يلطف بحال كل المعنفين، وأن يبارك بجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين لمعالجة هذه الظاهرة التي لا تتفق مع تعاليم ديننا الحنيف.
وأضاف القفاري: لا شك أن ما وقع على الطفلة «لمى» من اعتداء أمر مقلق وواقع أليم تألمنا منه جميعاً، وكان أول من تألم منه المحققون والقضاة الذين باشروا هذه القضية منذ بدايتها، حيث تستلزم معايير العدالة ومتطلبات الحياد أن يبني القضاء أحكامه وقناعاته في ما يطرح أمامه من وقائع وما يقدم له من أدلة وبراهين لا تتخللها شبهات أو احتمالات تثير الشكوك، لكننا في المملكة - ولله الحمد - لدينا قضاء معياري ومهني يبني أحكامه على وقائع وأدلة لا على ما يُنشر في وسائل الإعلام من تهم يتقاذفها أطراف النزاع دون تقديم براهين تسندها، ولا يبنيها أيضاً على عواطف أو مشاعر شخصية حتى لو كانت للقاضي نفسه، وتأسيساً على ما تقدم توضح الوزارة للرأي العام بخصوص القضية النقاط التالية:
أولاً: إن التهمة التي واجه بها الادعاء العام المدعى عليه وزوجته أمام القضاء وطلب إثبات نسبتها إليهما ومعاقبتهما عليها هي الاعتداء على ما دون النفس، وذلك بضرب الطفلة ضرباً مفرطاً، ولم توجه لوالد الطفلة في أي مرحلة من مراحل الدعوى أي تهمة تتعلق بالاعتداء الجنسي أو القتل، كما لم تَرْبِط جهة الادعاء العام في لائحة الدعوى بين وفاة الطفلة وتهمة الاعتداء بالضرب الموجهة للمدعى عليه وزوجته فيما لم تتضمن الأدلة المقدمة بالقضية ما يربط بين الواقعتين، وكما هو معلوم للجميع فإن جهة الادعاء العام توجه التهم بناء على ما يتم جمعه من وقائع ثبوتية ثم تخضعها للفحص والتمحيص وفق معايير قانونية دقيقة، حتى تنتهي إلى توجيه الاتهام بحسب ما ثبت لديها، وهذا ما يخصّ الحق العام في هذه القضية.
أما الحق الخاص فإن طليقة المدعى عليه - والدة الطفلة - تقدمت بدعوى خاصة ضد المدعى عليه وزوجته تطالب فيها الحكم بالقصاص، ثم عرضت الصلح في الجلسة المحددة للنظر في الدعوى واتفق الطرفان على إنهاء الحق الخاص صلحاً.
ثانياً: بعد الانتهاء من الحق الخاص، فصل القضاء في دعوى المدعي العام ضد والد الطفلة بتهمة الضرب المبرح والمفرط حيث ثبت إدانته بما ينافي التأديب المأذون فيه شرعاً وصدر الحكم بمعاقبته سجناً مدته ثلاث سنوات بدءاً من تاريخ إيقافه إضافة إلى 400 جلدة، كما تضمن الحكم عدم ثبوت مشاركة زوجة والد الطفلة بالتهمة المنسوبة إليها في ضرب الطفلة لكن ثبتت إدانتها بالصمت عن زوجها وعدم إبلاغ الجهات المختصة لردعه وحماية الطفلة، وعليه صدر الحكم بمعاقبتها بالسجن لمدة عشرة أشهر وجلدها (150) جلدة، وقد صدق الحكم من محكمة الاستئناف بعد مداولة بين محكمة الاستئناف ومحكمة الدرجة الأولى.
ثالثاً: بحسب الفقرتين السابقتين يتضح أن الادعاء العام لم يوجه أي تهمة تتعلق بالقتل أو الاعتداء الجنسي على الطفلة لأي طرف من الأطراف، وبناءً عليه لم يصدر حكم قضائي ببراءة الأطراف من تهمة القتل أو الاعتداء الجنسي لعدم طرحها أمام القضاء أصلاً، لذلك ما تم نشره في وسائل الإعلام المختلفة من اتهامات متبادلة بين أطراف القضية تعد ملاسنات يتحمل مسؤوليتها من نشرها، كما يحق لأي طرف تضرر من هذا النشر الإعلامي حول اتهامات لم تطرح أمام القضاء محاسبة من يقف خلفها ومن تداولها وفقاً لما تقتضيه الأنظمة.
وشددّ القفاري على رفض الوزارة لاستغلال الوسائل الإعلامية المختلفة نشر معلومات خاطئة عن القضية أو الإساءة والطعن بعدالة النظام القضائي في المملكة، كذلك الانسياق خلف أمور شخصية لا تمت للحقيقة إطلاقاً، وعليه فإن الوزارة سوف تتخذ كافة الإجراءات النظامية لمحاسبة كل من خالف الأنظمة بنشر وقائع مغلوطة عن المحاكمات دون الرجوع للجهة المختصة.
وأضاف مؤكداً أن القضاء في المملكة لا يستند في أحكامه إلى ما يطرح من وقائع في وسائل الإعلام وإنما يصدر أحكامه استناداً إلى الوقائع والاتهامات التي تطرح في مجلس القضاء، وأن النظام القضائي يتحقق فيه كافة الضمانات القضائية التي تضمن حسن سير العدالة سواء من الجوانب الإجرائية أو الجوانب الموضوعية المتمثلة بتطبيق القضاء لأحكام الشريعة الإسلامية في جميع القضايا المطروحة أمامه طبقاً لما نُص عليه في النظام الأساسي للحكم وما قضت به الأنظمة القضائية ذات الصلة، وجوانبه الإجرائية الأخذ بمبدأ تعدد درجات التقاضي الذي يحقق ضمانة إضافية لجودة الأحكام من خلال طرح أي نزاع يتم أمام محاكم الدرجة الأولى مرة أخرى أمام محاكم أعلى درجة كالاستئناف التي تتشكل دوائرها من خمسة قضاة لمراجعة الأحكام الجزائية ومن ثلاثة قضاة لتدقيق ما سواها من الأحكام؛ بحيث تتحقق من سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الوقائع المطروحة أمام القضاء، ومن صحة الإجراءات المتبعة من قبل محاكم الدرجة الأولى، إلى غير ذلك من الإجراءات المتعلقة.
وفي ختام تصريحه طالب متحدث وزارة العدل المحامين بتفعيل دورهم الذي تنص عليه أخلاقيات وشرف المهنة، لإيضاح الحق ونصرته وليس الدفاع عن موكليهم دفاعاً مجرداً، وكلنا ثقة بحسن نياتهم ونأمل منهم أن يكونوا عوناً في نشر الثقافة الحقوقية لتوعية المجتمع التي تسهم بدورها في معالجة السلبيات بطريق تحفظ حقوق المجتمع وتلاحمه.