محمد بن عبدالله آل شملان
في كلمته التي نشرتها صحيفة الجزيرة بِعددها رقم (15701)، في تصريح له لحجاج بيت الله الحرام تم عرضه في التلفاز السعودي يوم الأربعاء 9 ذو الحجة 1436هـ الموافق 23 سبتمبر 2016م،
هنَّأ صاحب السموِ الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية - حفظه الله - حجاج بيت الله الحرام بما قاموا به حتى يوم أمس من أداء لنسكهم في الحج وفي هذا الموقف العظيم الجليل في يوم عرفة.
ودعا سموه إلى تناسي الخلافات والمساهمة في الأفضلية وخدمة الدين والتعاون والتماسك والتكاتف والتعاضد وعدم الاختلاف وعدم تصديق أي تشكيك أو أي حملة مسعورة ضد الإسلام والمسلمين.
وتحدث سموّه عن زيارة خادم الحرمين الشريفين للمصابين في رافعة الحرم والأوامر الكريمة التي صدرت بعد ذلك, موضحاً أن حادثة وقوع الرافعة في المسجد الحرام هي قضاء الله وقدره، وأن ما يخفف هذا المصاب أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أولى هذا الموضوع اهتماماً كبيراً.
وأشار - حفظه الله - إلى ما تواجهه المملكة من هجمة شرسة للتقليل من الجهود المقدمة لخدمة ضيوف الرحمن وتشويه الصورة الرائعة التي يقوم بها الإنسان السعودي على وجه الخصوص في جميع أنحاء المملكة لخدمة التنمية في بلاده وخدمة القادمين إليها من الخارج، التي أوضح أن خير رد على هذه الحملات المسعورة هو العمل والإنتاج والنجاح.
كما لفت سمو أمير منطقة مكة المكرمة في كلمته الجميع بأن مشروعات هذه الوطن أصبحت من أكبر المشروعات في العالم وإنجازاته من أهم وأكبر الإنجازات، ومن ذلك مشروع المسجد الحرام ومشروع الجمرات والمشروع القادم إن شاء الله إعمار وتنمية المشاعر المقدسة وتطويرها. مؤكِّداً سموه أن هذه المشروعات الكبيرة تصيب أعداء المملكة العربية السعودية بالحسرة وبالقهر لأنهم يريدون أن يقللوا من أهمية مبادئ المملكة العربية السعودية التي قامت عليها وهي المبادئ الإسلامية، ويريدون أيضاً أن يقللوا من شأن الإسلام والمسلمين فيركزوا على المملكة لأنها هي مركز الإسلام والمسلمين وهي مهبط الوحي وهي مولد الرسالة وكل هذه الموضوعات تصيب أعداء الأمة بالحسرة لأنهم يريدون أن ينالوا من الإسلام، والنيل منه هو الطريق من النيل من كل ما تقدمه المملكة العربية السعودية لأنها اتخذت القرآن والسنة دستوراً لهذه البلاد، وهذا ما تميزت به منذ أن نشأت وحتى يومنا هذا.
وأضاف سموه في جانب من كلمته المهمة، قائلاً: «إن ثمرات حملة الحج عبادة وسلوك حضاري, لها ثمار عديدة جناها الحجاج في توفير الخدمة اللازمة لهم من ناحية، وتوعية الحجاج أنفسهم وتوعية المواطنين في المملكة فيما يجب عليهم تجاه إخوانهم المسلمين من الذين يحجون ويفدون للأراضي المقدسة في كل عام».
المتتبع بتمعُّنٍ شديد وبقراءة فاحصة دقيقة ومتعمقة لتفاصيلِ كلمة سموِه الكريم وهو الذي له صوتُ يقظة يتحدى هزيمة الانكفاء والانطفاء.. لوطنه كل وطنه.. من أجل هذا الوطن الذي أضاء بعقله وجهده مشعل النهوض لمجتمع هو في حاجة إلى من يكشف له درب المستقبل بصفاء ضمير ونقاء ذمة.. أعطى لوطنه من جهده وإجهاده، وجهاده ديناميكية وحيوية استحق عليها الثناء (الذي عين بأمر ملكي مستشاراً لخادم الحرمين الشريفين وأميراً لمنطقة مكة المكرمة بمرتبة وزير).. منطلقاً من مواطنته قبل أن يكون مسؤولاً.. ليأتي تأكيد سموه الأكبر والأشمل والأكثر بعد ذلك الأمر الملكي الكريم على: أن قيادة هذا الوطن وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - منحت مشاريع مكة المكرمة والمشاعر المقدسة الأولوية، وأعطت لتطويرها بسخاء، للتسهيل على ضيوف الرحمن وقاصدي البيت العتيق، وتمكينهم من أداء عباداتهم في يسر وسكينة.
وهي المناسبة - نفسها - التي تحدث فيها سموه عن زيارة خادم الحرمين الشريفين للمصابين في رافعة الحرم والأوامر الكريمة التي صدرت بعد ذلك, موضحًا أن حادثة وقوع الرافعة في المسجد الحرام هو قضاء الله وقدره، وأن ما يخفف هذا المصاب أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - أولى هذا الموضوع اهتماما كبيرا بزيارته للمصابين في المستشفى وحديثه الأبوي الرقيق ومساعدة أهل المتوفين، إلى جانب مساعدة المصابين وتوفير سبل إتمامهم للحج بالطريقة التي تناسبهم.
وأكد فيها أن هذه عادات خادم الحرمين الشريفين وإخوانه من قبله ووالده في العناية بالمشاعر المقدسة والعناية بالمسجد الحرام وبذل كل ما في وسع هذه الدولة من العناية بضيوف الرحمن. وأشاد سموه بالجهود الكبيرة التي بذلت في تلافي ما تبع ذلك الحدث من إصابات ووفيات.
في كلمة سموِه وقف - سلّمه الله - وقفة هامة ينبغي أنْ تسْتقطب اهتمام أفراد هذا الوطن والأمة العربية والإسلامية في أي قطْر وفي أي بلد كان.. وذلك لعمقِ التوجيه فيها إلى ما ينبغي أنْ يقوموا به من دورٍ هام في هذه المرحلة بالذّات التي يتجه فيها منْ حولنا للعديد من المتغيرات السريعة في ركضها بشكل متلاطمٍ ومغايرٍ ومجنون. فكان تركيز سموِه على تناسي الخلافات والمساهمة في الأفضلية وخدمة الدين والتعاون والتماسك والتكاتف والتعاضد وعدم الاختلاف وعدم تصديق أي تشكيك أو أي حملة مسعورة ضد الإسلام والمسلمين. في ظل المبادراتِ الرائعة التي صنعها هذا الوطن الرائد بقيادته الحكيمة، من خلال هذه القاعدة التي يرتكز عليها قائد هذا الوطن ورمزه خادم الحرمينِ الشريفينِ الملك سلمان بن عبد العزيز - أيّده الله - في أكثرِ أحاديثه.. وهي القائلة: «إننا من موقع مسؤوليتنا العربية والإسلامية، وانطلاقاً من دور المملكة العربية السعودية الإقليمي والعالمي نؤكد حرصنا الدائم على لم الشمل العربي والإسلامي، وعدم السماح لأي يد خفية بأن تعبث بذلك، ونحن نتعاون مع إخوتنا وأشقائنا في دعم الجهود العربية والإسلامية لما فيه الخير والاستقرار». والتي حرِص فيها قائد هذا الوطن ورمزه بتصميمه وفعله.. على إِنطاق هذه القاعدة، وذلك عبر منطلقات خدمة الأمة وتحقيق كامل عزتها وكرامتها ونصرة قضايا الحق والعدل.. نستطيع أَن نتلمسها من شواهد عديدة.
سموه - وفقه الله - نبَّه إلى أن الحالة التي يعيشها هذا الوطن المتماسك المنتج المعطاء في ظلِّ تلك الظروف وبما منحه من القدسيَّة وبالأَمنِ الذي انتشر ميزة، وترسَّخ بتطبيق الشريعة الإسلامية العادلة، وإخلاص العمل، وتحسين الإنتاج، تعرّض دائماً لحرب غير شرعية تقوم على الحسد والكره والغبن والقهر والضغينة والنيل من إنجازاته التنموية والخدمية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة أو في غيرها، وهو الأمر الذي حدا بأعداء هذا الوطن الطاهر لاستخدام عقليتهم المنغلقة - غير الصادقة ولا المنطقية - فخرج منها صديد وقروح. ولا شك أن المواطن والفرد العربي والمسلم من حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزائرين منذ عشرات السنين ومع ما يشهده في هذا الوطن (المملكة العربية السعودية) من تطوُّر في خدماته وامتيازية تسهيلاته المنسجمة مع طموحاته وأمانيه، وما بلغه من وعيٍ ونضجٍ يجعلانه يميُّز بقدرة عالية!! - والتاريخ يشهد -؛ فالوطن بقيادته ورجالاته وأجهزته ومؤسساته يدير موسم الحج بكل كفاءة واقتدار ورعاية تدعو للفخار، ولن يضير ذلك أو ينقصه حادث عرضي نجم عن تزاحم أو تدافع بعض الحجاج أو مخالفة لتوجيهات أو تعليمات.
ونحسب أن التوجيه الذي خاطب به الأمير خالد الفيصل المشاهدين والمستمعين.. يعتبر: خطة عملٍ للواجبات التي تستنهض الدور الأهم للحفاوة بالمستقبل، ولاشك أن ذلك يعزز من مطالبتنا للمجتمعِ العربي والإسلامي التي نشدد عليها بأن يقف كل منهم على خط البداية واعياً وملتحماً وتربية الإنسان المعرفة من أجل الحق والتصدي لمحاولات التّجْييش والدفاع عن المكتسبات وترسيخِ المعطيات، والارتفاعِ دائماً إلى مستوى القيم والأهداف ؛ حتى نقف في وجه المتربصين دوماً من كل حدب وصوب بِمميزاتنا التي ننعم بها - ولله الحمد والمنة -. وتمضي سفينة هذا الوطنِ (الممثل للإسلام) الماخرة المنطلقة نحو تحقيقِ الأهداف المأمولة والمبتغاة.
وفي هذا الواقع يتمثل حديث سموه - رعاه الله - في إعلان زيارة خادم الحرمين الشريفين للمصابين في رافعة الحرم والأوامر الكريمة التي صدرت بعد ذلك ليكون احتفالية العالَم العاقل بردة الفعل المثالية والحصافة في تقديم التجربة الإنسانية والرسوخ في تاريخ الحزم والتمسك بمسؤولية الوطن في المحاسبة وتطبيق الأنظمة.
في الحاضر والمستقبل والماضي
إننا نؤكد جميعاً لكم - كمواطنين وكعرب ومسلمين - ونحن على سفينة قيادة ووحدة هذا الوطن الأشم على أننا في مستوى هذه المسؤولية التاريخية وسنكون مع رُبَّانها - أعزّهم الله - (قيادة هذا الوطنِ الراشد) قلباً وقالباً. سيكون لنا كلمة نتصدى بها لأقنعة الباطل وننصر بها الحق والحقيقة.
إن هذا الوطن يا سمو الأمير - أسعدك الله - له جهد ناصع وجبّار، له في الإنجاز قدرة وفي الخير إرادة وعلى القيادة خبرة وفي الأمن والاستقرار حظوة ؛ نعم يا سمو الأمير خالد.. كل ذي نعمة محسود ولا ينكر هذه الميزات الإيجابية إلا حاقد وجاحد، يتربص بهذا الوطن وأمنه واستقراره؛ فما زالَ هذا الوطن ـ بحمد الله تعالى ومنته ـ يُعْطي مِنْ نقطة ضوئه التي بدأَ بها منذ توحيد كيانه على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - منذ الـ85 عاماً. ومازالت نقطة الضوء: ضميره وخلقه وأَخلاقه، وأفعاله لخير الأرض ولخير الحق ولخير الأهل ولخير التضامن رغم التحديات في مرحلتنا المعاصرة.
وبعد ذلك: فيا أيها الأمير المسؤول والإنسان الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز في إشادة عاهل هذا الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بسموكم مؤخراً في ثنايا كلمته التي ألقاها خلال استقباله قادة الدول الإسلامية ورؤساء وفود الحجاج: «فإنني أقول كذلك للأمير خالد الفيصل يشكر على جهوده في هذا البلد وهذا الذي سهرنا عليه وهو ابن فيصل الذي جعله الملك عبدالعزيز نائباً له في هذه المنطقة». تذكيرٌ بمواقف النبلاء.. الذي نعتقد أنه حثٌ متعاظمٌ ورائع على التمسك بهذه السلوكيات التي أنْشأَتْ وطناً، وبذرت قيماً وسلوكيات عظيمة نحن أحوج ما نكون إلى استلهامنا في سلوكياتنا العصرية الحديثة، وفي تعاملاتنا فيما بين بعضنا البعض.. حتى ننجح في المحافظة على المنجز العظيم والقدوة.
حفظ الله الوطن وأَدام سخاءه ورخاءه وأَمنه وكرامته، وبارك لنا في ولي أمرِنا صاحب المواقف المشرفة والحنكة القيادية الحكيمة والبارِعة والرزِينة سلمان بن عبد العزيز، وجعله من أسعد خلقه أجمعين. وجنّب وطننا البلاء والفتن والأحقاد والمحن.