د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي ">
دأبت المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، على حسن العناية بالحرمين الشريفين، وخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، فلا نجد عهدًا من عهود ملوكها الميامين إلا وله بصمة واضحة في مزيد العناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة توسعة وتطويرًا وتحسينًا؛ حيث لم يألُ الواحد منهم - جزاهم الله خيراً - جهدًا في سبيل النهوض بهذه المسؤولية الجليلة التي شرفهم الله بها.
وقد حققت المملكة العربية السعودية في ذلك نجاحًا باهرًا أشاد به كلُّ من اعتاد الحج؛ ففي كل عام يلحظ المنصف تقدمًا لا تخطئه العين، ويلمس توسعة على الحجيج تخفف عنهم - بدرجة أكبر - ما كانوا يعانونه من ضيق؛ حيث شهد الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة في العقود الماضية عددًا من مشاريع التوسعة وتحسين الخدمات، ورفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة وأماكن النسك، مما جعل الحج غاية في اليسر والسهولة.
ومع مشارفة هذه المشاريع العملاقة على الانتهاء في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أمد الله في عمره- ستتمكن المملكة من فتح باب الحج لمن أراد دون التقيد بالنسب المحددة للدول سابقًا، مما يعني تضاعف الأعداد القادمة من شتى أقطار الدنيا لأداء فريضة الحج.
وبقدر ما حظيت به تلك الجهود المتتالية من الثناء والتقدير من عموم المسلمين في شتى بقاع الأرض، فلهجت ألسنتهم بالدعاء للقائمين عليها بالحفظ والنصر والتمكين، بقدر ما كانت غصة تنشب في حلوق بعض الحاقدين، المتربصين بالمملكة وأهلها السوء، فعملوا ولا زالوا جاهدين طيلة تلك العهود على الانتقاص من تلك الجهود، مع العمل الدؤوب على تقويضها من خلال الكثير من المخططات الهدَّامة؛ التي تهدف إلى زعزعة أمن الحجيج وإقلاق راحتهم، ثم تسخير أبواقهم الإعلامية في محاولة بائسة لتحميل المملكة نتيجة أفعالهم المشينة، وفي كل مرة - بحمد الله - تنكشف خططهم، وتتكشف نواياهم، ويحفظ الله المملكة من شر كيدهم.
وما حادثة التدافع التي افتعلوها بين الحجيج هذا العام بأول تلك المخططات القذرة ولن تكون آخرها، فقد أعماهم الغل، وتملَّكهم الحقد، فجعلهم يُسخِّرون كل إمكاناتهم للنيل من المملكة وتشويه ما تقوم به من جهود نعتز ونفتخر ونتشرف بها، ونحن نعلم يقينًا أن حادثة التدافع بمنى لا تلغي أو تقلل من الجهود الكبيرة المبذولة، وستستمر بلادنا في أداء رسالتها المقدسة وواجباتها على أكمل وجه ولن نلتفت لحملات نعرف -ويعرف الجميع- أهدافها ودوافعها.
والله غالب على أمره، وسيحفظ سبحانه هذه البلاد وقادتها وأهلها من كل سوء ومكروه، وسيعيد سهام أهل البغي إلى صدورهم، وسيجعل مكرهم مكرًا عليهم، فليطمئن قادة هذه البلاد وأهلها فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وأقول لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة، ما قالته خديجة رضي الله عنها للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (أبشروا! فوالله لا يخزيكم الله أبدًا؛ إنكم لتصلون الرحم، وتصدقون الحديث، وتحملون الكَلَّ، وتُقْرون الضيف، وتعينون على نوائب الحق).
داعين الله أن يتقبل موتى المسلمين من الحجيج، وأن يُنزلهم منازل الشهداء، ويجعلهم في الآخرة من السعداء، راجين للمصابين شفاءً وأجرًا، إنه سميع مجيب الدعاء.
- الرئيس التنفيذي - شركة بيت الرياض