تعقيباً على مقال الأستاذة الرائعة الهنوف الدعيشم (ضمير المجتمع) والذي نشر في عدد يوم الأربعاء 2 سبتمبر 2015م فغياب بعض الأمور حين يفقدها الإنسان لا تؤثر، خاصة حين تكون تلك الأمور مختصرة على جانب خاص بالشخص نفسه، لكن المشكلة حين يفقد بداخله حس الشعور بالآخرين مثل شعور الرحمة وشعور الأخلاق، فهنا يكون كم هائل من الانحطاط الخلقي وانعدام الإنسانية، لقد مدح الله في محكم كتابه نبينا الكريم بأنه على خلق عظيم، فقال {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، دائماً فقد أمر ما، يؤثر على شخص، فكيف من فقد فن التعامل في الأخلاقيات، ديننا دين معاملة حسنة ونظرة راقية، ففن الرقي بالأخلاق فن لا يدركه إلا القليل، حين أقول القليل أي من يطبقه بصدق قليل من الناس، القليل من يطبق والأغلب يطبقه لمصلحة أو ابتغاء شيء من الطرف الآخر، لا بد أن يعلم الكثير أنّ الأخلاقيات في التعامل هي الرقي بمعلم من معالم الدين الحنيف، وأيضاً هي نبذة حسنة تظهر الشخص أمام الناس عن مدى ماهية صاحبها، وبعيداً عن أمور الدنيا نحن نريد تعاملاً جيداً يخفف علينا من صراعات الحياة، وقلوباً رحيمة ذات خلق نبيل، فأين الضرر حين تحسن الخلق، بل إن من يرى تعاملك الحسن يشعر بأنّ الحياة ما زالت تحمل حياة أكثر جمالاً.
أحياناً بسبب ضغوط الحياة نختلف قليلاً في تعاملنا لكن نستوعب فيما بعد، ثم نشعر بالندم ونشعر بشعور مؤلم، خاصة في تعاملنا مع بعض الأشخاص المحبين لنا، ليس خطأ أن نخالف ونحاسب أنفسنا، لكن الخطأ في عدم المبالاة وانعدام مستوى الذوق والتقدير.
مسألة التعامل قد تكون صعبة في تنوع مستويات الناس لديك، فتعامل الصديق يختلف كثيراً عن تعامل مديرك بالعمل، وكذلك يختلف مع من تعارفهم بسيط وسطحي معك، وبعض من هؤلاء قد يكون معقداً وصعباً في التعامل معه، لكن حاول قدر الإمكان أن تكون منصفاً في التعامل، وابتعد عن الإساءة واقترب قليلاً من المعروف، فمعروف القول من خلق النبلاء والعقلاء، ومما لا شك فيه أننا نرى أخلاقيات وتعاملات تجعلك تفكر كيف تعرفت عليهم، وقد تندم على بعض المعارف لكن تحمل فالحياة لا تسير كما نريد.
مصداقية التعامل بالأخلاق للمصلحة فقط هو أسوأ ما يكون، والشخص العفوي قد يأتيه من حب الناس وتقديرهم أكثر بكثير من الشخص ذي المصلحة، لسبب واحدة فقط هو أن الشخص العفوي يتحدث بشفافية ويتعامل بأخلاقه ذات المصداقية التي خلقه الله عليها، عندها يعلم الجميع أنه لا يسعى لحاجة أو مصلحة زائلة، أما دخول الشخص ذي المصلحة بشكل مفاجئ في صفوف هؤلاء يحدث نوعاً من الثرثرة والضوضاء باستفهامات عديدة.. كيف، لماذا! إذاً لا بد أن يرتقي كل إنسان قليلاً عن التصنع لأجل مصلحة أو حاجة تجعله يمثل على الجميع والكل غالباً يعلم ما هي أخلاقياته.
فكر قليلاً عش لنفسك أنت لا لأجل التقرب للناس بالتصنع أو التمثيل المزيف، لا تكن أمام الناس بأخلاق وخلف الكواليس بأخلاق أخرى، وتأكد أن الدين خلق، لا تجعل المصلحة تميت فن التعامل بداخلك، وتذكّر أنّ نبينا صلوات الله وسلامه عليه كان يدعو قائلاً (اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي، فَحَسِّنْ خُلُقِي).
المصلحة مهما كانت قوّتها فإنها تموت وتستغني عنها في يوم من الأيام، بعكس التعامل الحسن الذي لا يموت حتى وإن مت أنت.
ريما المقبل - الرياض