نجاح عمل شركات التمويل الأجنبية بالمملكة لن يتحقق دون اكتمال الأنظمة العقارية ">
الجزيرة - علي القحطاني:
دعا مختصون في مجال التمويل العقاري عبر «الجزيرة» إلى ضرورة توافر أرضية متينة لتطبيق الأنظمة العقارية تحكمها معايير الشفافية والانضباط وذلك لضمان نجاح دخول شركات التمويل الأجنبية إلى السوق السعودي، وبالتالي توفير التمويل المناسب والمبني على منافسة عادلة مع كافة الجهات التمويلية الأخرى العاملة في السوق، مستشهدين بنظام الرسوم على الأراضي وزكاة شركات التمويل العقاري الذي ما زال يكتنفهما الغموض.
وأشار المتختصون إلى أن زيادة عدد الشركات العاملة في سوق التمويل العقاري له أبعاد إيجابية في تغيير واقع السوق، وترسيخ دعائمه، الأمر الذي يتطلب الإسراع في تفعيل الضوابط اللازمة لمزاولة نشاط التمويل العقاري، وحماية حقوق المتعاملين فيه، والتمهيد لنشوء سوق ثانوية للتمويل العقاري، فضلاً عما سينتج عنها من تعزيز المفاهيم العملية الاحترافية لبيئة نشاط التمويل العقاري وتوفير قدرٍ عالٍ من الشفافية يتمثل في نشر المعلومات المتعلقة بنشاط الشركات أولا بأول.
وقال الدكتور عبدالوهاب أبو داهش رئيس لجنة التمويل والتثمين العقاري بغرفة الرياض أن نجاح دخول شركات التمويل الأجنبية إلى السوق السعودية يحتاج الكثير من الأمور المتعلقة بجانب الشفافية في تطبيق الأنظمة العقارية. مضيفا بأن دخول شركات التمويل العقاري لن يتم من دون حل بعض العوائق والتي من أبرزها الغموض الذي يكتنف رسوم الأراضي البيضاء، وتطبيق الزكاة على شركات التمويل العقاري، ودفعة الـ30 في المائة والتي تشترطها مؤسسة النقد لللجصول على التمويل عند الرغبة في شراء وحدة سكنية.
وذكر رئيس لجنة التمويل والتثمين العقاري بغرفة الرياض أن دخول الشركات الأجنبية في المجال التمويلي الى السوق السعودي يعطي انطباعا إيجابيا على وجود الشفافية المطلوبة، مما يزيد من توسعها خلال السنوات المقبلة لامتلاكها الخبرة الطويلة في مجالات التمويل والتسويق، مشيراً إلى أن تلك الشركات ستنجح إذا وجدت سوق مكتمل الأنظمة، مؤكداً أن شركات التمويل ستكون الداعم القوي للقطاع التمويلي. وبين الدكتور ابو داهش أن من المأمول أن تسهم شركات التمويل في دعم تلبية الطلب وتوفير الخيارات أمام المواطنين بالاستفادة من قنوات وقدرات المملكة الاقتصادية بتحريك السيولة النقدية نحو المشاريع الإسكانية التي تعاني من أزمة حقيقية.
بدوره قال ياسر أبو عتيق المدير التنفيذي لشركة دار تمليك العقارية، إن هناك نقصًا كبيرًا في السوق العقارية في المملكة من حيث الوحدات السكنية، رغم وجود وفرة مالية تمويلية، إلا أن الطلب المتزايد في السكن هو المشكلة، وهناك فجوة في التشريعات والبنية التحتية التي تكفل استدامة مصادر التمويل، مشيرا إلى أن من أبرز مشاكل السوق العقارية في المملكة يعود إلى ضعف دخل المواطن حيث إن نحو 60 في المائة من المواطنين دخلهم أقل من الأسعار السائدة للعقارات في المدن الكبرى وهو ما يقلل فرصهم في الحصول على التمويل».
وذكر أبو عتيق أن من ملامح المرحلة الحالية لسوق التمويل العقاري، هو وجود المنافسة في السوق، مع إمكانية تكوين قطاع تمويلي تنافسي من خلال خلق نوع من المنافسة بين الجهات التمويلية، آخذاً في الاعتبار مبادئ الشفافية والانضباط وحماية المستهلكين، من حيث تنظيم هذا القطاع ومراقبة الشركات العاملة فيه من قبل مؤسسة النقد، معرباً عن أمله بأن يساهم تطبيق أنظمة التمويل في تطوير ونمو أنشطة التمويل في المملكة.
وقال فيصل الدخيل متخصص في الشأن العقاري إن الجهات ذات الاختصاص تعمل على تحقيق خطوات مهمة في إنشاء قطاع عقاري فاعل وإفساح المجال أمام المستثمرين والممولين الأجانب، إلا إن هذا التغيير يحتاج إلى الكثير من الشفافية أمام الشركات الراغبة في السوق ، مبيننا أن الحكومة تعمل على إيجاد نظام عقاري فاعل، من حيث الإسراع في اكتمال تطبيق الأنظمة العقارية مما يخلق نوعا من الارتياح في السوق ومنافسة بين الجهات التمويلية ودخول الجهات التمويلية الأجنبية. وبين الدخيل أن الشركات الأجنبية والتي تعمل في مجال التمويل أذا رأت التطبيق الشفاف والتعامل العادل مع المقرضين والدائنين وحماية حقوقهم، فإن هذا سيجذبها للعمل ويضمن استدامة استثمارها.
وتعمل الكثير من المصارف وشركات التمويل الخليجية على ترتيب أوراقها من أجل دخول للمنافسة على فرص التمويل العقاري في المملكة بعد الانتهاء من تطبيق اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل والتي وصفت لائحة التمويل العقاري المقرة بالممتازة التي تساعد في تطوير السوق العقاري وتدفع بعجلة التطوير السكني والتجاري وتعطي فرصة للمؤسسات المالية الخليجية في المشاركة، ولكن تطبيق 30 في المائة في التمويل العقاري قد تكون عثرة في دخولها السوق السعودي.
وذكرت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في المصارف السعودية إن نظام التمويل العقاري الجديد الذي يتم تطبيقه خلال الفترة الحالية لن يحل أزمة الإسكان في السعودية بنسبة 100 بالمائة، مبينة إن حل مشكلة الإسكان في السعودية يتقاسمها عدد من الجهات، وأن الأفراد الذين لا يستطيعون تملك المنزل عبر التمويل العقاري يكون بسبب انخفاض الدخل ومحدوديته. واعتبرت اللجنة أن إلزام المواطنين السعوديين بتقديم 30 في المائة من قيمة العقار كدفعة مقدمة للبنوك يعني أن المواطن الذي لا يملك ما بين ـ 300 ـ 400 ألف ريال كحد أدنى لا يستطيع الاستفادة من تسهيلات القروض البنكية لشراء العقار، وهذا يحتاج إلى الكثير من الوقت قد تصل إلى 15 عاما من أجل جمع الدفعة المقدمة.
هذا وألمحت دراسة حديثة إلى أن إقرار قانون ونظام الرهن العقاري ليس الحل الوحيد لتسهيل شراء العقارات على المواطنين، لأن تحقيق هذا الهدف سيستغرق بعض الوقت، وعلى المدى المتوسط على الأقل سيكون من المستبعد أن يستفيد من هذا القانون معظم السعوديين الذين يقل دخلهم الشهري عن 8 آلاف ريال. ويمثل التمويل العقاري نحو 2 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي للسعودية، بينما تمثل قروض الإسكان المصرفية 2.8 في المائة فقط من مجموع القروض المصرفية بحسب الدراسة. فيما سجل حجم التمويل العقـاري الممنوح من البنوك وشركات التمويل العقاري انخفاضا خلال الفترة من بداية يناير 2015 وحتى نهاية يونيو 2015 إلى نحو أربعة مليار ريال مقابل 14 مليار ريال خلال نفس الفترة من عام 2014، بانخفاض أكثر من 70 في المائة.