عثمان بن حمد أباالخيل ">
لأحقاً هناك عيون لا تدمع، أم أنّ هذا افتراض سرابي لا يمت للواقع بصلة، من أين تأتي الدموع؟ الدموع مصدرها الغدد الدمعية Lacrimal Glands فوق العينين من الجهة الخارجية لفتحة العين، والدموع حالة يتميز بها البشر دون سائر المخلوقات إنها حكمة إلهية والمرأة تبكي 65 مرة في العام بينما يبكي الرجل 15 مرة. والدموع تنهمر من الإنسان سواء أكان رجلا أم امرأة لعدة أسباب ومنها دموع الحزن والفرح، دموع السعادة، الدموع البريئة والمخادعة، دموع التماسيح وما أكثرها في حياتنا، دموع النفاق والمصالح والدموع الرقيقة، دموع الضحك لأن الضحك يفعل النظام العصبي للغدد الدمعية.
لماذا نرتاح عندما نبكي؟ ويرفض الرجل البكاء أمام الآخرين ؟ ولماذا يكره الرجل دموع المرأة ؟ أسئلة تدور حول الدموع وماذا عن رأي علماء النفس ؟ علماء النفس حالياً يعتقدون أن البكاء ظاهرة مفيدة للصحة النفسية، لا ينبغي كبحها عند الحاجة (سواء كان ذلك عند الرجال أو عند النساء). للأسف بعض الرجال يعتقدون أن بكاءه يسقطه من عرش الرجولة وهذا مفهوم خاطئ. وفي المقابل هناك بعض النساء يستخدمن دموعهن كسلاح أمام الرجل، ولكن هذا السلاح لا يجدي نفعا في كثير من الأحيان. وأيهما أصدق تعبيراً دموع الفرح أم دموع الحزن؟ سؤال أوجهه لك عزيزي القارئ والقارئة. أقتبس (البكاء يفتح الرئة، ويغسل القنوات الدمعية، وينشط العين، ويخفف من التوتر، فلا تخف وابكي بعيداً عني. - تشارلز ديكنز).
أصحاب القلوب المرهفة والمشاعر الإنسانية المتوقدة وهذه سمة الإنسان وحدهم الذين يذرفون الدموع حين مشاهدة ما يحز في النفس حيث وجدت، أما أولئك أصحاب القلوب القاسية تمر عليهم لحظات تذرف دموعهم. الإنسان ومهما بلغ من حب الذات والمكانة العالية يجد نفسه حين يخلو بها تتوق للدموع لتغسل ما في داخله. وليس هناك مبرراً أن يوجد إنسان بلا دموع، أحيانا نشعر برغبة ملحة في البكاء، إنه شعور دفين داخل الإنسان، فالإنسان يختزن ذكريات كثيرة في داخله ومنها ما يدفعه للبكاء وذرف الدموع، عموما فالبكاء فطرة إنسانية.
وأفضل أنواع البكاء، البكاء من خشية الله قال الله تعالى (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا). والبكاء مباح على أن لا يصاحبه التسخُّط من قضاء الله وقدره، لقول النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بدمعِ العينِ ولا بحزنِ القلبِ، ولكن يُعَذِّبُ بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحمُ) البخاري.
والبكاء ليس ضعفاً من الإنسان فهو إحساس عميق داخل النفس ليُفرّغ ما في داخله من الهموم والمشاعر الدفينة والمواقف التي يمر بها لكن هناك من الناس من يستهزئ ويسخر بك حين تذرف الدمع ويقول: لا تبك كالنساء! هذه المقولة تتردد على أسماع أبنائنا الذكور إنها من إرث العادات الاجتماعية التي تحتاج إلى مراجعة. المرأة لا تبكي من أجل البكاء لكنها بطبعها عاطفية وتعبّر عن عاطفتها بالبكاء فلا تظلموا المرأة وتخافوا من دموعها إنها دموع صادقة في أكثر الأحيان.
أخيراً أنا وأنت وأنتِ والجميع مررنا بلحظات بكاء تختلف دوافعه من إنسان إلى آخر لكنها في المجمل دموع صادقة وهي أنبل لغة يمكن لا عيننا أن تتحدث بها.