الأمير مقرن بن عبد العزيز بُنيت شخصيته بتأهيل علمي وعسكري ورصيد ثري من التجربة ">
الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود (7 شوال 1364 هـ / 15 سبتمبر 1945)، نشأ في رعاية والده الملك عبدالعزيز -رحمه الله- محباً للعلم والشجاعة والفروسية، تولى ولاية العهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء بعد وفاة الملك عبدالله- رحمه الله-، يُعرف عن الأمير مقرن بن عبد العزيز ميوله لعلوم الفلك والرصد الفلكي والقراءة والثقافة، وأبحاث الزراعة، إضافة إلى اهتماماته باستخدامات التقنية والحكومة الإلكترونية وتطبيقاتها، وكذلك الشعر العربي، ولديه مكتبة كبيرة بها ما يزيد على عشرة آلاف كتاب، كما يرأس عديداً من المجالس والجمعيات المتخصصة.
عمله ومناصبه
وأفنى سموه 51 عاماً من عمره في خدمة الوطن بدأها بالقوات الجوية الملكية السعودية ثم تولى إمارة منطقة حائل وبعدها أميراً للمدينة المنورة، ثم رئيساً للاستخبارات العامة وبعدها مستشاراً للملك ومبعوثاً خاصاً له، ثم نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وولياً لولي العهد ثم ولياً للعهد.
تلقى تعليمه الأولي في معهد العاصمة النموذجي وتخرج فيه عام 1964، أكمل دراسته في علوم الطيران في المملكة المتحدة وتخرج فيها عام 1968، بعد تخرجه بعام 1964 التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية، وظل يعمل فيها حتى عام 1980.
في 2 جمادى الأولى 1400 هـ الموافق 18 مارس 1980 عين أميرًا لمنطقة حائل، وظل بهذا المنصب حتى 16 شعبان 1420 هـ الموافق 29 نوفمبر 1999 عندما عين أميرًا لمنطقة المدينة المنورة.
وفي 19 رمضان 1426 هـ الموافق 22 أكتوبر 2005 عين رئيسًا للاستخبارات العامة خلفًا لأخيه الأمير نواف، وظل يتولى المنصب حتى 29 شعبان 1433 هـ الموافق 19 يوليو 2012 عندما عين مستشارًا للملك ومبعوثًا خاصًا له.
وفي20 ربيع الأول 1434 هـ الموافق 1 فبراير 2013 عين نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء، وفي 23 يناير 2015 تمت مبايعته وليّاً للعهد وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء.
وفي 29 أبريل 2015 صدر الأمر الملكي رقم أ / 159 في 10 رجب 1436هـ بإعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء بناء على طلبه.
شخصية متعددة الجوانب
سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز بنيت شخصيته من خلال تأهيل علمي وعسكري ورصيد ثري من التجربة حيث يجمع بين الخبرة العملية العسكرية والمدنية الإدارية إلى جانب إجادته ثـلاث لغات، وقد شهدت منطقة حائل حين ولايته لها العديد من الإنجازات الحضارية، وتعلق به اهلها لما وجدوه من سموه من لطف وسماحة ولين جانب، ومن عمق في الفكر ورجاحة بالعقل، وصدق بالنوايا، وتشرف سموه بتولي امارة منطقة المدينة المنورة فواصل إنجازاته، ولم يدخر جهداً لتطويرها ونقلها الى مكانة تليق بشرفها عند كافة المسلمين، وترك له مكانا ومكانة خاصة في نفوس أهالي منطقة المدينة الذين أحبهم فأحبوه، ولا زالوا كذلك يحملون له أجمل الذكريات، لما وجدوه هم وغيرهم من سمات تميز بها سموه من البساطة والتواضع والبشاشة والصراحة في القول.
واستعرضت قناة روتانا خليجية في حلقة خاصة مسيرة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ألقت الحلقة الضوء على الجانب الإنساني والمناصب التي شغلها سموه، وخلال التقرير تحدث عدد من الأشخاص المقربين والمعاصرين لسموه، إضافة إلى قياديين تولوا معه المناصب خلال مسيرته، مشيرين إلى أن سموه كان قريبا من المواطنين، ورجلا مرحًا متواضعًا مع جميع من يلتقيهم، وأكدوا أن الأمير مقرن لا يحب الحراسات الأمنية في أثناء تجوله بالطرق والشوارع، بينما قال أحد أعيان منطقة حائل، إنه ذات يوم قصد قصر الأمير مقرن وخلال سؤاله أين سمو الأمير، تفاجأ بمن سأله يشير إلى شخص يتجول في مزرعته وحيداً ليتضح أنه الأمير مقرن الذي كان يقوم بإنهاء أمور مزرعته الخاصة بنفسه حال فراغه، وترتيبها على أفضل ما يكون، وكان ضمن من وردت شهادتهم على تواضع ودماثة خلق سموه أحد رجال الأعمال الذي حكى أنه طلب من الأمير مقرن أن يشرفه لافتتاح معرض للسيارات، وكان موعد الافتتاح الساعة الثامنة تمامًا، مشيرا إلى أنه فوجئ بوجود سموه في الوقت المحدد قبل الافتتاح، ولم يصاحبه حينها سوى سيارتين وعدد من الأشخاص برفقته، مشيرا إلى البساطة والتواضع الجم الذى يتمتع به سموه.
وألمح رجل الأعمال الشيخ علي الجميعة، (في لقاء صحفي) أن صاحب السمو الملكي الأمير مقرن محب للعمل ودقيق في المواعيد ومنضبط في أداء المهام، ويتمتع بخبرة طويلة وسياسة في إدارة قطاعات مختلفة في الدولة، وتابع: «أبناء منطقة حائل لن ينسوا لمسات الأمير مقرن بن عبدالعزيز في تطورها وازدهارها حينما كان أميرا للمنطقة، حيث كان يتميز بجوانب عملية مهمة في حياته رسمها في أقواله وآرائه وتعاملاته الإنسانية وسماته الاجتماعية التي انبثقت من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، وشهدت المنطقة خلال العشرين عاما التي قضاها فيها مزيدا من التطور والتقدم في مجالات الحياة العمرانية والثقافية والزراعية، وكان فيها مثالا للإخلاص والنزاهة والتجرد من المظاهر والحرص على لقاء المواطنين ومتابعة أمورهم المعيشية والرسمية، كما له اهتمامات متنوعة في عدد من المجالات، منها اهتمامه الخاص بأمور الزراعة وأبحاثها والممارسة العملية لها، واهتمامه بعلوم الفلك والرصد الفلكي، حيث يملك مرصدا فلكيا متطورا يعد واحدا من المراصد الفلكية المتميزة في المملكة، ومكتبة كبيرة تزيد محتوياتها على (10.000) كتاب، ولسموه ثقافة عالية في عدد من أبواب المعرفة وله اهتمام بالشعر العربي الأصيل وتبدو آثار هذه الثقافة في مظاهر كثيرة، أبرزها مشاركاته ومناقشاته ومداخلاته في الندوات واللقاءات العامة والخاصة التي يجريها ويتابع أعمالها بجدية ونشاط.
وذكر رئيس مركز إمارة مدينة جبة بمنطقة حائل بدر بن حجل بن ناحل، أن الفترة التي قضاها صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز في إمارة منطقة حائل لمدة 20 عاما، حفلت بالتطوير والارتقاء والازدهار، وتابع: «كنت حينها أعمل في الإمارة بمكتبه الخاص وكان لسموه مآثر كثيرة من سعيه للصلح بين الخصوم وإعتاق الرقاب وحب الخير، حيث يساعد المحتاجين من المنطقة ويواسي الكثير من أبنائها في تقديم واجب العزاء، وكان رجلا حنونا لم ينس الأشخاص الذين عملوا معه في إمارة منطقة حائل بالتواصل معهم دائما، مشيرا إلى أن ما يمتلكه سموه من قدرات وإمكانات قل أن تجتمع في شخص واحد وفي مقدمتها بعد نظره واستقراؤه للمستقبل وحرصه على التميز والنجاح في كل مهمة أو مسؤولية يتولاها فهو رجل سياسي قدير ملم بخفايا السياسة الدولية وما يعيشه العالم من حولنا من أحداث.
وأبان عضو المجلس البلدي بمنطقة حائل عبدالعزيز المشهور أن سموه دقيق في المواعيد وله ارتباط وثيق بالمجتمع الحائلي يسمع آراءهم وأطروحاتهم، وكانت له عدة اهتمامات لا يمكن إيجازها بعجالة وكنا نراه يوميا بلا موكب على سيارته الخاصة في شوارع منطقة حائل.
والأمير مقرن كان كشافاً إبان دراسته الأولى في معهد العاصمة، ما أسهم في ترسيخ مفاهيم تطوعية اكتسبها من هذه الهواية، التي تجلت في الكثير من المواقف المميزة، لعل من بينها إشرافه ودعمه شخصياً لأعمال الكشافة في خدمة الزوار والمعتمرين للمسجد النبوي خلال فترة عمله أميراً للمدينة المنورة، وشاهد كثيرون سموه يتجول من دون مواكب رسمية، ويمارس حياته بين الناس ويعيش آلامهم وآمالهم.
ويقول أحد العارفين: يعرف الشماليون، وأبناء حائل تحديداً، الأمير مقرن أكثر من غيرهم، إذ مكث معهم عقدين من الزمن، بعد أن زين عروس الشمال بأوشحة التنمية، وأسهم بقراراته وبعده الاستراتيجي في تحويل هذه المنطقة الوادعة إلى «عروس» تكتسي حلل التنمية والتطور، فيما أودع رصيداً تنموياً ضخماً في حسابات أجا وسلمى، قبل أن يودع أبناء حاتم الطائي إلى المدينة المنورة، التي احتفلت بمقرن بصورة مختلفة، إذ كان يعشق منذ الصغر الخدمات التطوعية، التي تجلت في خدمة زوار المسجد النبوي، وتذليل كل الصعوبات التي تواجههم.
كما كان سمحاً ومتواضعاً على كرسي الإمارة، كان حاداً وفطناً وهو يتولى حقيبة الاستخبارات العامة، التي شهدت خلال فترة رئاسته التي امتدت لستة أعوام إنجازات وتطورات كبرى، قبل أن يعينه الملك عبدالله مستشاراً ومبعوثاً خاصاً له نتيجة هذه الإنجازات المتوالية.
هذه الشخصية الفريدة والقامة العالية لم تشغله السياسة ومناصبها عن إثراء معلوماته وممارسة هواياته الثقافية المتعددة كعلوم الفلك والفضاء، ولم تغيره المناصب بعد أن عاش حياة البسطاء من الناس، ليتوج هذه الإنجازات وهذه التوليفة المختلفة من الفكر والعمل السياسي والمهني والإنساني، ويترجل عن صهوة جواده بأريحية ويفتح صفحات التاريخ لتسجيل ذلك.
** ** **
مواكبته للمعطيات العصرية
تميز الأمير مقرن بمواكبته الواعية لتطورات العصر الحديث وبتقنية المعلومات حيث يعد سموه من الرواد في التطبيقات الاليكترونية، وعندما تولى رئاسة الاستخبارات طور أهدافها بتبني مفهوم الأمن الشمولي وعمل على كسر الحواجز بين الاستخبارات والمجتمع، وقامت الاستخبارات لأول مرة بتنظيم مؤتمر حول (تقنية المعلومات والأمن الوطني) في بادرة جديدة وتحول حضاري لهذا الجهاز الهام. وكان سموه يعمل وفق منهجية علمية وفي تفاعل مستمر مع المستجدات والتطورات، في كل موقع يتولى قيادته.