عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري ">
للمعلمين وللمعلمات أهمية كبرى في المجتمع, إذ إنهم ركن من أركان البيئة التعليمية, فعليهم احتساب الأجر من الله في عملهم, وإخلاص النية لله في تعليمهم للتلاميذ, ذكورا وإناثا, بأن يرفعوا الجهل عنهم, ويشرحوا لهم المنهج على أكمل وجه, فينتفع المتلقي بالعلم الذي يتلقاه, وينفع به بلاده وأمته, فينشأ جيلا صالحا تلقى علومه بوعي وإدراك وبذل ما يستطيع لما فيه صالح بلاده وأمته في جميع مجالات الحياة, فيكون هذا الجيل مقوما أساسيا من مقومات التقدم والحضارة على مستوى أمته عموما وبلاده خصوصا.
إن للمعلمين وللمعلمات دوراً مهماً في تربية النشء, إضافة إلى المنهج الدراسي, فمهمتهم تربية وتعليم, والجانب التربوي لا يقل أهمية عن الجانب التعليمي, فالتربية أدب جم وأخلاق رفيعة ينبغي لمن تولى التعليم أن يتحلى بها, وأن يكون المعلم والمعلمة على حظ كبير من امتثال الأخلاق الفاضلة, قولا وعملا.
ورسالتي إلى المعلمين والمعلمات رسالة تحتوي على باقات, كل باقة منها تحتوي على مفتاح من مفاتيح التوفيق والفلاح:
الباقة الأولى: باقة تحتوي على حب مكنون, ودر من النصح مصون, بداخلها ورقة مكتوب فيها, إن مهمة التعليم أمانة في عنق المعلمين والمعلمات, فعليهم تأدية الأمانة على ما يرضي الله عز وجل, فمن أداها وعرف قدرها, واجتهد في تأديتها على أكمل وجه فهو مأجور مثاب, يلقى الله غداً وقد برئت ذمته, ومن لم يؤدها, ولم يعرف قدرها, ففرط فيها, ولم يجتهد في تأديتها على وجهها المطلوب, فهو محاسب غداً في يوم لا ينفع فيه الندم.
الباقة الثانية: باقة تحتوي على الحب والرحمة والعطف, بداخلها ورقة مكتوب فيها للمعلمين والمعلمات, عاملوا تلاميذكم معاملة أبنائكم وبناتكم, فتعاملوا معهم بالأخلاق الطيبة, حسسوهم بحبكم لهم وقربكم منهم, واعطفوا عليهم كما تعطفون على أبنائكم, فإنهم إن وجدوا ذلك منكم فسيحبونكم, ويحبون المنهج الدراسي الذي تقومون بتعليمه لهم, وسوف ترون منهم تفوقا دراسياً, وإن لم يتفوقوا في دراستهم فسيتفوقون في رقيهم تعاملا وأخلاقاً, وإياكم والجفاء والغلظة فإنها تبغضهم فيكم, فإذا كرهوكم كرهوا المنهج الذي تقومون بتدريسه لهم, وسوف ترون منهم إخفاقا وعدم تفوق في دراستهم, وصار تعاملكم وبالا عليهم, فالله الله في العطف والرحمة والرفق مع من تدرسونهم.
الباقة الثالثة: باقة تحتوي على مسك يفوح شذاه معطرا الجو, بداخلها ورقة مكتوب فيها, إن التربية والتعليم يحتاجان إلى صبر ومصابرة, وإلى تنويع في الأسلوب وتجديد في العرض, توافقا مع ما يستجد من وسائل تربوية وتعليمية, مما ينبغي معه التطوير الذاتي, والصبر على تربية وتعليم النشء.
الباقة الرابعة: باقة تحتوي على ثمرة طيبة تنعش العقل وتزكيه, وتدفع عنه ما يكون سببا في فساده وتلفه, وبداخل هذه الباقة, ورقة مكتوب فيها, على المعلم والمعلمة أن يحسنوا لغة الحوار مع من يعلمونهم, ففتن الشبهات كثيرة هذا الزمن, تحتاج إلى مزيد من بذل الجهد في مدافعتها والرد عليها ردا إيجابيا مقنعا؛ لكشف شبهات رائجة, خصوصا مع ظهور الغلو والإرجاء, اللذين لهما رواج كبير في وسائل التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية, فيبين لهم خطر الغلو, وخطر والإرجاء, وأن أهل السنة والجماعة وسط بين الغلو والإرجاء, ومن الأهمية بمكان بيان حال الغلاة من الخوارج الذين كفّروا أهل السنة وحاربوهم, وتركوا أهل الشرك والزيغ والضلال, فلم يحاربوهم, كما هو شأن تنظيم القاعدة, وشأن تنظيم داعش المتسمين -تنظيم الدولة الإسلامية زعموا- الذين يبثون الشبه, ويكفرون حكام وعلماء وجنود المسلمين, فيسمون حكام المسلمين طواغيت, ويسمون علماء المسلمين عملاء, ملقين بشبههم على الناس فيغتر بهم سفهاء الأحلام, ليقوموا بتنفيذ ما يطلبه أولئك الغلاة من إفساد في الأرض, فعلى المعلمين والمعلمات بيان الحق للطلاب والطالبات, لئلا تطولهم لوثة فكرة الغلاة الخوارج, وكذلك أهمية بيان فكر المرجئة الذي يبعثهم إلى الانغماس في الشهوات المحرّمة والشبهات المهلكة, حسبما تمليه عليه أهواؤهم.
الباقة الخامسة: باقة تخص المعلمات, وهن الدرر المصونات, تذكيرا لهن, بداخلها ورقة مكتوب فيها, إن العفة والحشمة والحجاب الكامل صفة المسلمة الصالحة التي تستحق أن تكون معه الطالبة مربية للجيل القادم بإدراك نير وحسنِ اقتدار, فعلى كل معلمة أن تربي الطالبات على الأخلاق الفاضلة ومن أهمها خلق الحياء, وأن تجتهد في نصح الطالبات وحثهن على ارتداء الحجاب الكامل, وبيان أهميته, وأدلة وجوبه من الكتاب والسنّة, والرد على الشبه المثارة حوله.
إضاءة: التربية والتعليم أمانة على عواتق منسوبي وزارة التعليم, كلٌ حسب عمله, فمن أدى الأمانة فليبشر بما يسره, ومن فرط وضيع فلا يلومن إلا نفسه, في يومٍ لا ينفع فيه الندم.
- خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير