عهد الملك خالد عهد الخير وانطلاق البلاد في سباق التنمية ">
الجزيرة - مركز المعلومات:
يوصف عهد الملك خالد بن عبد العزيز (1975 - 1982) بعهد الخير، وكان يسانده وقتها الملك الراحل فهد بن عبد العزيز حينما كان وليا للعهد، حيث انطلقت البلاد في سباق مع التنمية، عُرفت بسنوات الطفرة التي تزامنت مع تنفيذ الخطة الخمسية الثانية للتنمية التي بلغت متطلباتها المالية مئات المليارات من الريالات، كما بدأت في عهده الخطة الخمسية الثالثة، التي فاقت سابقتها من حيث حجم المصروفات التي تصب في صالح الوطن والمواطن، وقد شهدت المملكة في عهده ـ رحمه الله ـ تنفيذ مشروعات ضخمة في المجالات المتعددة ساهمت في نقلات نوعية ارتقت بمعيشة المواطن وزادت من مستوى رفاهيته، ونقلت المملكة إلى مرحلة جديدة من الازدهار.
مشروعات ضخمة
شهدت البلاد في عهد الملك خالد تنفيذ مشروعات ضخمة في مجالات الإسكان مع انطلاقة صندوق التنمية العقارية، إضافة إلى مشروعات للطرق والصحة والتعليم العام والتعليم الجامعي، كما تم إنشاء مؤسسة عامة للتعليم الفني والتدريب المهني، ومجلس للخدمة المدنية ليتولى تخطيط وتنظيم شؤون الخدمة المدنية في الوزارات والمصالح الحكومية، وصدر آنذاك جملة من أنظمة الخدمة المدنية واللوائح لخدمة الموظفين وتنظيم أوضاعهم، وسجل للملك خالد إقراره 5 سلالم وظيفية، حيث تم تعديل على بعض سلالم الرواتب، وصدور سلالم أخرى جديدة، من بينها: تعديل سلم رواتب الموظفين والمستخدمين بزيادات متتالية ولمرات أربع، وإقرار سلم رواتب الوظائف التعليمية، وسلم رواتب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وسلم رواتب المعينين على بند الأجور، وسلم رواتب القضاء، كما تم في عهد الملك خالد إنشاء مجلس القوى العاملة ليصبح مسؤولا عن تخطيط القوى العاملة وتنميتها وتدريبها وتطويرها في القطاعين الحكومي والأهلي، وشهد عهد الملك خالد افتتاح جامعات جديدة، وإنشاء مدن ومستشفيات طبية، كما تم في عهده تنفيذه مشروع المدينة الجامعية لجامعة الملك سعود، الذي يعد مشروعا رسخ مكانة السعودية في عالم الجامعات، إضافة إلى تنفيذ مشروع مماثل لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.
إنجازات تنموية
يصعب على المتابع رصد كل الإنجازات التنموية التي سجلت في عهد الملك خالد، غير أنه يمكن عرض نماذج من أبرزها: في قطاع العدل (الدوائر الشرعية) تم إحداث نحو 100 محكمة وكتابة عدل في مختلف أنحاء المملكة، وفي قطاع التعليم العام والتعليم العالي، تمت إصلاحات تعليمية لافتة، حيث أشارت خطة التنمية الثانية 1975 - 1980 إلى أبرزها، وهي:
دراسة مدى ملاءمة النظام الشامل لهيكل التعليم الثانوي، وإنشاء نظام متعدد الأغراض للتعليم الثانوي.
كما بدأ التطبيق التجريبي لنظام المدرسة الثانوية الشاملة وقد طورت التجربة فيما بعد، وافتتاح كليتين متوسطتين في كل من الرياض ومكة 1976 / 1977م، وقد تضاعف الإنفاق على التعليم، فارتفع من 12940937 ريالا عام 1395 / 1396هـ، ليصل إلى 25823287 ريالا في عام 1401 / 1402هـ، أي إن الإنفاق تضاعف مرتين خلال 6 سنوات، كما ازداد عدد المدارس من 6536 مدرسة عام 1395هـ إلى 12619 مدرسة عام 1402هـ، وازداد عدد الطلاب والطالبات من 1057994 عام 1395هـ إلى 1682148 عام 1402هـ.
وعبرت خطة التنمية الثانية عن أهداف مؤسسات التعليم العالي، وبرامجها ومشروعاتها بشكل أعمق وأوسع، كما ركزت على: التوسع في قبول الطلاب، وإكمال المنشآت الأكاديمية لجامعات الملك سعود، والملك عبد العزيز، والملك فهد للبترول والمعادن. الإسراع في توفير المرافق الجامعية، ووضع برامج للتوسع في التخصصات العلمية في الجامعات المختلفة، ووضع خطة في جامعة الملك سعود لإتمام الترتيبات الخاصة بإنشاء كلية للطب، إضافة إلى إدخال تخصصات جديدة في علم الإحصاء والفلك والتوسع في التخصصات العلمية الأخرى لكلية العلوم، وتضمنت أهداف جامعة الملك عبد العزيز إنشاء كلية الطب وكلية الهندسة، وإعداد برنامج للصحافة والإعلام، وإعداد برنامج للغات الأوروبية، وإعداد برنامج للحصول على الدراسات العليا في بعض أقسام الدراسة الرئيسية، بما في ذلك علوم المكتبات للدراسات العليا، وركزت على تطوير الأساليب الجامعية الدراسية، وإعادة النظر في المناهج في جامعة البترول والمعادن، وإنشاء معهد للبحوث، ودراسات التنمية الخاصة بصناعة البترول، وإحداث برامج لدرجتي الماجستير في العلوم والدكتوراه في بعض التخصصات الدراسية المختارة، أما في مجال تطور التعليم العالي فقد أنشئت وزارة التعليم العالي في 8 - 10 - 1395هـ، لتتولى تنفيذ خطط المملكة في مجال التعليم العالي، وقد نفذت الإنجازات باهرة في هذا الاتجاه يطول حصرها هنا، وأولى الملك خالد الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عناية فائقة، واهتم بشؤونها اهتماماً بالغا، فشهدت في عهده قفزات كبيرة ونوعية، في جميع المجالات الإدارية والتعليمية، وشهد تعليم البنات في عهد الملك خالد طفرة هائلة، تبرز مدى اهتمام حكومته برفع مستوى المرأة والفتاة السعودية، وذلك عن طريق فتح مجالات جديدة لتعليم البنات، على جميع مستويات وقطاعات التعليم.
وفيما يخص التعليم الفني والتدريب المهني، فقد تم إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في 1980م، وأنجزت في المؤسسة خلال مدة حكم الملك خالد مشروعات جيدة، حيث تم: افتتاح مراكز التدريب المهني في الكثير من مدن المملكة، وكذلك المعاهد الزراعية النموذجية، والثانويات التجارية، والمعهد العالي للعلوم المالية والتجارية في جدة، ومعاهد ثانوية للمراقبين الفنيين، وفي القطاع الصحي، كان أبرز إنجازات وزارة الصحة في عهد الملك خالد زيادة عدد المستشفيات كمّا ونوعا، وتزويدها بالاختصاصيين، وأحدث المعدات، وتأمين وسائل العلاج للأمراض كافة.. وكان من أهم مجالات التطوير في عهد الملك خالد في هذا القطاع إنشاء 29 مستشفى وافتتاحها، و681 مركز رعاية أولية، كما تم إنشاء مستشفى الملك خالد للعيون في الرياض، ويعد مستشفى مرجعيا حديثا لطب العيون في المملكة، وهو مجهز بالتجهيزات الحديثة كافة، ويتم تشغيله تشغيلا كاملا بواسطة إحدى الشركات الوطنية التي وظفت أفضل الكفاءات العالمية المعروفة في البلدان المتقدمة، وافتتاح مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، كما تمت توسعة المستشفيات العسكرية في الرياض وخميس مشيط، وافتتاح كليات طب جديدة في جامعتي الملك عبد العزيز والملك فيصل، وقد ارتفع عدد الأطباء من 2543 طبيبا إلى 6649 طبيبا، أي بزيادة 4106 أطباء بنسبة 166 في المئة، أما في المناطق، فقد تم إنجاز مشروعات كبرى كثيرة، أبرزها مستشفيات جديدة في جدة، والهفوف، والخبر، والمدينة المنورة، وجازان.
نهضة زراعية
وفي مجال الزراعة والمياه، فقد حظي قطاع الزراعة باهتمام الحكومة الخاص، وكان له نصيب وافر من ميزانية الدولة، ولا سيما في الخطة الخمسية الثالثة، واستخدمت أحدث الأساليب الزراعية، ومنحت القروض بتسهيلات منقطعة النظير، حتى أصبح هذا القطاع مصدر ثروة كبيرة للمملكة، التي صارت دولة مصدرة، بعد أن كانت دولة مستوردة للإنتاج الزراعي، وللقمح بوجه خاص.
وقد أجريت دراسات على خصائص مسح التربة، ومسح الأرض القابلة للاستصلاح، وبلغ مجموع ما استصلح من التربة 4.5 مليون هكتار، بالإضافة إلى 48 مليون هكتار خصصت لرعاية الماشية.
كما شيدت السدود والأقنية ومشروعات المياه وشبكاتها وتصريفها، واستكملت مشروعات المياه الجوفية المستخرجة من أعماق الأرض، وبوجه خاص في المنطقتين الجنوبية والشرقية.
وقد تم حفر 1579 بئرا، وإنشاء 237 شبكة مياه، و10 محطات لتحلية المياه. وارتفع عدد السدود إلى 61 سدا عام 1402هـ، بطاقة تخزينية قدرها 258 مليون متر مكعب، بعد أن كانت 16 سدا في عام 1394، وطاقتها 66 مليون متر مكعب من المياه فقط.
وافتتح الملك خالد أول فرع للمؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق في مدينة الرياض، وارتفعت الطاقة التخزينية لصوامع الغلال، فوصلت إلى 9 أضعاف، وتم تقديم قروض زراعية بلغت 2.9 مليار ريال بعد أن كانت 269 مليون ريال، أي إن الزيادة تجاوزت 9 أضعاف تقريبا.
وعلى الساحل الشرقي بالقرب من مدينة الجبيل، حيث مشروعات التحلية وتتكون من 3 محطات لتحلية المياه تنتج يوميا 1176528 مترا مكعبا من المياه العذبة، و1585 ميغاواط من الكهرباء المنتجة، كما تعد محطة تحلية المياه في ينبع أكبر محطة تحلية في العالم تعمل بطريقة التناضح العكسي، وتتكون من 15 خط تحلية أغشيتها من النوع الدقيق المجوف، وتوفر مياه الشرب لينبع والمدينة المنورة والقصيم والمنطقة الشمالية بطاقة تبلغ مرحلتها الأولية 25 مليون جالون يوميا، بالإضافة إلى الطاقة الكهربائية التي تبلغ 250 ألف كيلوواط من الكهرباء، وبتكلفة إجمالية تبلغ 1700 مليون ريال.
مشروعات الكهرباء والصناعة
أنشئت وزارة الصناعة والكهرباء عام 1975م، وارتفع عدد المشتركين في خدمات الكهرباء إلى أكثر من مليون ومائتي ألف مشترك عام 1982م، بعد أن كان 351 ألف مشترك عام 1975م، وبلغ إجمالي القروض التي منحها صندوق التنمية الصناعية لشركات الكهرباء 31.5 مليار ريال عام 1982م، وصدر عام 1976 مرسوم ملكي بإنشاء المؤسسة العامة للكهرباء لتواكب برامج الدولة الطموحة لتعميم الكهرباء في جميع مناطق المملكة، ووضعت وزارة الصناعة والكهرباء خطة طويلة المدى للكهرباء، تغطي مدة 25 عاما، وشرعت في تنفيذها على الفور لكي يصبح في مستطاع كل مواطن الاستفادة من الكهرباء، كما تم إنشاء الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» عام 1976م، وكذلك إنشاء المدينة الصناعية الأولى في كل من الرياض والدمام، وجدة.
مدينة الجبيل وينبع الصناعية
لأن المملكة العربية السعودية من كبرى الدول المصدرة للبترول، كان لا بد من تأسيس مدينة صناعية متعددة القدرات، لتحويل الثروة البترولية إلى مواد مصنعة مرتفعة القيمة، وليتم فيها إعداد الكفاءات الوطنية وتدريبها إداريا وفنيا، بهدف مواصلة الازدهار الشامل، فقد تم بناء مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين على ساحلي الخليج العربي والبحر الأحمر، حيث وضع الحجر الأساس لها عام 1977م، فعلى مساحة تبلغ نحو 80 كيلومترا مربعا، أقيمت المجموعة الصناعية التي تشتمل على:
- الصناعات الأساسية: وهي صناعات بترولية وبتروكيميائية، وصناعات معدنية.
- الصناعات الثانوية: تعتمد في مواردها الأولية على منتجات الصناعات الأساسية، لإنتاج صناعات جاهزة للاستخدام.
- الصناعات المساندة: وهي صناعات تتعلق بتوفير مواد البناء اللازمة للإنشاءات، وتقديم الخدمات التجارية والمهنية.
وتعد ينبع ثاني أكبر مجمع صناعي في السعودية، وقاعدة جديدة من قواعد التصنيع الثقيل فيها. وقد وضع الملك خالد حجر الأساس في عام 1979م، وافتتح مشروع المرحلة الثانية لتوسعة ميناء الملك فهد الصناعي في ينبع، التي رفعت طاقة الميناء إلى 130 مليون طن سنوياً، بتكلفة بلغت2787 مليون ريال.
وتضم مشروعات ينبع الصناعية مشروعات بتروكيميائية، ترتكز على البترول وتصنيعه، وما يتعلق بذلك من معامل فنية، ومستودعات ضخمة، ومصفاة لتكرير البترول، وخطين ضخمين للأنابيب يمتدان بين الخليج والبحر الأحمر، أحدهما يحمل الغاز الطبيعي السائل، وثانيهما يحمل البترول الخام من المنطقة الشرقية إلى المنطقة الغربية، حيث يتم تصنيعه إلى مواد كيميائية صالحة للتصدير والاستعمال، ومشروع توسعة ميناء ينبع، حيث أصبح قادرا على رفع طاقة الميناء، وعلى خدمة مناطق المدينة المنورة والقصيم والمنطقة الشمالية.