(إن السعي لنشر مفهوم الأمن الفكري وترسيخه لا يتنافى مع حق الإنسان في التفكير وحريته في التعبير وفق ضوابط الشريعة، والأعراف المعتبرة والمطالبة بالأمن الفكري لا يعني الحجر والتضييق على الحقوق المشروعة في التفكير والتعبير).
تلك كانت واحدة من توصيات عديدة خرجت بها مؤتمرات وندوات عن الإرهاب وضرورة الأمن الفكري في المجتمع، ولكن على الرغم من ذلك إلا أننا نلحظ أن الجهود المقدمة من الجهات الحكومية قليلة جداً باستثناء وزارة الداخلية التي تعمل في الميدان لوحدها وكأنها هي المختصة فقط بمحاربة الإرهاب وترسيخ الأمن الفكري في الوطن.
وتوقّفْت عند المقالة المعنونة بـ: (دراسات علمية لمعتنقي الفكر الإرهابي) لكاتبه سلمان العُمري في عدد الجزيرة رقم (15674) الصادر يوم الجمعة 13-11-1436هـ. ودعوته إلى عمل دراسات تحليلية مع الموقوفين من أصحاب الفكر الضال ممن تورطوا مع الدواعش وكذا المؤيدين والمناصرين لهم، وأعتقد أن هذا الإجراء سليم وهو جزء من الحل على الرغم من أهميته القصوى لمعرفة دواخل أهل الأفكار الضالة. وأن يتم التنسيق مع الجهات الأمنية وبالذات حينما يكون دراسة واقعهم وحياتهم المعيشية وتتبع سيرتهم الحياتية وفكرهم الضال من أين جاء، حتى يعرف أماكن الخلل !
وأضيف إلى ذلك مقترح وهو التنسيق مع عيادات الطب النفسي في المستشفيات الحكومية والخاصة فحتماً سيتردد عليهم بعض أصحاب الفكر الضال ممن يعانون اضطرابات فكرية ونفسية ويمكن من خلال ذلك متابعتهم، لأن الجماعات المنحرفة تستغل بعض هؤلاء الذين لديهم مشكلات اجتماعية ونفسية .
إن خطر الإرهاب لن يزول إلا باتخاذ أشكال ناجحة للتصدي له ذات بعد أمني وشرعي وتعليمي وسياسي واجتماعي وأيدلوجي، ولن تحل مشكلة الإرهاب بإلقاء الخطب والمواعظ، ورصد الكلمات المسجوعة، ولا بعقد المؤتمرات والندوات دون أن يتبعها إجراءات عملية .
وليكن أكثر صراحة أن التعليم وهيئاته التربوية والتعليمية لم تواكب الأحداث الإرهابية الأخيرة، ولم يواكب متغيرات الإعلام الجديد وتأثيره على الطلاب فكراً وسلوكاً حتى ارتمى في أحضان الإرهاب شباب الوطن وبدون حراك ونتائج من مؤسسات التعليم وكأن الأمر لا يعنيهم، متناسين أن تحصين عقول الناشئة مسؤولية التعليم في الأساس، فمن غير المقبول ألا يكون هناك أثر إيجابي لمؤسسات التعليم وبالذات الجامعات تجاه الشباب ونجد الإرهاب يتخطفهم !
- خالد العقيل