الملك سعود كسب ثقة والده فولاه المهام العسكرية والسياسية والإدارية ">
ولد الملك سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل في الكويت أثناء إقامة والده هناك في الليلة التي سبقت فتح والده للرياض، وبعد فتح الرياض غادرت والدته وضحى بنت محمد العريعر وأبناؤها إلى الرياض، وكان يحضر مع أخيه الأمير تركي مجالس والده ومجالس جده عبد الرحمن آل سعود الذي كان يوليهما الرعاية، وبعد أن شبّ بدأ بكسب ثقة والده من خلال ممارسة بعض المهام العسكرية والسياسية والإدارية بصفة مستقلة، كما فوّض له المهام التي تكسبه الحنكة السياسية الخارجية بعد أن تتلمذ في العلوم السياسية والدبلوماسية على يدي عدد من رجالات المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -، وشارك في حروب والده في عدد من المواقع.
بعد توحيد معظم أراضي شبه الجزيرة تحت حكم الملك عبد العزيز، وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها تبع ذلك الإعداد لإعلانه وليًا للعهد بعد أن رأى المؤسس أنه استوفى كافة الأوصاف الشرعية الواجب توفرها بعد أن أثبتت الأحداث دوره القيادي فيها، فقام بترشيحه للمنصب، وأقر هذا الترشيح بالإجماع من أفراد العائلة والمشايخ وعلماء الدين، وصدر مرسوم تعيينه وليًا للعهد في 11 مايو 1933.
من أعماله بولاية العهد
خلال فترة توليه ولاية العهد، قام بالعديد من الإصلاحات الإدارية تحت إشراف والده الملك، وكانت البداية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عندما ساءت الأحوال الاقتصادية في العالم وتأثرت السعودية بذلك، فقام بدراسة الوضع المالي مع ذوي الخبرة والمسؤولين والمختصين بالأمور المالية، وتمت الاستعانة برجال الأعمال والاقتصاديين، ومنهم اللبناني نجيب صالحة، وذلك لإجراء إصلاحات تنظيمية في وزارة المالية على أسس حديثة والإشراف عليها، كما تمت الاستعانة بالخبير المالي الأمريكي «الدكتور يونغ» والذي تم بمشورته تأسيس مؤسسة النقد العربي السعودي في عام 1952، كما تمت الاستفادة من خدمات أمريكي آخر لتنظيم إدارة الجمارك، وكان من ضمن الإصلاحات المالية التي تمت إصدار ثالث ميزانية للدولة وفقًا للأسس العالمية المتبعة، وكان ذلك في عام 1372 هـ الموافق 1952، وقام بإعداد دراسة مع خبراء أجانب عن الإصلاحات الإدارية والداخلية للمملكة، وتضمنت قائمة أهدافه تسوية النظم الإدارية والمالية ودراسة الأنظمة المتعلقة بالمشاريع الحيوية والتنموية، كما اختصت بالمشاريع الخاصة بالحج وتأمين المياه والإذاعة والجمارك، وكان من بين ما حملته الدراسة تأسيس مجلس خبراء من المختصين في الرياض لدراسة جميع أنشطة الحكومة في الشؤون المالية والقانونية والدينية والاجتماعية والنفط، على أن يتم اختيار هؤلاء الخبراء من دول العالم سواء كانوا من الوطن العربي أو الدول الصديقة، وأن يعمل هذا المجلس تحت رئاسة الملك، وأن تكون له صلة مباشرة بهم وبمستشاريه أيضًا، على أن يكون دور الخبراء في إطار التخطيط والمشورة وليس الإدارة والتنفيذ، إلا أن الملك عبد العزيز قرر تأجيل تنفيذ هذه المقترحات في نجد إلى فترة لاحقة، لكنه أصدر مجموعة كبيرة من القوانين والأنظمة بشأن إصلاحات ضرورية في الحجاز، حيث أصدر بكونه وليًا للعهد مرسومًا حول عدد من الإصلاحات من تعيينات جديدة في عدة دوائر وإعادة تنظيم إدارة الأمن العام وإدخال تحسينات على نظم المحكمة الشرعية حتى توفر للجميع تسهيل أمورهم، وتعزيز نشاط هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قام بإدخال خطة جديدة لإدارة شؤون الحج تشرف عليها الإدارة العامة للحج والإذاعة، كما عزز صلاحيات وزارة المالية وسيطرتها ومراقبتها على الميزانية والإنفاق والتوفير، كما قام بتأسيس مجلس للشؤون الاقتصادية وإدارتها، والمديرية العامة لشؤون البترل والمعادن، كما قام بتأسيس إدارة للأشغال العامة لتكون مخولة بإصلاح الأراضي البور والخالية للاستخدام الزراعي والقيام بحفر الآبار الأرتوازية وتأسيس شركات تعاونية زراعية، وإنشاء إدارة مستقلة وعامة للجمارك.
وفي 15 ذي الحجة 1372 هـ الموافق 25 أغسطس 1953 عيَّنه الملك عبد العزيز قائدًا عامًا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، فقام بتحديث الجيش البري وسلاح الطيران عبر تزويدهما بالأسلحة وتدريبهما على أيدي خبراء أمريكيين على أحدث أساليب الحرب، وأيضًا قام بتوسعة أسطول الخطوط الجوية عبر شراء أربع طائرات وتنظيم رحلات جديدة داخل البلاد، وإلى الدول العربية المجاورة لنقل الحجاج.
توليه للحكم وملامح سياسته
أصدر حلالة الملك عبد العزيز في 1 صفر 1373 هـ الموافق 9 أكتوبر 1953 أمرًا بتعيينه رئيسًا لمجلس الوزراء، وتولى الحكم بعد وفاة والده الملك عبد العزيز في 2 ربيع الأول 1373 هـ الموافق 9 نوفمبر 1953، وبُويع ملكًا في 4 ربيع الأول 1373 هـ الموافق 11 نوفمبر 1953.
في التعليم: كان اهتمام الملك سعود موجهًا قبل كل شيء في نشر التعليم بكافة مجالاته، حيث قام في عام 1373 هـ بتأسيس وزارة المعارف التي تولاها أخوه الأمير فهد، كما أسس المدارس في شتى المدن والقرى واستقدم لها مدرسين من الخارج، وافتتح أول جامعة في الجزيرة العربية وهي جامعة الملك سعود في الرياض، وذلك في عام 1377 هـ الموافق لعام 1957، لحقها بافتتاح معهد الإدارة العامة للتنظيم الإداري بعام 1380 هـ الموافق لعام 1960، ثم أُنشئت الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1381 هـ الموافق لعام 1961، كما أمر بتأسيس كلية البترول والمعادن في الظهران التي افتتحت في 8 شوال 1384 هـ ، بالإضافة إلى معاهد المعلمين الثانوية، كما اهتم بتعليم الفتيات، وافتتحت مدارس البنات في عام 1380 هـ الموافق لعام 1960.
وفي المجال الاجتماعي: قام في عام 1961 بتأسيس وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وأوكل إليها مهام تقديم الرعاية لكبار السن والعجزة والأرامل والمطلقات، وأصدر بعام 1962 نظام الضمان الاجتماعي.
في مجال المواصلات: ربطت المناطق بعهده بشبكة من الطرق البرية، كما اهتم بالطرق الزراعية التي تخدم القرى والمزارع، كما تم تطوير المطارات في الرياض وجدة والظهران والطائف وتبوك وحائل والقصيم، وفي عام 1381 هـ الموافق لعام 1961 افتتح ميناء الملك عبد العزيز في الدمام.
في المجال العسكري: اهتم بالقوات المسلحة وبتطويرها، حيث أرسل بعثات للتدريب والدراسة في الخارج، كما قام في مارس من عام 1955 بتأسيس كلية الملك عبد العزيز الحربية.
في المجال الصحي: تم تأسيس عدد من المستشفيات في المناطق المختلفة، كما اهتم بمكافحة مرض الملاريا.
في المجال الزراعي: قام في عام 1382 هـ بتأسيس البنك الزراعي، وذلك لتقديم قروض ميسرة للمزارعين بدون فوائد، كما أعفى المعدات الزراعية من الرسوم الجمركية، وأمر بإقامة السدود على الوديان لحجز مياه الأمطار في جازان وأبها.
في المجال الديني: اهتم بتوسعة المسجد الحرام وعمارته، حيث أسس هيئة عليا للإشراف على توسعة المسجد برئاسة ولي العهد ورئيس الوزراء الأمير فيصل بن عبد العزيز، كما قام باعتماد الخريطة النهائية لمشروع التوسعة.
من أقوال الملك سعود:
* جـاء الإسلام فنقلنا من الضعة والمهانة إلى أعلى الدرجات فكنـا أمنع الناس جانباً، وكنا القادة، وكنا الهداة الداعين إلى الله.
* إن اجتماع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، ولمّ شعثهم هو أعظم ما يجب على كل مسلم أن يعمل لتحقيقه، وإنني أدعو المسلمين جميعاً.. أن يجمعوا على الحق صفوفهم، وأن يوحدوا كلمتهم، وأن يكونوا كالبنيان المرصوص.