«ساما» تدشن جيلاً جديدًا لأنظمة الدفع الإلكتروني بهدف تقليل التعامل بالنقد ">
الجزيرة - محمد السلامة / تصوير - أحمد يسري:
دشنت مؤسسة النقد العربي السعودي أمس، الجيل الجديد لأنظمة الدفع في المملكة «مدى»، الذي يمهد الطريق لإثراء منظومة الدفع الإلكتروني بالعديد من المزايا النوعية، وتوسيع نطاق استخداماتها، والدفع بمعدات الاعتماد عليها إلى مستويات أعلى، وذلك في خطوة تأتي استجابة لتسهيل التعاملات المالية للمتعاملين في السوق وتحقيقاً لتطلعات المؤسسة وتماشياً مع التوجهات العالمية في زيادة استخدام القنوات الإلكترونية كبديل آمن عن الأوراق النقدية التقليدية.
وأبانت «ساما» أن أبرز المزايا المبتكرة لخدمة الشبكة السعودية للمدفوعات «مدى» هو نطاق الاستخدام الأوسع الذي يتيحه نظام المدفوعات بهويته الجديدة، والقبول الواسع لبطاقات «مدى» الذي يفتح المجال أمام استخدام خدمة الدفع الإلكتروني لدى شريحة جديدة من منافذ البيع بمعايير تشغيلية عالية، مع إمكانية رفع سقف الحد اليومي لقيمة العمليات الشرائية من خلال نقاط البيع إلى 60 ألف ريال بدلاً من 20 ألف ريال بناءً على طلب حامل البطاقة. وقد بدأت المصارف التجارية بالتوسع خلال العام الحالي في تقديم خدماتها بالهوية الجديدة «مدى» ليبلغ إجمالي عدد نقاط البيع قرابة 180 ألف نقطة، بعد أن كانت قرابة 130 ألف نقطة بداية العام.
وأوضح محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد المبارك خلال تدشينه الثلاثاء الماضي الهوية الجديدة للشبكة السعودية للمدفوعات «مدى»، بحضور الرؤساء التنفيذيين للمصارف السعودية وعدد من المختصين في نظم المدفوعات، أن تدشين الهوية الجديدة «مدى» يُعد جزءًا مهمًا من برنامج متكامل يشمل العديد من المبادرات لتطوير نظم المدفوعات المالية في المملكة، وهو إحدى ثمار التواصل والتعاون الفعّال بين مؤسسة النقد والمصارف التجارية.
وأشار المبارك، إلى أن مؤسسة النقد تعمل على تحقيق الاستقرار المالي والنقدي كهدف إستراتيجي لها من خلال التكامل بين ثلاثة محاور رئيسة متمثلة في مؤسسات مالية رائدة، نظم مدفوعات مالية متطورة وآمنة، ونظم معلومات ائتمانية ومالية تتناسب مع متطلبات الاقتصاد بكافة قطاعاته، مؤكدًا على أن توافر بيئة أعمال منظمة وفاعلة يسهم في تحقيق الاستقرار المالي في اقتصادنا الوطني الواعد، وأنه لتحقيق الرؤى والتطلعات في هذا المجال فقد وضعت مؤسسة النقد إستراتيجية متكاملة لتطوير نظم المدفوعات باستخدام أحدث التقنيات. كما نوه المحافظ بأهمية نُظم المدفوعات الكامنة في تقديم خدمات مصرفية ومالية محلية ودولية تمتاز بالسرعة والدقة والأمان والسهولة، إضافة إلى تعزيز الكفاءة والمصداقية والسرعة في تسوية الالتزامات المالية، ودورها في احتواء المخاطر، وضمان الدفع، ووضوح الإجراءات والمسؤوليات، والأساس القانوني لها.
أمام ذلك، أكَّد نائب محافظ «ساما» عبدالعزيز الفريح خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في الرياض بمناسبة تدشين هوية النسخة المطورة من شبكة المدفوعات السعودية، أن الهوية الجديدة «مدى» تشمل العديد من المزايا المستحدثة التي تمس شريحتي التجّار والأفراد من حملة البطاقات المصرفية، مبينًا أن «مدى» بوصفها النسخة المطوّرة من شبكة المدفوعات تقوم على ربط جميع أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع بنظام مركزي موحّد، يسمح بتمرير العمليات المنفّذة بواسطة تلك الأجهزة بصورة آنية وآمنة، وبطاقة استيعابية تعادل 7 مرات حجم العمليات التي كانت تتم بواسطة الجيل السابق من الشبكة، مع ما يتيحه الجيل الجديد من معدلات غير مسبوقة في سرعة إنجاز العمليات وكفاءة الأداء، إلى جانب ما يتمتع به من معايير إضافية للحماية والأمان والجودة. كما أكَّد على أن نظام «مدى» يتيح لحاملي البطاقات المصرفية خدمة «نقد» التي تمكّن العميل من الحصول على مبلغ نقدي من بعض المتاجر بحد 400 ريال في اليوم، عند القيام بعملية شرائية بواسطة البطاقة باستخدام خدمة نقاط البيع، وهي من الخدمات الجديدة التي تم إطلاقها لخدمة العملاء وإتاحة الفرصة أمام المتاجر للتخلص من الفائض النقدي لديها.
وبشأن جهود «ساما» للتصدي لعمليات الاحتيال والنصب عند تنفيذ أي عملية بيع من قبل بعض مستخدمي البطاقات الائتمانية، أكَّد الفريح أن نظم المعلومات التابعة لمؤسسة النقد لم تسجل ما يدعو إلى القلق بشأن حالات الاختلاس المالي عن طريق بطاقات الائتمان البنكية، مبينًا أن «ساما» تعمل مع الجهات المعنية في المملكة على رفع مستوى حماية الشبكة السعودية للمدفوعات وبيانات بطاقات الدفع الائتمانية والمتابعة بشكل مستمر للتأكَّد من توافر قنوات آمنة لعمليات أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع من خ لال نظم المدفوعات، إلى جانب تقديم الضوابط والتعليمات للبنوك من أجل منع مثل تلك الاختلاسات. وتابع: إن نسبة حالات الاختلاسات التي رصدت في المملكة تعد ضئيلة إلى أبعد درجة مقارنة بدول أخرى على مستوى العالم، موضحًا أن هناك خطة إستراتيجية لدى المؤسسة من أجل التقليل من عمليات استخدام» النقد»، التي تتمثل بالرؤية للقطاع المصرفي للعام 2020، تشمل على عدة مبادرات، من أهمها عملية التوسع بالشمول المالي، لافتًا إلى أن الخطة الإستراتيجية تستدعي بعض الأحيان إعادة النظر من أجل تطبيقها بشكل صحيح حسب التطورات الخارجية.
وأشار إلى أن الطاقة الاستيعابية للعمليات المنفذة عبر نقاط البيع زادت سبع مرات خلال الفترة الأخيرة، ما يستدعي تعاون الجهات التي تربطها مع المؤسسة علاقة مباشرة من أجل تقديم خدمات مميزة للعملاء، مشيرًا إلى أن تلك الجهات لديها مسؤوليات محددة حتى لا تتعرض للخسائر في حال عدم تطبيقها للتعليمات، مؤكدًا أن الآليات والضوابط التي وضعتها ساما لتطبيق الهوية الجديدة، جاءت نتيجة توقعات ارتفاع معدلات النمو في الطلب عليها.
ولفت الفريح، إلى أن بعض المتاجر ترى في النموذج التجاري الجديد، أنه غير مناسب من ناحية تحقيقه لهوامش الربح، مبينًا أنه من خلال المتابعة التي استمرت لمدة ستة أشهر ماضية وجدت «ساما» أن العدد في المكان الذي يتم فيه استخدام العمليات الإلكترونية ضئيلة جدًا، مع الأخذ بعين الاعتبار توافر 180 ألف نقطة بيع، مطالبًا بتوعية المواطنين في المطالبة بتوفير منافذ للبيع، كون «ساما» ليست لديها صلاحيات بإلزام التجار بتركيب تلك المنافذ. وأفاد أن هناك قرابة 7 ملايين بطاقة بلاستيكية من أصل 20 مليونًا تم إعادة إصدارها بالهوية الجديدة» مدى»، مضيفًا أن البطاقات القديمة ما زالت تستخدم حتى يتم استكمال استبدالها، من دون النقص في المزايا الموجودة حاليًا، لافتًا إلى أن هناك حالات قبول لاستخدام الهوية الجديدة نظرًا لما تتمع به من مزايا عديدة تهدف إلى خدمة كافة المتعاملين من المواطنين والتجار.
وقال نائب المحافظ أن مؤسسة النقد طبّقت نموذجًا ماليًا جديدًا بعد دراسة مستفيضة لتجارب الدول الأخرى حول الرسوم المفروضة، مؤكدًا على أن النموذج المالي الجديد يضمن مجانية الخدمة لحاملي البطاقات ويشمل عدم تحمل التجار التكاليف الشهرية والسنوية التي كانت تترتب على تطبيقهم لهذه الخدمة، وكذلك عدم تحملهم رسوم التركيب والصيانة ومستلزمات الخدمة من ورق وأحبار، فيما تم تحديد رسم الخدمة بنسبة لا تتجاوز في حدّها الأقصى 0.8 في المائة من قيمة العملية الشرائية على ألا تزيد عن 40 ريالاً، وتخضع هذه النسبة للمنافسة بين المصارف تحت السقف المحدد مع سهولة حصول المتاجر على الخدمة من أي من المصارف التي ستقدم عروضًا تحفيزية وتنافسية تخدم العملاء والمتاجر.
وقال الفريح، إن مؤسسة النقد بالتعاون مع المصارف وضعت إستراتيجية متكاملة لنظم المدفوعات ذات أربعة محاور، وهي تطوير نظام الشبكة السعودية للمدفوعات وتقديم بطاقات مسبقة الدفع، وضع خطة تطويرية لنظام سداد لتقديم ثلاث خدمات جديدة التي تشمل خدمة السداد المباشر والأمن عبر الإنترنت؛ والتوسع في عدد المفوترين؛ والسداد الآلي لفواتير قطاع الأعمال.
وأضاف أن المحور الثالث يشمل تطوير نظام سريع ونظام التحويلات المالية للمدفوعات منخفضة القيمة، ويهدف هذا المحور إلى فصل التحويلات المالية عالية القيمة عن التحويلات المالية منخفضة القيمة ومعالجتها في نظامين مستقلين بحيث يتم إنشاء نظام جديد يكون مرادفًا لنظام «سريع». فيما يتضمن المحور الرابع تطوير مدفوعات التجوال (مثل الأجهزة المتنقلة والهاتف المحمول)، الذي يهدف إلى التركيز على جذب وإدخال شريحة من المجتمع في المنظومة المصرفية واستفادتها من الخدمات المقدمة من المصارف (مثل الوافدين وصغار السن وغيرهم) بواسطة الأجهزة المتنقلة، وتشجيع المصارف على تقديم خدمات مصرفية باستخدام الهواتف الذكية، وتفعيل خدمات التجارة الإلكترونية من خلالها.
ووصف الفريح تدشين الهوية الجديدة «مدى» بأنه إحدى المراحل المهمة في المحور الأول من الإستراتيجية وثمار الجهود المشتركة بين المؤسسة والمصارف، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تتزامن مع إنجاز العديد من المبادرات والبرامج، مثل: مسار البنية التحتية الذي يشمل تطويرًا شاملاً للبنية التحتية والأنظمة الفنية وضمان كفاءتها واستمرارية تشغيلها، ومسار الإجراءات والضوابط الذي يشمل تحديث الأطر النظامية وتطوير اتفاقيات لمستوى خدمة نقاط البيع لتحسين أدائها ورفع مستوى الخدمة بناءً على مؤشرات أداء محددة، إضافة إلى مسار الجودة والرقابة الذي يشمل تطوير أدوات رقابة آنية لأوجه الخدمة الفنية والإجرائية، ومسار النموذج التجاري الذي يشمل تطوير نموذج تجاري متكامل يضمن المنافسة وعدالة توزيع التكاليف بين الأطراف المشاركة في الخدمة بحيث لا يتم تحميل العملاء مستخدمي البطاقات المصرفية أي رسوم، كما يحدد سقفًا أعلى لرسوم المصارف على المتاجر. ومن بين المبادرات كذلك مسار مقدمي الخدمات الذي يشمل تأهيل عدد من مقدمي الخدمات المساندة الهادفة إلى دعم التوجه الإستراتيجي للتوسع بخدمة نقاط البيع ورفع الكفاءة التشغيلية للمتاجر، ومسار النمو الذي يشمل تطوير منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة تُلبي حاجة السوق المحلي الحالية والمستقبلية.
وأكَّد نائب محافظ مؤسسة النقد على أن «ساما» ستستمر في العمل المشترك والفعال مع المصارف لإنجاز المحاور الأخرى الخاصة بإستراتيجية نظم المدفوعات والعمل على تطويرها، حاثا المصارف على مواصلة العمل على تقديم خدمات جديدة ومبتكرة تلبي تطلعات عملائها من المواطنين والمقيمين لتسهم في رقي الخدمات المصرفية والمالية وإيصالها إلى جميع فئات المجتمع في كافة أنحاء المملكة، مع وضع برامج تحفيزية لاستخدامها.
من جانبه، استعرض عبد الملك آل الشيخ مدير عام نظم المدفوعات في مؤسسة النقد الخدمة الجديدة والأسباب التي دعت إلى ذلك، مستدلاً على ذلك بإحصائيات تشير إلى نمو نظام المدفوعات الإلكتروني، حيث ارتفع عدد أجهزة نقاط البيع منذ أن بدأت المصارف التجارية بالتوسع خلال العام الجاري في تقديم خدماتها بالهوية الجديدة «مدى» ليبلغ إجمالي عدد نقاط البيع قرابة 180 ألف نقطة بعد أن كانت قرابة 130 ألف نقطة بداية العام. وذكر آل الشيخ أن لدى المؤسسة خطة إستراتيجية حتى العام 2020 نحو تطبيق أهدافهم في «ساما»، مشيرًا إلى أن خدمة مدى تتوافق مع هذه الإستراتيجية.