د.ثريا العريض
نهاية الصيف.. ودّعنا لهيب أغسطس الجبار الذي اعتادت البشرية منذ القدم أن يكون موسم الحروب والدموية.
سبتمبر بداية الخريف وموسم العودة إلى الأوطان والمدارس والجامعات.
ملايين السائحين العرب، وبالذات الخليجيون الهاربون إلى أراضٍ بعيدة عن لهيب الصيف عادوا إلى أوطانهم كالطيور المهاجرة. وملايين الطلبة عادوا إلى مدارسهم وجامعاتهم في الداخل والخارج.
نشرة الطقس حتى الآن لا تشجع على الابتهاج بالعودة، حيث ما زالت درجات الحرارة في الأربعينات؛ ومع هذا فليس الطقس فقط هو العامل الداعي للتناثر بعيداً. نشرات الأخبار ظلت طوال الصيف تبعث على الرغبة في الانتظار عن بُعد حتى تنقشع غيوم الضبابية وهموم الاقتصاد.
حتى وهو بعيد في الغربة يظل الإنسان مرتبطاً بالوطن وجدانياً ؛ يتابع أخباره ويدقق في تفاصيلها، محاولا أن يرى الصورة بأكبر قدر من الوضوح، متحدياً الضبابية التي يفرضها البعد والصيغ الإعلامية المعتمدة.
أخبار اليوم الخميس - وأنا أكتب لينشر المقال يوم الأحد -، تشير إلى سفر خادم الحرمين الشريفين في زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة.
تمنيت لو كنت مع الوفد بمعيّته - حفظه الله -. ليس لأنني أرغب في زيارة الولايات المتحدة كبلد جديد أتعرّف عليه، فقد عشت فيها 7 سنوات أثناء دراساتي العليا بإحدى جامعاتها، وزرتها مرات بعد ذلك في مهام رسمية من ضمنها تمثيل الوطن في وفود عالية المستوى والجدية السياسية.
تمنيت أن أكون ضمن هذه الزيارة لأنها تأتي في مرحلة تاريخية مهمة بمعنى الكلمة. فرغم أنّ علاقة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تعود إلى زمن الملك عبد العزيز المؤسِّس طيّب الله ثراه، وبين البلدين منذ ذلك الوقت علاقات سياسية واقتصادية متينة وإيجابية ، إلاّ أنّ المرحلة الزمنية التي يعيشها البلدان الآن في إطارهما الدولي مرحلة مثيرة بمستجداتها وضبابية احتمالاتها القادمة. ولذلك لا تمنح المتابع والمحلل الكثير من الإشارات المضمونة للتأكد من توقعاته حول ما سيأتي.
تأتي زيارة الملك سلمان في سبتمبر. وسبتمبر ارتبط في التاريخ الحديث بتأزم تفجيرات نيويورك في 11-9-2001.
ومع أنّ الحدث كان في نيويورك، إلاّ أنّ المتهمين بتنفيذه كانوا من الشرق الأوسط. وما زالت المنطقة تعيش تداعياته.
تكهن ما سيحدث في امتداد المنطقة بين جبال أفغانستان وسواحل المتوسط، يتطلب مهارة في استقراء الأحداث اللامرئية ومهارات السير في رمال متحركة. العلاقات الثنائية بين البلدين، منذ تفجيرات نيويورك قبل عقد ونصف وحمل بعض المفجرين للجنسية السعودية، تراوح بين الشك والتأزم، رغم التصريحات الرسمية الإيجابية من الجانبين.
قمة تاريخية بين رئيسين جادين في طلب السلام العالمي. ننتظر ما سيعلن بعدها وما سيأتي من أحداث. وسأتابع تأمّل الوضع معكم لاحقاً.