ناهد باشطح
فاصلة:
(من يراقب الريح كثيراً، لا يزرع بذرة أو نبتة) -حكمة عالمية-
في المجتمعات التقليدية والمحافظة يبرز المجتمع بسلطته كعامل مؤثر في حياة الناس ويمكنه السيطرة حتى على قراراتهم المصيرية.
أعراف المجتمع وتقاليده متغيرة وليست ثابتة، لكن المجتمعات التقليدية بما تفعله من قمع لحرية الفرد في طفولته تصور له أن عقاب المجتمع هو السلطة الأقوى والمجتمع هو الذي يحدد قبوله ككيان أو يرفضه.
تكمن الخطورة الفعلية في التباس قيم المجتمع بالدين ليتحدان كسلطة تربك قيم الفرد الحياتية وفي غالب الأحوال فإن سلطة العرف تغلب سلطة الدين ذلك أن كثير من الأعراف لا تتفق مع الدين وما زالت ثابتة في المجتمعات المحافظة.
انظروا إلى كثير من ممارساتنا السلوكية في تعاملنا مع تفاصيل حياتنا نجد أن بعضها لا يتفق مع ديننا لكن يستمد قوته من العرف الاجتماعي.
وصراعات المرأة لنيل حقوقها التي منحها إياه الإسلام دليل واضح على وقوع المرأة أشبه بضحية بين أعراف المجتمع الذي يقمعها وتعاليم الدين الذي يدعمها.
الدين الإسلامي الذي أنصف المرأة منذ قرون لا يمكنه ظلمها في العصر الحديث، لكن غلبة الأعراف الاجتماعية المتلبسة برداء الدين هي التي صورت للغرب ظلم الإسلام للمرأة.
أعراف قديمة مثل تقسيم عمل المرأة وتصنيفه في المجتمع على أسس تقليدية لم يأت بها الدين، عدم تكافؤ النسب الذي دمر كثير من الأسر بعد استقرارها لم يأت به الدين، النظرة المتشككة التقليدية إلى المطلقة لم يأت بها الدين.. وكثير من الممارسات تجاه المرأة تؤيدها الأعراف وتكسوها قالباً صارماً لا يستطيع الانفكاك عنه أفراد المجتمع إلا بالوعي.
إشكالية الوعي أنه لا يمكن تعليمه للأطفال في المدارس أو الشباب في الجامعات إنما هو عملية تراكمية لاتحاد عدد من العوامل المتعلقة بالتفكير والإدراك والمعرفة للوصول بالإنسان إلى درجة عالية من معرفته بنفسه أولاً ثم تلمسه الطريق إلى حياة مستقرة.
الوعي هو أن تفكر قبل أن تسير على خطى رسمت لك من قبل المجتمع الذي بدوره يحتاج إلى إرادتك لتغييره إلى الأفضل.. نعم رغم سلطة أعراف المجتمع إلا أنها قابلة للتعديل والتغيير وهذا ما يميز المجتمع الذي يستطيع أن يجعل من تعاليم الدين رافداً للثقافة المجتمعية.