قمة سعودية - أمريكية أكدت الاستمرار في تقوية العلاقات الإستراتيجية ">
واشنطن - موفد الجزيرة - سعد العجيبان:
لم يكن لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما صباح أمس في البيت الأبيض ، لقاء عاديا «بروتوكوليا»، بل كان اجتماعا عميقا تناول العديد من القضايا والملفات التي تهم البلدين الصديقين و»الجزيرة» الصحيفة الوحيدة التي حضرت الاجتماع الذي امتد على مدى ثلاث الساعات تخلله مأدبة غداء، تطرق للاتفاق النووي مع إيران والحد من تدخلاتها في دول المنطقة وزعزعة استقرارها، إضافة إلى الأزمة السورية وأوضاع اليمن والعديد من القضايا الهامة ، وما يتعلق بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين.
في بداية اللقاء أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على متانة وقوة العلاقات السعودية – الأمريكية، وقال – حفظه الله – خلال اجتماعه أمس بفخامة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض في واشنطن، لكون الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولى لزيارته الرسمية منذ توليه الحكم لهي دلالة على العلاقات القوية بين الرياض وواشنطن والممتدة على مدى تاريخ طويل منذ لقاء الملك عبدالعزيز – رحمه الله – والرئيس روزفلت في عام 1945م.
وشدد خادم الحرمين على أن العلاقات السعودية – الأمريكية لا تعود بالفائدة على المملكة والولايات المتحدة فحسب بل على العالم كله ولمنطقتنا، وهذا يحتم علينا المضي في تعميق العلاقات وتوطيدها في المجالات كافة. وأورد خادم الحرمين أن اقتصاد المملكة اقتصاد حر، ويتيح فرصا كبيرة لرجال الأعمال والمستثمرين، ورأى ضرورة تعميق العلاقات بين البلدين الصديقين في كافة المجالات حتى تكون هناك مصالح مشتركة وتعاون استراتيجي إضافة إلى التعاون السياسي وغيره.
وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن سعادته البالغة بزيارته لبلد صديق ولقائه مع صديق مؤكداً ان العلاقات السعودية الأمريكية مستمرة بما يفيد السلم العالمي ومنطقتنا على وجه التحديد، فنحن يهمنا أن يكون هناك استقرار في منطقتنا والعالم كله، وشكر خادم الحرمين الرئيس اوباما على كرم الضيافة، وأمل أن يتم تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين الصديقين ومسؤوليها. في المقابل وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما اجتماعه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في البيت الأبيض أمس بالاجتماع العميق الذي تناول جميع القضايا. وشكر الرئيس الأمريكي خادم الحرمين أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية أولى الدول التي يزورها الملك سلمان بعد توليه الحكم، منوها إلى أن ذلك يعكس متانة العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن. ومضى الرئيس الأمريكي بقوله لدينا الكثير من الاهتمامات المشتركة تجاه الشأن اليمني ولا سيما العمل على إعادة الحكومة الشرعية، ونشترك في الكثير من مشاعر القلق تجاه الأزمة في سوريا ولقاؤنا اليوم سنتبادل الحديث العميق حول امكانية انتقال السلطة سلميا في سوريا، ومن شأنه أن يخفف من المأساة المروعة في سوريا.
وأضاف الرئيس أوباما قائلاً نواصل العمل الثنائي والتعاون الثنائي بشكل وثيق جدا ضد الارهاب والنشاطات الارهابية في المنطقة وحول العالم ولاسيما في محاربة تنظيم داعش الارهابي، وسنتحدث عن أهمية أن نقوم بتطبيق الاتفاق النووي مع إيران بشكل لا يسمح لطهران من امتلاك السلاح النووي ،وفي نفس الوقت يحد من تصرفاتها لزعزعة استقرار المنطقة.
واستطرد قائلاً لدينا ايضا موضوع الاقتصاد العالمي وبعض الموضوعات المتصلة بالطاقة، وتعميق العلاقات في كافة المجالات كالتعليم وفرص تعليم الشباب السعودي الذي يشكل اهمية كبيرة لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. الولايات المتحدة ترحب بزيارة الملك سلمان وتعتبرها ليست زيارة لتعميق الصداقة الشخصية فحسب بل إنها فرصة لتعميق علاقات الصداقة طويلة الامد بين البلدين. عقب ذلك عقد فخامة الرئيس الأمريكي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جلسة مباحثات رسمية، وقد صدر بيان مشترك فيما يلي نصه:
بدعوة من فخامة الرئيس باراك أوباما قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية في 20/11/1436هـ الموافق 4 سبتمبر 2015 م ، اجتمع خلالها بالرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض، وعقد الزعيمان جلسة مباحثات إيجابية ومثمرة استعرضا خلالها العلاقات المتينة بين البلدين، حيث نمت هذه العلاقة وتعمقت خلال السبعة عقود الماضية في كافة المجالات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية، والثقافية وغيرها من المجالات ذات المصالح المشتركة، وأكد الزعيمان أهمية الاستمرار في تقوية علاقاتهما الاستراتيجية بما يعود بالنفع على حكومتيهما وشعبيهما.
وأشاد فخامة الرئيس بدور المملكة القيادي الذي تلعبه في العالمين العربي والإسلامي، وأكد الجانبان أهمية تكثيف الجهود للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، وخاصة في مواجهة نشاطات إيران الرامية لزعزعة الاستقرار، وفي هذا السياق عبر خادم الحرمين الشريفين عن دعمه للاتفاق النووي الذي وقعته دول 5 + 1 مع إيران والذي سيضمن حال تطبيقه عدم حصول إيران على سلاح نووي مما سيعزز أمن المنطقة، وعبر الزعيمان عن ارتياحهما عن نتائج قمة كامب ديفيد التي عقدت بين قادة الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفخامة الرئيس أوباما خلال شهر مايو الماضي، والتي تهدف إلى تقوية الشراكة الأمريكية الخليجية وتعزيز التعاون الدفاعي، والأمني..
كما أكد الزعيمان عزمهما على التزامهما بتنفيذ كافة الموضوعات التي تم الاتفاق عليها في كامب ديفيد،كما استعرض الزعيمان التعاون العسكري القائم بين البلدين في مواجهة ما يسمى بتنظيم داعش في سوريا، وفي حماية المعابر المائية ومحاربة القرصنة.
كما ناقشا تسريع الإمدادات العسكرية إلى المملكة، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والأمن البحري، والأمن السبراني، والدفاع ضد الصواريخ البالستية، وأكد الزعيمان على أهمية مواجهة الإرهاب والتطرف، كما جددا التزامهما بالتعاون الأمني بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بما في ذلك الجهود المشتركة لمواجهة القاعدة، وداعش، وأشادا بتعاونهما للحد من تدفق المقاتلين الأجانب ومواجهة حملات داعش الإعلامية الداعية للكراهية، ولقطع إمدادات تمويل المنظمات الإرهابية.
كما أكد الزعيمان على الحاجة لجهود طويلة المدى تمتد لعدة سنوات لمواجهة الإرهاب والقضاء على القاعدة وداعش مما يتطلب تعاوناً مستداماً من بقية دول العالم. وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان على ضرورة الوصول إلى حل سياسي في إطار المبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216 وأبدى الزعيمان قلقهما من الوضع الإنساني في اليمن، وأكد خادم الحرمين الشريفين التزام المملكة العربية السعودية بتقديم المساعدة للشعب اليمني والعمل مع أعضاء التحالف والشركاء الدوليين بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للسماح بوصول المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة وشركائها، بما في ذلك الوقود، للمتضررين في اليمن، والعمل على فتح الموانئ اليمنية على البحر الأحمر لتشغيلها تحت إشراف الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الواردة من الأمم المتحدة وشركائها.
ووافق الزعيمان على دعم ومساندة الجهود الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة. وعلى صعيد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي أكد الزعيمان على أهمية مبادرة السلام العربية والتي قدمت في عام 2002 م ، وعلى الحاجة للوصول لتسوية شاملة وعادلة ودائمة لهذا النزاع، قائمة على حل الدولتين لتحقيق الأمن والسلام، كما أنهما شجعا الطرفين على القيام بخطوات بهدف المحافظة على حل الدولتين وتطويره ،كما شدد القائدان على أهمية الوصول لحل دائم للصراع في سوريا قائم على المبادئ التي اشتمل عليها إعلان جنيف لإنهاء معاناة الشعب السوري، والحفاظ على مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، والمحافظة على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ولتكون دولة مسالمة تمثل كافة أطياف المجتمع السوري خالية من التفرقة والطائفية.
كما أكد الزعيمان أن أي تحول سياسي حقيقي يجب أن يشتمل على مغادرة بشار الأسد الذي فقد الشرعية لقيادة سوريا. وأبدى الزعيمان دعمهما لجهود الحكومة العراقية للقضاء على داعش، والتطبيق الكامل للإصلاحات المتفق عليها وتلك التي أقرها البرلمان مؤخراً، وأن تطبيق هذه الإصلاحات يمثل دعماً لأمن العراق واستقراره ويحافظ على وحدته الوطنية وسلامة أراضيه، كما أنه يوحد الجبهة الداخلية لمحاربة الإرهاب الذي يمثل تهديداً لكل العراقيين، وأكد الزعيمان دعمهما القوي والمتواصل للبنان، وسيادته، وأمنه، واستقراره، وللقوات المسلحة اللبنانية في سعيها لتأمين لبنان وحدوده، ومقاومة التهديدات المتطرفة، كما أكد الطرفان الأهمية القصوى لانتخاب البرلمان اللبناني العاجل للرئيس وفقاً للدستور اللبناني. وناقش الزعيمان تحديات التغير المناخي واتفقا على العمل سوياً لتحقيق نتائج ناجحة في مفاوضات باريس في شهر ديسمبر القادم، مع مراعاة الظروف الخاصة للمملكة. وأخيراً ناقش الزعيمان شراكة استراتيجية جديدة للقرن الحادي والعشرين، وكيفية تطوير العلاقة بشكل كبير بين البلدين، وقدم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إيجازاً لفخامة الرئيس اشتمل على رؤى المملكة حيال العلاقة الاستراتيجية، وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس توجيهاتهما للمسؤولين في حكومتيهما بوضع الآلية المناسبة للمضي قدماً في تنفيذها خلال الأشهر القادمة.
وقد رحب فخامة الرئيس بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لزيارة المملكة العام القادم لاستكمال تنفيذ «الشراكة الاستراتيجية» للقرن الحادي والعشرين بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وقد أقام الرئيس باراك أوباما مأدبة غداء عمل احتفاء بخادم الحرمين الشريفين ومرافقيه بمناسبة زيارته للولايات المتحدة الأمريكية.
رافق خادم الحرمين الشريفين الوفد الرسمي وهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ومعالي وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ومعالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، ومعالي وزير الصحة المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح ومعالي رئيس الاستخبارات العامة الأستاذ خالد بن علي الحميدان.