مندل عبدالله القباع ">
منذ تأسيس الدولة السعودية الثالثة عام 1319هـ على يد المغفور لـه بإذن الله الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه كان المجتمع وما زال يتمتع بالصلة بين الحاكم والمحكوم والتمسك بالأعراف والتقاليد الإسلامية والتمسك بمبدأ الشورى والديمقراطية الإسلامية التي تعتمد على كتاب الله وسنه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وأمرهم شورى بينهم) ومع التقدم أصبحت التنمية من المبادئ الأساسية في المجتمع السعودي وأخذت شكل دورات خمس خطط سنوية لكي يتم قياس التقدم في كل خطة خمسية والعمل على تحسين وضع التنمية إلى الأمام في جميع مناحي الحياة.
ومع ازدياد أعداد السكان وازدياد احتياجاتهم قامت الدولة أعزها الله بكل إمكانياتها بتوفير تلك الاحتياجات في جميع مناحي الحياة ورصدت المليارات لتنمية المجتمع السعودي في مجال الصحة والتعليم والأمن الاجتماعي والجنائي والأمن الغذائي لأن التنمية تتجه منه وإليه وجعلت من سياسة الباب المفتوح رمزاً للتواصل بين الحاكم والمحكوم بداية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده وولي ولي العهد وأمراء المناطق حفظهم الله جميعاً.
ولكن نظراً لاتساع المملكة كان من الضروري قيام مجالس بلدية بداية بمرحلتين في كل منطقة وما يتبعها من محافظات ومراكز وهذه هي المرحلة الثالثة التي بدأت من تاريخ 7-11-1436هـ لكي تبحث احتياجات تلك المناطق والعمل على توفير احتياجاتها وهي مرتبطة بوزارة الشؤون البلدية والقروية ومهمتها الرئيسية هي إيصال احتياجات تلك المناطق للوزارة أو الاهتمام بالقيام بها إذا أمكن وسمحت بذلك ميزانياتها.
ومؤخراً تمت الموافقة على دخول المرأة إلى تلك المجالس البلدية في مرحلتها الثالثة من هذه الانتخابات وقبل ذلك في مجلس الشورى، وقد تم تخفيض سن الترشح لتلك المجالس إلى ثمانية عشرة سنة إلا أن الإقبال على الترشيح كان ضعيفاً خاصة في مدينة كبيرة مثل مكة المكرمة لم يترشح سوى 187 شخصا خلال ثلاثة أيام للمجلس البلدي وهذا العدد ضئيل جداً بالنسبة لتعداد السكان في هذه المدينة الكبيرة التي يصل تعداد سكانها إلى حوالي المليون نسمة.
ومنطقتا الرياض والشرقية للناخبين والناخبات (7034) ناخباً وناخبة موزعة على محافظاتها ومراكزها الانتخابية فمثلاً حاضرة الدمام بلغ (355) ناخباً وناخبة وفي القطيف (60) والنعيرية (84) وكذلك الطائف (758) ناخباً وناخبة ومحافظة جدة (735) ناخباً وناخبة وفي القصيم (2208) منهم 1977 رجال مقابل 230 امرأة هذا ما ذكرته بعض وسائل الإعلام المقروءة خلال الثلاثة أيام الماضية.
ويأتي الاهتمام بالمجالس البلدية من احتياجات الناس للخدمات الضرورية والفورية مثل الاهتمام بالطرق من حفر ومطبات وأرصفة وإنارة في أماكن قد تكون بعيدة عن أنظار أمير المنطقة أو أي شح في المياه أو سوء تصريف في الصرف الصحي أو إيصال الكهرباء لبعض المراكز والهجر أو انقطاعها.
وفي بعض المناطق يضطر السكان لشراء المياه التي قد يصل سعر الوايت فيها إلى ثلاثمائة ريال ونزح البيارات إلى مائتين ريال لعدم وجود صرف صحي في بعض الأحياء في المدن الكبيرة والمحافظات وليس فيها إنارة كافية وتمهيد للطرق بصورة مناسبة وهنا يأتي دور المجالس البلدية لكي توصل الاحتياجات للمسئولين.
ولكن بعض الانتخابات الخاصة بالمجالس البلدية قد تكون مبنية على العلاقات الشخصية والمحسوبية ولم تعد تعتمد على الكفاءة وإدراك احتياجات المجتمع والشخص المرشح لم يعد ذلك الشخص القادر على توصيل تلك الاحتياجات للمسؤولين في وزارة الشؤون البلدية والقروية أو للأمين العام للمنطقة أو رئيس البلدية وأصبح المنصب مجرد وجاهة.
وهنا يأتي السؤال المحير هل يمكن الاستفادة الفعلية من تلك المجالس بصورة ملموسة وهل يمكن محاسبة المقصر بأكثر من مجرد عدم انتخابه في المرة القادمة وهل يمكن وضع شروط للمرشحين تعتمد على الكفاءة والخبرة ومعرفة احتياجات المجتمع وأفراده بما يحتاجه المجتمع من خدمات في أكثر مناحي الحياة وأخيراً نقول: إن عدم لمس أفراد المجتمع خدمات هذه المجالس والتسويف فيها جعل الإقبال على الانتخابات في هذه المجالس متدنيا وضعيفا ولكنها مؤشر عن شورى المجتمع وممارسة الديمقراطية فيه والله من وراء القصد.