حمّاد السالمي
لن يختلف العقلاء هنا؛ على أن ما يجري على أيدي أدوات (دولة الخرافة الإسلامية) في العراق والشام (داعش)؛ سواء من قِبل عناصرها الميدانيين؛ الذين يذبحون وينحرون ويقتلون ويدمرون كل مظاهر الحياة الإنسانية؛ أو من قبل شيوخها المفتين في المحابر والمنابر في فضائنا العربي، ومن
يتعاطف ويدعم ويحرض ويجنّد صغار السن من المأخوذين بفكرة الجهاد التي يرفعها أعداء الله ودينه وخلقه في هذا الزمان.. إن ما يجري هو بدون أدنى شك؛ اختطاف ممنهج لفريضة الجهاد، وهي المحكومة بقواعد شرعية لا تتوفر فيما يقترفه الدواعش ولا القاعديون من قبلهم، ولا الجماعات الإرهابية التي تشظّت بين قطبي العنف الإرهابي المرتبط بالإسلام زوراً وبهتاناً، وتوزعت على الجغرافية العربية والإسلامية لفرض ظلامياتها وجهالاتها على المجتمعات المسلمة بقوة السلاح.
* ديننا الإسلامي مختطف من قلة تشوه قيمه ومبادئه، وتضعنا في موقف محرج أمام أمم الأرض كافة، وفريضة الجهاد هي الأخرى تم اختطافها على أيدي هؤلاء القلة الهمجية، وحان وقت الجهاد المضاد الذي يعيد لدين الإسلام صورته الناصعة البياض، ويعيد إلينا فريضة الجهاد كما تريدها ضوابطه الشرعية لا كما تريدها جماعات التكفير والتفجير وقتل الأنفس دون وجه حق.
* متى يهب العالم الإسلامي عن بكرة أبيه لجهاد حقيقي يُوقف سيل الدماء، ويمحو من خارطتنا العربية والإسلامية كافة البؤر التكفيرية والإرهابية التي تنتهك الحرمات، وترتكب المحرمات، وتنسب أفعالها هذه للإسلام وأهل الإسلام..؟!
* هل سمعتم أو قرأتم عن عربي واحد، أو مسلم واحد، من شرق الدنيا أو غربها ووسطها؛ أعلن الجهاد ضد الإرهابيين من مختطفي فريضة الجهاد، وحمل السلاح لوقف صور الذبح والنحر والحرق باسم الجهاد في سبيل الله، وتحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله.. الله أكبر).؟!
* وفي هذا السياق.. من يجرؤ على الكلام..؟ من يتخطى حدود الإنكار على العمليات الإرهابية وتجريم التكفير وتفجير المساجد وخلافها من الدعاة والوعّاظ، فيجهر ويدعو إلى جهاد ضد منتهكي ضوابط الجهاد ومختطفيه، من أولئك المنتسبين للجماعات الإرهابية، والمنضوين تحت لوائها في العراق والشام، وفي كل بقعة تنشأ فيها بؤرة فتنة وشر..؟
* شخص واحد فعل ما لم يفعله كل المعنيين بالعنف والإرهاب الذي يمارس بينهم وفي ديارهم وعلى أيدي زمرة فاجرة من أبنائهم.. هذا الشخص بريطاني الجنسية اسمه (جيم أثرتون - 53 عاماً). أب لثلاثة، وجدّ. باع كل ممتلكاته، وذهب إلى العراق ليحارب تنظيم (دولة الخرافة الإسلامية - داعش)..!
* ذكرت صحف بريطانية وعراقية؛ ومنها صحيفة (الديلي ميل)، أن (أثرتون)؛ غادر بلدته الصغيرة (تاين) في بريطانيا؛ بعد أن ترك زوجته وأطفاله الثلاثة، وباع سيارته ودراجاته النارية وقواربه؛ ليموّل رحلته إلى العراق لمحاربة تنظيم (داعش)، موضحة أنه أكد استعداده للموت في سبيل (محاربة المتطرفين)..! وأضافت الصحيفة: أن (أثرتون) انضم إلى مقاتلين آخرين من أستراليا والولايات المتحدة ودول أوروبا من الذين يقاتلون داعش، وهم يطلقون على أنفسهم تسمية (المُضحُّون). أثرتون وبحسب تقرير (ذا صن) البريطانية؛ استطاع الحصول على قرابة (28000 دولار) من أجل رحلته وعتاده العسكري، بعد أن باع سيارته المفضلة، ودراجتين ناريتين، وقارباً وقطع سيارات مختلفة.
* تعالوا نقف على أقوال هذا المضحّي البريطاني.. ماذا يقول عن خطوته الجريئة هذه..؟ يقول: (هذا شيء.. شعرت بأنني بحاجة للقيام به، وأريد لأحفادي أن يعلموا ما أقوم به حقاً). ويقول: (إن الاكتفاء بمراقبة ما تقوم به داعش؛ يشعرني بالغضب، ولا أحد يبدو أنه يفعل أي شيء حياله، ولذا قررت أن أقوم أنا بهذا الشيء). ثم يقول: (أنا لست معادياً للإسلام، ولا شخصاً عنيفاً، لكنني أحارب من أجل الحرية، وأنا على استعداد للقتال من أجل تحقيقها.. لم أشعر بالفخر في حياتي مثلما أشعر به الآن).
* ما يلفت في تصريحات (أثرتون) قوله: إنه يحمي اليوم الخطوط الأمامية، وبحوزته سلاح ناري آلي وقنابل، على الرغم من عدم امتلاكه الخبرة العسكرية اللازمة مؤكداً: (أنا مستعد للموت أثناء قتال داعش)..! وعن خطورة المعارك، يقول: بأنه تعرض لوابل من الصواريخ وإطلاق النيران في أكثر من مرة. (لا بد من الشعور بالخوف عندما تتعرض للنيران. لم أكن أعرف عندما أتيت إن كنت سأتراجع في أول مواجهة وأغادر على أول طائرة. ولكنني أظن أنني أبليت حسناً في المعارك)..!
* جاء الوقت الذي ينتقل فيه الخطاب الديني من إنكار الإرهاب وشجبه والتملص من تبعاته؛ إلى التحريض ضده، ودعم جيوش التحالف، وتشجيع من يتطوع لقتال الدواعش والقاعديين وكافة الإرهابيين في العراق وسوريا وليبيا وسيناء، وفي كل قطر عربي يشهد عمليات إرهاب تفجيرية، ضد دور العبادة والمؤسسات الأمنية والعسكرية والعامة.
* الإرهاب لن يوفر حكاماً ولا محكومين، ولن يقف دون رجال دين ودعاة وخلافهم، حتى من أولئك الذين ما زالوا يغلّفون أقوالهم ويخفون نواياهم..! كلنا أمام قاعديينا ودواعشنا كفرة نستحق الموت، فلماذا لا نسقيه لهم قبل وصولهم إلينا، بعد أن نقتلع من بيننا من يفتي لهم، ويتعاطف معهم، ويحرض لهم، ويدعم ويشجع مشروعهم التدميري..؟!