أحمد بن عبدالرحمن الجبير
العلاقة بين المملكة وتركيا تتطور، وهناك خطوات جادة وملموسة نحو شراكة إستراتيجية فاعلة، وهذه الشراكة تفرضها عوامل عديدة، فتركيا دولة اسلامية محورية، وكذلك المملكة أيضاً، وكلا البلدين يعيش حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتتسم سياساتهما بالتعاون مع دول العالم، ولهما حضورهما، وهما معاً يشكلان مصدر استقرار للمنطقة، في ظل الصراعات والنزاعات التي بدأت تعصف بالمنطقة، وقد توجت العلاقات بمزيد من التفاهم والفاعلية في عهد الملك سلمان – حفظه الله – وفخامة الرئيس التركي / رجب طيب أردوغان.
كان لهذه التفاهمات انعكاسات في قضايا الامن والاقتصاد، وقد لمست ذلك خلال مشاركتي في الملتقى التركي العربي للاستثمار العقاري الذي عقد مؤخراً في مدينة اسطنبول بالتعاون مع بلدية (باي أوغلو) ومجموعة (تشاليك العقارية) برئاسة فيض الله يتغين، حيث طالب رئيس الجمعية التركية العربية للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي الدكتور/محمد العادل، بأن يكون هناك تعاون تركي عربي في جميع النواحي الاقتصادية، وبما يحقق التنمية، ويساهم في تعزيز الاستثمار الآمن للجانبين.
الدكتور / محمد العادل يعمل بجهد استثنائي وبقناعة راسخة على ضرورة الانتقال بالعلاقات الى مستويات استراتيجية، حيث ان حجم الاستثمارات السعودية، والخليجية والعربية يتنامى بقوة في تركيا وبخاصة في القطاع العقاري، والاستثمار الصناعي، ويتوقع الخبراء والاقتصاديون أن يزداد الإقبال العربي على الاستثمار العقاري في تركيا متأثراً بالمؤشرات الاقتصادية الإيجابية مع نمو واستمرار المشاريع العملاقة، وكذلك مع موقف تركيا الإيجابي في منطقة الشرق الأوسط.
ويبدو أن الاستثمار العقاري في تركيا يرتفع بسبب أن الاقتصاد التركي ينمو نتيجة لتوسع المراكز المالية الآخذة بالتطور المستمر، التي تجذب المستثمرين من كل انحاء العالم. وايضا انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام العملات العالمية الاخرى وخاصة الدولار، وتوفر تركيا لمستثمريها فرصاً عقارية أفضل من حيث الأسعار بالمقارنة بالدول الأخرى المطلة على البحر المتوسط.
إن العلاقات الممتازة بين العرب وتركيا فتحت الابواب للمستثمر العربي لتطوير نشاطه، وقد يكون من دواعي اطمئنان المستثمرين العرب في تركيا ترشيحها كأفضل استثمار عقاري في أوروبا مقارنة مع بريطانيا وسويسرا وإسبانيا والبرتغال، وفرنسا، حيث تعد تركيا الأفضل من ناحية عوائد الإيجار كما ان تركيا لم تتأثر مثل غيرها بالأزمات المالية العالمية.
حجم الاستثمارات العربية في تركيا ارتفع بسبب دخول رؤوس أموال سعودية، وخليجية وعربية إلى السوق التركي من خلال شركات العقار الاستثمارية، وتمت ملاحظة ذلك من خلال السفرات التركية في الدول العربية، حيث ارتفعت بنحو 40% مقارنة بالعام الماضي، ويعتبر العقار في تركيا أرخص من بعض الدول العربية، حيث ان الحكومة التركية تدعم تنمية المشاريع العقارية، وهناك شراء كبير من الأتراك أنفسهم.
وتم فتح الاستثمار العقاري للعرب والأجانب، وأصبح أكثر جذباً من الدول الأوروبية, حيث تزداد جاذبية تركيا عقارياً لقرب موقعها الجغرافي من جميع الدول العربية، ولأنها خارج منطقة اليورو حيث التضخم السعري ينتشر في كل أنحاء أوروبا، خاصة في اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال التي تعاني من انكماش اقتصادي غير مسبوق، ويمكن القول إن عدم دخول تركيا حتى الآن إلى الاتحاد الأوروبي كان له فوائد اقتصادية ممتازة.
وتركيا ليست خالية من المخاطر، بسبب نقص بعض الضمانات والمعلومات والبيانات والإحصاءات العقارية، وهناك بعض المخاوف من التعامل مع بعض شركات العقار التركية، حيث إن بعضها لا يلتزم بالمعايير الدولية للعقار، ويفترض من جميع المستثمرين عند الرغبة في شراء العقار التأكد من أن الشركة التي يتم الشراء منها ان تكون معتمدة لدى الجهات الرسمية، وانها مسجلة لدى البلدية التركية لضمان حقوق التملك وفق التعليمات والأنظمة والقوانين التركية.
ونامل ان يتم تأسيس، وانشاء شركة تركية عربية استثمارية عقارية برأس مال لا يقل عن مليار دولار، وإنشاء بنك تجاري تركي عربي لتسهيل نقل الاموال، وتحويلها بين تركيا والدول العربية وتسهيل منح التأشيرات للعرب الذين يستثمرون في تركيا، ونتمنى ان يكون هناك اعفاء ضريبي، ومنح اقامة دائمة لجميع المستثمرين العرب، لأن محور الشراكة الاستراتيجي يستدعي اقامة مثل هذه الشركات.