م. خالد بن عبدالله السليمان
تُعد مشكلة الحصول على مسكن من أهم الأولويات بعد الصحة والتعليم، فقد يستنزف الحصول على سكن ما يُقارب من 50% من راتب الموظف، ولمدة تصل إلى 20 إلى 25 سنة من عمر الموظف الوظيفي.
تلك المشكلة لا تخص المملكة فقط، فهي مشكلة يعاني منها معظم شعوب العالم بلا استثناء، ووالد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في خطاب سابق له وعد بإيجاد حلول ناجعة لمشكلة الإسكان، وهو ما حدث بالفعل عندما أحدث تغيُّرات في وزارة الإسكان تُعتبر جوهرية.
كما نثق بالخبرة التراكمية لوزير الإسكان الحالي وقدرته على احتواء وبحث حلول عملية تساعد في عدم تفاقم المشكلة.
وللمشاركة في إيجاد الحلول يجب أولاً تسليط الضوء على مسببات المشكلة والوقف عند كل نقطة وحلها، فمن أهم المشاكل التي تُواجه مشكلة الإسكان، وبعض الحلول لها:
) ارتفاع أسعار الأراضي داخل النطاق العمراني للمدن الكبرى بشكل خاص، والحل بإنشاء ضواحٍ رديفة للمدن الكبرى مخدومة بالبنية التحتية ومربوطة بشبكة نقل حديثة.
) ظهور ما يُسمى بالمسكن التجاري نتيجة لعدم وجود هيئة تُعنى بالعقار، فاليوم كجزء من الحل إنشاء هيئة أو بنك عقاري يُعنى بتنظيم العقار أصبح مطلباً ضرورياً، كما أن قيام وزارة الإسكان بعمل مسابقة معمارية لتصاميم مساكن حديثة تناسب جميع شرائح المجتمع وقابلة للتوسع مستقبلاً.
) جشع تجار الأراضي وتقسيمها مما يزيد في قيمتها لاحقاً، مشاركة التجار ونظام الزكاة على الأرض كفيل بحل المشكلة.
) تطفُّل بعض الأشخاص على مهنة الهندسة المعمارية، مما ولّد تصاميم تحكمها المساحة فقط حتى وصلت بعض المساكن في مساحتها أقل من 240 م2، وهو ما لا يناسب الأسرة المتوسطة في الغالب، ففي مؤتمر سابق ثبت أن مساحة المسكن المناسب للأسرة السعودية (7 أشخاص في المتوسط) لا يقل عن 420 م 2، كما أن ترك حرية مواصفات المسكن للمواطن من حيث التشطيب من الأمور التي يجب مراعاتها بنسبة فائدة معقولة، مما يزيد من نسبة الرضا، والمسابقة المعمارية كفيلة بالقضاء على التطفُّل على المهنة.
) إعادة النظر في نظام تشريعات وقوانين البناء مثل الارتدادات، فمن غير المعقول ومع التزايد المستمر لسعر متر الأرض أن يكون سعر ما يقارب 40% من مساحة الأرض لا يستغل بفعل نظام الارتداد، فمثلاً إذا كان مساحة أرض 400 متر وأطوالها 20 × 20 م، وتم شراؤها بسعر المتر 2500 ريال - متر يصبح الإجمالي مليون ريال، فمجموع ما هو مخصص للبناء بعد الأخذ بالاعتبار الارتدادات يصبح 240 م2 و 160 م2 لا يُستفاد منها بقيمة 400 ألف.
) انعدام الأبراج السكنية المخصصة للإسكان بنظام شقق لتناسب مع احتياجات الأسر الصغيرة، مع ضرورة إيجاد حلول للأمن والسلامة ومواقف السيارات والمناطق الخضراء والتنمية المستدامة.
ويتبقى الدور المطلوب من وزارة الإسكان بضرورة إعادة هيكلة الوزارة بما يتناسب وطموحات المواطن.. فمشاريع وزارة الإسكان بمواصفاتها وتصاميمها الحالية كحل لم يعد ناجعاً مع التزايد الطردي للسكان، وكذلك التزايد المستمر في قوائم الانتظار في صندوق التنمية العقاري، خصوصاً إذا ما عرفنا أن مرجعيتها في الإشراف عليها وتنظيمها والصرف عليها مقيدة بنظام المشتريات الحكومية.
فيجب من وجهه نظر هندسية إحداث تغييرات في عقود المشتريات الحكومية خصوصاً في المشاريع التي تلبي حاجة المواطن كمشاريع الصحة والتعليم والإسكان، فعقد (PPP» Public – Private Partnership»)، وهو عقد الشراكة بين القطاعين الخاص والعام بحيث يتعاون القطاع الخاص مع وزارة الإسكان في توفير المسكن المناسب للمواطن بحيث يتحمل كل منهم جزءٌ محدد من المسئوليات، ويأخذ أيضاً قدراً محدداً من المنافع، وهو ما يخفف العبء على الدولة، ويزيد من جودة المنتج النهائي.