الجزيرة - واس:
يسعد ضيوف الرحمن من زوار المدينة المنورة هذه الأيام بعد أن مَنَّ الله تعالى عليهم بأداء الفريضة بزيارة «جبل أُحد» الذي دارت أسفله واحدة من كبرى المعارك بين جيوش الحق وفلول الباطل في عهد الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ووردت تسمية أُحد بهذا الاسم في روايات عدة، منها ما يشير إلى أنه دلالة على تميز الجبل عن غيره لتوحده وانقطاعه عن غيره من الجبال الأخرى؛ فهو يظهر وكأنه قطعة واحدة غير مجزأة أو متصلة بأي جبال.
وقيل في تسميته بأُحد نسبة إلى رجل من العمالقة، كان يسمى أُحداً، أقام بجواره؛ فسُمي الجبل باسمه.
ويطلُّ جبل أُحد على المدينة المنورة من الجهة الشمالية كمانع طبيعي على شكل سلسلة من الشرق إلى الغرب، مع ميل نحو الشمال من المدينة المنورة بطول سبعة كيلومترات، وعرض ما بين 2 إلى 3 كيلومترات، وارتفاع يصل إلى 350 متراً، ويبعد عن المسجد النبوي الشريف خمسة كيلومترات تقريباً.
ويحتوي جبل أُحد على أجمل التكوينات الصخرية من أحجار الجرانيت الذي يميل لونه في الأغلبية إلى اللون الأحمر الداكن، وبه عروق مختلفة الألوان، منها الأزرق والأسود والأبيض والأخضر والرصاصي. كما يحتوي جبل أُحد على الكثير من المعادن، كالحديد في الصخور السطحية والنحاس في التكوينات الداخلية لبعض الصخور.
ويمثل موقع جبل أُحد الذي اشتهرت منطقته بغزوة أُحد الشهيرة، التي استُشهد خلالها أكثر من سبعين صحابياً, منطقة استراتيجية مهمة من المدينة المنورة؛ فهو يشرف على التقاء عدد من مجاري الأودية والواحات الخضراء، وفي موقعه زحفت قريش وحلفاؤها إلى المدينة؛ لتثأر لهزيمتها في موقعة بدر التي وقعت في السنة الثانية للهجرة.
وأحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التخطيط للمعركة وتوزيع المواقع إلا أن تسارع الأحداث عقب ترك معظم الرماة مواقعهم ظناً منهم أن الحسم تم، ومفاجأة خالد بن الوليد الباقين بالالتفاف عليهم من المؤخرة والاستيلاء على الجبل, عدَّلا من مسار المعركة؛ واستُشهد أكثر من سبعين صحابياً, من أبرزهم حمزة بن عبد المطلب، عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ودُفنوا في موقع المعركة عند قاعدة جبل أُحد بينه وبين جبل عينين, وقبورهم تزار حالياً تأسياً برسول الله عليه الصلاة والسلام الذي زارهم ودعا لهم.
وفي فضل جبل أُحد المبارك أن الله تعالى فضله على بقية الجبال، وأعلى من شأنه، ورفع مكانته، ووردت فيه أحاديث عدة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا الجبل يحبنا ونحبه».
وتنتشر على جبل أُحد الكثير من النباتات والأعشاب والحشائش بشكل كبير؛ إذ يبدو هذا الجبل في كثير من أجزائه واحة خضراء، تغطيها الأعشاب والنباتات المختلفة، وتستمر بعض هذه النباتات في النمو كالأعشاب والنباتات البرية. أما النباتات العشبية الأخرى، خاصة ما ينتمي إلى الفصيلة النجيلية، فيموت بالتدرج نظراً لانقطاع الأمطار.