«لو أبصرت ثلاثة أيام» دعوة لاكتشاف جمال الحياة وشكر نعمة البصر ">
الجزيرة - المحليات:
تحت عنوان: «لو أبصرت ثلاثة أيام»، أعادت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض إصدار ترجمة بديعة لمقال الكاتبة الأمريكية المعجزة هيلين آدمز كيلر، التي استطاعت رغم إعاقتها البصرية، والسمعية، وعدم قدرتها على الكلام، أن تحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1979م، وتبهر العالم بأعمالها الأدبية، والإبداعية، التي ترجمتها إلى لغات عدة.
ويتضمن الكتيب الذي حمل عنوان: «If I had Three «Days To See والتي بادرت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة إلى إعادة نشر ترجمته العربية، تجربة افتراضية متخيلة للكاتبة، التي حرمت من نعمة البصر، حول ماذا تفعل لو أنها أبصرت ثلاثة أيام فقط؟ لتقدم بخيالها الواسع، رسالة تنبيه بكل الأشياء الجميلة، والتفاصيل التي لا يتم الالتفات إليها في الواقع، وتلفت النظر إلى التنوع الهائل في الكائنات الحية، والطبيعة، والألوان التي تزدان بها الحياة، وهي تسابق الزمن قبل أن تنقضي الأيام الثلاثة، وتعود مجدداً إلى الظلام. وكتب معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، المشرف العام على المكتبة تصديراً للكتيب، أكد فيه أهمية تلبية الاحتياجات الثقافية للمكفوفين، وضعاف البصر من خلال القراءة بدرجة الحرص نفسها ورعايتهم صحياً، واجتماعيا،ً وتربوياً، في ظل ضعف المواد المنشورة، والتي يمكن للمكفوفين قراءتها، مدللاً على ذلك بالإحصاءات الصادرة عن الاتحاد العام للمكفوفين، والتي تشير إلى أن نسبة 90% من مجمل المواد المنشورة في العالم، غير ميسرة لهذه الفئة ممن حرموا من نعمة البصر. وعبر معاليه في تصديره للكتيب -الذي قام بترجمته الأكاديمي، والدبلوماسي، والأديب المغربي معالي الأستاذ الدكتور عبدالهادي التازي - رحمه الله - عن أمله أن يسهم كتيب «لو أبصرت ثلاثة أيام» بترجمته العربية الورقية، وكذلك بطريقة (برايل) المعروفة مع غيره من الإصدارات المماثلة، في إثراء المكتبة العربية بشكل عام، ومكتبة المكفوفين وضعاف البصر في العالم العربي بوجه خاص، مشيراً معاليه إلى أن الكتيب هو في الواقع دعوة لكل من أنعم الله عليه بسلامة العقل، والبدن أن يدركوا قيمة هذه النعم العظيمة، معرباً عن شكره لمعالي الأستاذ الدكتور التازي الذي وافته المنية قبل صدور هذا الكتيب على ترجمته لهذا العمل العظيم، والشكر موصول كذلك للشيخ الفاضل عبدالعزيز بن أحمد الرفاعي - رحمه الله -، الذي تبنى ترجمة العمل ونشره للمرة الأولى عام 1410هـ/1990هـ. بينما كتب معالي الأستاذ الدكتور التازي مقدمة للكتيب، تحدث فيها عن معاناة المؤلفة، والكاتبة الأمريكية هيلين آدامز كيلر، وحرمانها من نعمة البصر، والسمع، والكلام، ونجاحها في أن تتخلص من عالم البؤس، والصمت الناجم عن إعاقتها الثلاثية، إلى عالم السعادة، والقدرة على الإبداع، وكذلك نجاحها في أن تتخرج بتفوق في كلية «راد كليف» بولاية مااشوستش الأمريكية، عام 1904م، وانصرافها للقراءة، والتأليف، وتقديم عشرات الكتب، والمقالات، التي تفيض بالشكر لله سبحانه وتعالى على نعمة الحواس، وتدعو الجميع إلى استعمالها فيما خلقت من أجله. وأضاف معالي الأستاذ الدكتور التازي - رحمه الله - في تقديمه للكتيب أن اختياره ترجمة مقال المؤلفة إلى العربية، يمثل من وجهة نظرة، أفضل نصيحة يمكن تقديمها لمن تحف بهم النعم من كل الجهات، لكنهم لا يقدرونها، ويستسلمون للأوهام، واليأس، والقنوط، ودعوة للناس أن يلتفتوا إلى ما حولهم من كنوز، وثروات حقيقية. ويتضمن الكتيب تمهيداً للكاتبة هيلين كيلر تقول فيه: لو كنت رئيسة جامعة لفرضت مادة إجبارية حول موضوع «كيف تستفيد من عيونك؟»، على أن يقوم معلم المادة بمحاولة إفهام طلابه الوسائل التي تمكنهم أن يضاعفوا المتع التي تزدان بها حياتهم؛ عن طريق الرؤية الحقيقية للأشياء، التي تمر أمامهم دون أن يعيروها أدنى اهتمام، وتحدد المؤلفة اختياراتها، وأولوياتها -فيما لو أتيح لها فرصة الإبصار في رحلتها الخيالية القصيرة-، مؤكدة أنها ستختار أن ترى أكثر الأشياء التي أصبحت عزيزة عليها طوال السنوات المظلمة التي عاشتها؛ لتترك لعيونها الحرية الكاملة؛ لترى الأشياء التي أمست محببة لديها، حتى تستطيع أن تحتفظ لنفسها بذكراها في الليل البهيم، الذي يعترض طريقها بدءاً من الوجوه، التي اختارت المؤلفة أن تراها بتعمق في اليوم الأول، مروراً بمعجزة انسلاخ الليل عن النهار، التي حرصت على أن تخصص لها بداية اليوم الثاني من الأيام المفترضة؛ لتمتعها بنعمة البصر، وصولاً لليوم الثالث والأخير، الذي قررت أن تقضيه في العالم المتحرك بين البيوت، والمتاجر، والميادين بمدينة نيويورك الأمريكية بكل معالمها. وتختتم كيلر رحلتها كمبصرة بدعوة للجميع: أن افتحوا أعينكم؛ لتروا حقيقة الأشياء، وتكتشفوا عالماً جديداً من الجمال، وأن استفيدوا من عيونكم، وكل حواسكم، كما لو كنتم مهددين غداً بفقدانها؛ لأن هذه الحواس هبة تستحق الشكر.
وتتطلع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، والقائمون عليها أن يضيف هذا العمل الإضافة المميزة المنشودة، لعموم القراء، والمكفوفين وضعاف البصر على وجه الخصوص.