رقية الهويريني
تعرض المصري خالد عثمان العامل بمطعم في مدينة العقبة الأردنية للكمات على وجهه بطريقة همجية من لدن شقيقين لأحد النواب في البرلمان الأردني، ولم يكتفيا بذلك؛ بل تتبعاه إلى الداخل وواصلا الاعتداء عليه وطرحاه أرضاً مما أدى لإصابته ونقله إلى المستشفى دون أن يبدي مقاومة أو ردة فعل وسط دهشة رواد المطعم والعاملين فيه! وتم تصوير الحادثة ليتحول لفيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار غضباً واسعاً في الشارع المصري، وعمت حالة من السخط في الأوساط الإعلامية والحقوقية المصرية.
الجميل أن السلطات الأردنية أوقفت المتهمين بحادثة الاعتداء، واحالتهما إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهما، كما سارعت بالتصريح على أن الحادثة فردية ولا تستهدف الرعايا المصريين ولن تؤثر على عمق العلاقات بين البلدين، وبذلك قطعت الطريق على المتحاملين والمغرضين، وأكدت أن الأردن بجميع أجهزته ومؤسساته لا يسمح بتجاوز القانون أو التطاول عليه من أية جهة كانت! كونه المظلة التي يحتمي بها كل من يعيش على أراضيه.
إن هذه الحوادث التي قد تحصل للمغتربين والوافدين في دول أخرى تتسبب بحدوث شرخ في العلاقات الأخوية بين الشعوب، وقد تتجاوزها للعلاقات السياسية بين بلدانهم، وكل دولة في العالم معرضة لحصول بعض المشكلات والنزاعات، ولكنها تبقى في إطارها وحجمها الطبيعي حينما تتم معالجتها وفقاً للقوانين السارية، فلا يمكن حينئذ أن تتخطى أبعادها الحدود الطبيعية لعلاقات الدول، وتظل دائرة تأثيرها ضعيفة طالما يتم التعامل معها بحكمة وروية مثلما فعلت الأردن.
وبالمقابل ينبغي احتواء الأمر من الطرفين حتى المعتدى عليه، ويجب الكف عن الإساءة للبلد الذي وقع فيه التجاوز، لاسيما أن قضية الاعتداء تسير وفق القانون. وعلى أصحاب الأقلام الهابطة في مصر عدم تحريض الرأي العام والعودة للصواب، كيلا تتطور المشكلة وتتحول لإشكالٍ سياسي بين البلدين كما حصل بين الجزائر ومصر على إثر أحداث إحدى مباريات كرة القدم قبل عدة سنوات! وعلى الجميع إدراك أن الأشقاء في البيت الواحد يتعرض أحدهم للاعتداء والتطاول من أحد إخوته! ولكنهم يعودون للألفة حينما يتم الاعتذار، أو يرد اعتبار المعتدى عليه.
وحتى لا تكون فتنة؛ يلزم السرعة في محاكمة المتجاوز لحدوده، وتطييب خاطر المعتدى عليه، حتى تتنفس العدالة من رئتيها (مصر والأردن) ولا يتأثر قلب الوطن العربي، وباقي أعضائه العليلة!