د.أسامة شبكشي
اليوم، ونحن نحتفل بهذه الذكرى العزيزة علينا جميعاً، نقف في شموخ وإباء نستعطر عبَقها ونسجل ذكرياتها بأحرف من نور تلك الأعمال الجليلة والمباركة التي لا تُعد ولا تُحصى ولا يقوم بها إلا الرجال.. نحتفل بأحد الأيام المضيئة من تاريخنا الحديث، وهو اليوم الذي تحققت فيه المعجزة الكبرى.. توحيد المملكة العربية السعودية.. ففي غرة الميزان أعلن أسد الجزيرة المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيَّب الله ثراه - معلناً توحيد المملكة العربية السعودية في كيان واحد متين.. وقد أجمع المؤرخون على بطولته الفذة وعبقريته الفريدة وأفردوا لبطولاته صفحات ناصعة سطروا فيها تلك البطولات والفتوحات، كما رصدوا مروءاته الإنسانية وحسن معاملته لخصومه من منطلق إسلامي ينم عن صدق الإيمان وإنسانية المعاملة.. الزعيم الذي مكَّنه الله سبحانه وتعالى بما منحه من حنكة سياسية وإيمان قوي بالله بالسير والعبور بهذه البلاد من أوسع أبواب التاريخ.. تطل علينا هذه المناسبة لتُؤكد وتكون شاهدة بيان على عظمة وروعة ما تحقق للبلاد من إنجازات خلال فترة أشبه ما تكون بالخيال.. إن جهاد القائد الباني المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (طيَّب الله ثراه) لأكثر من ستين عاماً خلت كان جهاداً لإعلاء كلمة التوحيد وكفاحاً مريراً لتوحيد هذا الكيان ليؤدي دوره الحضاري والتاريخي.. نحن نحتفل اليوم ونحن نعيش في ظلال وكنف هذه الدولة بعد أن أصبحت كياناً له تأثير على المستوى العربي والإسلامي والدولي، وتمكنت بفضل الله أن تحقق في فترة قياسية ما لا يُمكن تصوره أو تحقيقه خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن.. إن هذه عزيمة الرجال الأفذاذ الذين قلَّ أن يجود الزمان بأمثالهم.. إننا ونحن نعيش هذه الذكرى العزيزة ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية ذكرنا ماضينا التليد وحاضرنا السعيد والمستقبل المأمول.. ولأن الذكرى غالية كلما مرت بنا شكرنا الله سبحانه وتعالى وذكرنا جهوداً مشكورة وأعمالاً منظورة في شتى المجالات داخل الوطن وخارجه على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.. ولقد تحلى الملك المؤسس المغفور له - بإذن الله - بنظر ثاقب وبصيرة رأت من خلال إيمانها بالله سبحانه وتعالى أن قوة الأمة في وحدتها وتكاتفها فتحقق للملك عبد العزيز ما يريد.. وتبعه أبناؤه البررة في حمل الرسالة وأداء الأمانة بدءاً من الملك سعود والمك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله - رحمهم الله - حتى آلت الأمانة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - يحفظه الله ويرعاه -، الذي كان أميراً للرياض وأصبح اليوم ملكاً للمملكة العربية السعودية، حيث جدد دماء حكومته بشباب نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم ويسدد خطاهم، وأن يكونوا عند حسن ظن ولاة الأمر..
ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية التي هي مثل مجرد نظرة للأمس بقدر ما تحمل في طياتها ومعناها الأكبر النظرة ليومنا.. هذا الغد المشرق - بإذن الله - لنرى من خلالهما أنفسنا وما أنجزناه وحققناه ومن حسن توفيق الله سبحانه وتعالى لأبناء الملك عبد العزيز الذين تولوا زمام الأمور والسير على خطاه، وما الأمن والاستقرار الذي يعيشه المواطن والمقيم والزائر على حد سواء لأكبر دليل.. ونحن نتفيأ ظلال عهد الملك سلمان بن عبد العزيز (يحفظه الله ويرعاه) وقد تحقق للمملكة العربية السعودية أن تصبح دولة صناعية لها القدرة في التأثير على التركيبة العالمية، كما أن أبا فهد يتابع توفير أرفع درجات الرعاية الصحية والثقافية والاجتماعية للإنسان السعودي ليكون قادراً على المزيد من الإبداع والإنتاج.. على الصعيد الإسلامي تقف المملكة حكومة وشعباً بجانب الشعوب الإسلامية فيما يصيبها من حروب وكوارث طبيعية، كما عنيت المملكة العربية السعودية بشؤون العالم الإسلامي، فأنشأت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وخصصت وزارة الحج للإشراف على شؤون الحجاج والمعتمرين والزائرين لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن رعايتهم شرف تناله بتوجيه من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وولي ولي عهده - حفظهم الله - خدمة لجميع المسلمين في جميع أنحاء المعمورة.. أما اهتمام ولاة الأمر بالحرمين الشريفين رعاية وإعماراً فواقع يشهد به العالم الإسلامي كله ناهيك عما يبذل من جهود جبارة في شق جبال مكة المكرمة وإيجاد الأنفاق والطرق.. والخدمات كل ذلك من أجل ضيوف الرحمن، ولست بحاجة إلى ذكر ما تحقق في مجال الزراعة والمواصلات والتعليم والصحة فإنجازاتها شاهقة في العنان تتحدث عن نفسها ويشهد بها الغير قبلنا ولله الحمد.وندخل القرن الحادي والعشرين - بإذن الله - بمنجزات حضارية جعلت المملكة العربية السعودية في مصاف الدول المتقدمة، ففي كل مجال وعلى جميع الأصعدة فيه عمل منظور وجهد مشكور لا سيما في أعمال الرعاية الإنسانية وتضميد جراح المنكوبين.. في ذكرى يومنا الوطني يشهد التاريخ المنصف لملوكنا الإنجازات التي لم تتوقف وامتدت نظرتهم الثاقبة لبناء الإنسان السعودي ليكون قادراً على المزيد من الإبداع والإنتاج.
وما تلك الإنجازات التي تحققت إلا بتوفيق من الله لقادة هذه البلاد الذين يولون اهتمامهم لراحة وخدمة المواطن.. إننا ونحن نتفيأ ظلال اليوم الوطني ينبغي علينا الوقوف طويلاً لنتذكر الأيام الخوالي وما وصلت إليه مدننا من تطور بيئي وصحي، ونذكِّر أجيالنا بتلك الجهود التي بُذلت في السابق.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم لهذا الكيان وأهله الأمن والأمان والاطمئنان، وأن يديم نعمة الاستقرار، وأن يوفق ولاة الأمر لما فيه الخير والفلاح، وأن يحفظ مليكنا المفدى وولي عهده وولي ولي عهده وبقية أفراد أسرتنا السعودية الكبرى.. وكل عام والوطن في ظل قيادته الرشيدة بخير.