م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - الذي يتصفح عناوين الكتب والإصدارات المتخصصة في تطوير الذات سوف يرى العجائب والمعجزات، مثل عنوان هذه المقالة.. المشكلة أن بعضها لا يحدد أي جوانب فيك يمكنك تطويرها في تلك الدقيقة.. هل هي معارفك أم مهاراتك أم شكلك أم مظهرك أم عضلاتك أم وزنك أم طولك أم كلها؟!.. وسوف نجد كتباً أكثر دقة مثلاً: كيف توسع علاقاتك.. أو كيف تجعل الناس يحبونك فوراً.. أو كيف تطور من مظهرك.. أو كيف تكون أكثر تأثيراً على الآخرين.. أو كيف تقنع الآخرين.. أو كيف تتعرف على نفسيات الآخرين.. إلخ.
2 - وحينما تَشْرَع في قراءة هذا النوع من الكتب تبدأ في التشكك في قدراتك الشخصية.. فلم تشعر بأي تطور ذاتي رغم أن لك ساعة تقرأ في الكتاب وليس دقيقة.. ولم تتعلم شيئاً مما قرأته؛ لأنك لم تفهمه.. وأخيراً تكتشف أن كل تلك الكتب ترسم لك فقط منهجاً، السير فيه يحتاج إلى جهد وزمن.. ومع هذا فإن هذه الكتب حسب إحصائيات نشرتها مجلة (نيويورك) تطورت إلى صناعة تدر (11) مليار دولار سنوياً.. وأن هناك على الأقل (45) ألف كتاب في مجال تطوير الذات يطبع سنوياً في أمريكا وحدها.. والذي يتجول في أي مكتبة تجارية سوف يجد المئات من كتب ومجلات اللياقة البدنية، العلاقات الزوجية، التحكم بالمصروفات، التعامل مع الضغوطات، معالجة الإدمان، الطبخ وصناعة الحلويات، إصلاح السباكة في بيتك، زراعة حديقة بيتك والوشم على جسدك.. إلخ.
3 - كلنا لدينا نقاط ضعف؛ نرغب في تطويرها أو تغييرها، لكننا لا ندري كيف.. وقليلون جداً من استطاعوا الإجابة عن بعض تلك التساؤلات.. أو حتى مجرد تشخيص المشكلة بطريقة منطقية، تجعلنا نفكك تلك المشكلة التي نعانيها؛ حتى نستطيع أن نبدأ في حلها.. المشكلة مع تلك الكتب أنها تريد أن تقدِّم لنا الدواء.. والمشكلة في ذلك الدواء أنه عبارة عن كلمات.. وبالتالي فهو ليس كبسولة يمكن ابتلاعها بل مفاهيم يجب فهمها واستيعابها، ومن ثم تطبيقها.. وهذا ليس أمراً يسيراً.
4 - كتب تطوير الذات ليست دليل إجراءات تتبعه وتحقق تطوير الذات الذي تنشده.. بل هي أفكار ومحاولات لتحليل مشكلة من وجهة نظر المؤلف.. وهذا التحليل قد يساعدك على تشخيص مشكلتك الخاصة.. وتجد نفسك أمام حل كان دائماً ماثلاً أمامك لكنك لم تُلقِ له بالاً، وهذا الكتاب فقط أشار إليه وأنت التقطته.. إنها تلك اللحظة التي تحس فيها بأنك استيقظت على اكتشاف انتبهت إليه للتو.