لعب الأخضر في إسرائيل مرفوض.. ورعاية الشباب واتحاد الكرة مطالبان بالحسم ">
كتب - علي الصحن:
ينتظر المنتخب السعودي الأول مباراة مهمة أمام نظيره الفلسطيني في الـ 13 من أكتوبر المقبل، ضمن التصفيات المزدوجة المؤهلة لنهائيات مونديال روسيا 2018 وكأس أمم آسيا 2019. ولعب المنتخبان ذهاباً في الدمام، وانتهت المباراة بفوز المنتخب السعودي بثلاثة أهداف لهدفين. ومن المقرر أن يقام لقاء الرد في رام الله، وهو الأمر الذي يصر عليه الجانب الفلسطيني رغم سوء الوضع السياسي هناك، وإقامة المباراة بضيافة إسرائيلية وحماية أمنية إسرائيلية، وعدم وجود أي نوع من العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
إن استضافة المنتخب السعودي بهذا الوضع، وتعريض اللاعبين السعوديين والأجهزة الإدارية والفنية للمرور على الجانب الإسرائيلي، وتختيم الجوازات، أمرٌ مرفوض بالكلية، وربما يكون نوعاً من التطبيع مع الجانب الإسرائيلي الذي ترفضه السعودية في كل الأحوال. والرأي السعودي في هذا الشأن معروف، ولا يحتاج لمزيد تبيان. والموقف السعودي راسخ منذ احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية قبل ما يزيد على نصف قرن، وهو موقف لا يمكن أن يتغير من أجل مباراة كرة قدم.
إصرار الاتحاد الفلسطيني على اللعب في رام الله ربما يكون من حقه، وأنظمة الفيفا هنا واضحة، وليس المجال لمناقشتها، بيد أن ما نناقشه هنا هو عدم وجود تحرك واضح ومباشر من أعلى سلطة رياضية في المملكة، وهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولا من اتحاد الكرة، لاحتواء الموقف بصورة ودية، والاستناد إلى مواقف السعودية التاريخية مع الرياضة الفلسطينية وإيضاح الموقف من اللعب في الأراضي الفلسطينية، ونقل المباراة إلى الأردن المجاورة لفلسطين، أو أي مكان آخر يختاره الاتحاد الفلسطيني. ويبدو هنا أن الاتحاد السعودي مشغول بأمور أخرى، أو أنه ينتظر تحركاً أعلى، وأقصد من سمو الرئيس العام لرعاية الشباب، لمناقشة وزير الرياضة الفلسطيني في أمر ملعب المباراة. وهنا نتمنى ألا تكون الرئاسة أو اتحاد الكرة قد باشرا الموقف بالفعل، ولكن عن طريق مفاوض ضعيف لم يستطع حتى اليوم انتزاع الموافقة الفلسطينية باللعب خارج الملعب المقرر للمباراة، خاصة في ظل الإصرار الفلسطيني على اللعب على أرضه!!
في تصريحات صحفية شدد رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جميل الرجوب على تمسك اتحاده باللعب في رام الله، وأن الأمر لا علاقة له بأي جوانب سياسية، وأن جوازات لاعبي المنتخب السعودي لن تتعرض لأي ختم دخول إسرائيلي.. وأضاف الرجوب: «إما أن تخسر السعودية النقاط الثلاث وتنسى الموضوع، أو أن يحضر المنتخب السعودي ويلعب المباراة في فلسطين». وأضاف: الاتحاد السعودي حر فيما يتخذه من قرار!
وهنا تتوالى الأسئلة: ماذا يقصد الرجوب؟؟ ولماذا تحدث عن «سالفة» ختم الدخول الإسرائيلي، خاصة أن ثمة من نقل عن المنتخب الإماراتي الذي لعب مع فلسطين في التصفيات ذاتها قبل أسبوعين في رام الله أن جوازات لاعبيه قد خُتمت من الجانب الإسرائيلي؟؟ وهل حديثه يأتي في سياق نفي الشيء يؤكد حدوثه؟؟ ولماذا تحدث بأسلوب التهديد بالخسارة ووضع اتحاد الكرة بين سندان ومطرقة خيارين فقط؟؟
بين الرياضة السعودية والرياضة الفلسطينية مواقف لا تنسى، والفلسطينيون يعرفون مواقف مسؤولي الرياضة السعودية مع قضيتهم وقضية المسلمين أجمع، ويتذكرون كيف كان دعم الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - ثم الأمير سلطان بن فهد ثم الأمير نواف بن فيصل لفلسطين وقضيتها التاريخية، ومن ذلك مثلاً فكرة بطولة كأس فلسطين التي كانت تقام بين المنتخبات العربية في الثمانينيات الميلادية، ومن ذلك موقف عراب الرياضة العربية الأول الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - ومساهمته التاريخية في عودة عضوية الاتحاد الفلسطيني في الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الآسيوي في العام 1994م. كما أن بين المؤسستين الرياضيتين في السعودية وفلسطين اتفاقيات تعاون ودعم ثابتة، يخشى البعض من المراقبين أن تنقطع بسبب إصرار الاتحاد الفلسطيني على إقامة مباراة الـ 13 من أكتوبر في ملعبه برام الله دون أي اعتبار للموقف السعودي الراسخ من التطبيع مع الجانب الإسرائيلي، وعدم قبوله لأي درجة في هذا الجانب.
إذا كان الرجوب واتحاده متمسكين بحق منتخب فلسطين لأهداف مختلفة فهم أحرار فيما يفعلونه، وعليهم تحمل تبعات ذلك في المستقبل، وعدم التسليم بفكرة أن إقامة المباراة ليس لها علاقة بأي جوانب سياسية، وهم مخطئون بالتأكيد في ذلك، ويرون الأمور بعين مختلفة غير التي يرى بها غيرهم، ويزنونها بميزان لا يتناسب مع كل الأحوال والظروف.. لكن هل توقف الاتحاد السعودي وقبله المؤسسة الرياضية عند هذا الإصرار الفلسطيني؟؟ وهل انقطعت علاقاتهم فظلوا عاجزين عن التدخل في مسألة حساسة ومصيرية، ربما لم يفكروا في عواقبها حتى الآن؟؟ وهل ينتظرون أن تأتيهم التوجيهات حتى يتحركوا قبل موعد المباراة المضروب، الذي يفصلنا عنه أقل من 23 يوماً؟؟
ثم.. ماذا لو رفض أي لاعب سعودي أو عائلته مسألة السفر إلى الأراضي الفلسطينية في ظل أوضاعها الحالية، وتحمل أي عقوبة تفرض عليه.. كيف سيكون ردة فعل اتحاد الكرة؟؟ وماذا لو رفض معظم اللاعبين ذلك؟؟
إن على اتحاد الكرة أن يتحرك، وأن يفاوض أو يستعين بمن يراه مفاوضاً مناسباً، ولو من خارج منظومته، وأن يبحث الأمر بجد مع نظيره الفلسطيني، وأن يرفع بتقارير عن ذلك للجهة المختصة، فالأيام تجري، وبعض الأمور لا تقبل التسويف ولا التأجيل.. ولا التنازلات أيضاً.
السؤال: ماذا لو أصر الجانب الفلسطيني على اللعب في رام الله، وأصر المنتخب السعودي على رفض ذلك، وتلقى المنتخب السعودي عقوبات أثرت في حظوظه في الوصول لمونديال 2018 وبطولة أمم آسيا 2019.. كيف سيكون تأثير ذلك على العلاقات الرياضية بين الجانبين. نحن واثقون - بإذن الله - أن الموقف التاريخي السعودي من القضية لن يتغير، وكيف ستكون في قادم الأيام، ومَن الطرف الذي سيكون أكثر تضرراً على المدى البعيد.. أترك لكم الإجابة.