تلقّينا نعي الفقيد عبدالله بن يحيى الشّريدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء يوم الخميس الخامس من الشهر الحادي عشر، سنة : ست وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة. أخذت روحه الطَّاهرة يد المنون، وجسده على السرير الأبيض في العناية المركّزة.. بعد معاناة من المرض المفاجئ عن عُمر ناهز التسع والستين عاماً.
عرفتُ الشّريدة أنَّه رجلٌ عصامي من الرجال الذين شقّوا طريق حياتهم التعليميَّة بمدارس مدينة بريدة الابتدائيَّة، والإعداديَّة، والثانويَّة، والجامعيَّة بكلية التجارة بجامعة الرياض سابقاً.. كما ترأّس نادي التعاون الرياضي بمدينة بريدة لمرتين، وحقَّق في رئاسته بطولة دوري الدرجة الأولى وصعوده للدرجة الممتازة.. وعضو شرف فعَّال في النادي أبقى ذكراً طيّباً في القلوب، وألسنة الرياضيين بمنطقة القصيم.
وعرفتهُ أنّه أمين لغرفة منطقة القصيم لثلاث دورات متتالية أبقت في أرشفتها بصماتٍ وضَّاءة جسَّدت تفوقه في عملهِ، وصدق تعامله مع المراجعين، وطِيب أخلاقه مع زملائه الذين لا تخلو مجالسهم بعد تقاعده إلاَّ وتحدّثوا عنها!.
فقد تحلَّى بحسن خلق جمّ، وجده فيه الذين تعاملوا معه في مُختلف أوجه الحياة؛ فألفوه، وأحبوه، ومالت قلوبهم إليه، وأجمعوا في مراسم تشييع جنازته على حسن خُلقه، وطِيب معشره، وحلاوة حديثه، ومحيا وجهه... وضاقت بهم سرادق المقبرة، وأُقفلت مداخلها من كثرة المعزين الذين حضروا من منطقة القصيم، وبقية المناطق؛ لأداء صلاة الجنازة على روحه الطَّاهرة، وحملوه على الأكتاف تحملهم أقدامهم من ساحة المقبرة إلى قبرهِ، رافعين أكف الضراعة بخشوعٍ، وسكينة إلى الله أن يرحمه، ويسكنه فسيح جناته.
فالذي عاش مشهد مراسم الدفن، ومشيّعيه واقفون على القبر، وألسنتهم تلهج دعاءً وهم يُشاهدون إنزال جسده القبر واضعين جنبه الأيمن في اتجاه القبلة، وهم يوارون جسده التراب إلى أن حثّوا ثلاث حثيات بأيديهم إلى جهة رأسه وهم يستغفرون له، ويسألون له التثبيت في السؤال...!
إنّه مشهدٌ عظيم تتفطَّر من رهبته أكباد الذين حضروا الدفن إلى أن انتهوا، وجاء المتأخرون الذين امتلأت بهم ساحة المقبرة؛ لأداء صلاة الجنازة على روحه الطَّاهرة، ومن ثَمَّ اتجه الجميع إلى السرادق؛ لمواصلة العزاء لأفراد عائلته الذين غشيت وجوههم علامات الحزن، وهم يذكرون محاسنه التي لهجـت بها ألسنتهم، وفاضت منها محاجـر أدمعهم إلى أن اتجهـوا إلى منزلهم؛ لمواصلة العزاء من الذين لم يتمكنّوا من الحضور إلى المقبرة...
كما حظيت عائلته بتعزية هاتفيَّة من سمو أمير منطقة الرياض/ فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، وحضور سمو أمير منطقة القصيم الدكتور/ فيصل ابن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز؛ لتقديم التعزية لأفراد عائلته، حيثُ تحدّثا عن طِيب تعامله، وفضل أخلاقه، وحسن سمعته ؛ إذ إنه أحد أعمدة أسرة الشريدة بمنطقة القصيم، وبقية المناطق التي لها حضور وطني عند ولاة الأمر منذُ عهد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، وأبناؤه الملوك، فقد استشهد أحد أبنائها في معركة «جراب»، التي خاضها جلالة الملك/ عبدالعزيز -طيّب الله ثراه-، كما أن لهم حضورا في مجالس ولاة الأمر؛ لما يحملونه من حبٍ، وولاء، وتضحية لهم، ولا زال أبناؤهم وأحفادهم لهم محبة عند خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.
إن مصيبة وفاة الشّريدة مصيبة عظيمة عند أفراد أسرته، ومن الصعب تقبلها، إلاَّ أن الله صبَّرهم، وربط على قلوبهم، وقبلوها احتساباً للأجر، والثواب الذي ينالونه من الله سبحانه وتعالى، راضين بقضائه وقدره، صبراً، ورفقاً، وتسليماً.
هذا وتعازينا لزوجته الفاضلة/ حصّة بنت محمد الشويرخ، وأبنائها وبناتها، وأفراد عائلتهم.
(إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون).
أحمد المنصور - بريدة