جاسر عبدالعزيز الجاسر
الغضب الفلسطيني مستمر ويتصاعد مبشراً بانتفاضة فلسطينية ثالثة.
حتى الآن الجانب الرسمي والإعلامي الفلسطيني يتجنب ذكر ووصف ما يحصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بـ(الانتفاضة) ويستعيضون عنها باستعمال مصطلح (الهبة) والهبة الفلسطينية مجاراة للفلسطينيين الرسميين الذين يتجنبون ذكر الانتفاضة حتى لا يتهموا بالتحريض على العنف، رغم أن الإرهابيين الإسرائيليين من حكومة ومستوطنين وقوات احتلال لا تتحرج ولا تتردد بإعدام الفلسطينيين العزل.
نقول (إعدام) لأن قوات الاحتلال الاسرائيلي فعلاً تستهدف الشبان الفلسطينيين بما فيهم دون الثالثة عشرة، وحتى المبرر والحجة التي تتستر خلفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بأن الذين تم قتلهم كانوا يهددون الجنود الإسرائيليين، والمستوطنون الصهاينة يحملون سكاكين وبعضهم طعن مستوطنين وجنودا، فإن هذا المبرر يسقط أمام الأرقام فمن بين 30 شهيداً تم إعدامهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومئات الجرحى، لم يكن بينهم سوى ستة شبان قاموا بطعن المستوطنين.
إذن المسألة ليست وجود سكين مع شاب أو حتى حجارة، فإن نيته القتل مبيتة، وهو كما شاهدنا من خلال ما تعرضه شاشات المحطات الفضائية التي تؤكد بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بعمليات قتل متعمد للشبان الفلسطينيين مطابقة تماماً لعمليات الإعدام العلنية التي تنفذ في المجرمين المدانين من قبل المحاكم. ومع أن الفارق كبير في إعدام مجرم علناً لردع مرتكبي الجريمة، فإن الأسرة الدولية تتابع إعدام الشبان الفلسطينيين الأبرياء وغير المسلحين، سوى سعيهم للتحرر والعيش بكرامة في وطنهم مسلحين بحقوقهم المشروعة في أن يكون لهم وطن ودولة مثل باقي شعوب العالم.
وهكذا فإن الجرائم الإسرائيلية مثبتة ومشاهدة يومياً ومع هذا فلا أحد يتحدث عنها، وقد تأخرت السلطة الفلسطينية في تقديم شكوى لمحكمة الجزاء الدولية، وحسب معلوماتي فإنه حتى الآن لم يقدم أحد شكوى ضد حكومة نتنياهو التي تواصل إعدام الشباب الفلسطيني إضافة إلى هدم منازل الفلسطينيين وإبعادهم من مدنهم التي يقيمون فيها بما فيها القدس المحتلة، وقد تم وضع حواجز أغلقت مداخل جميع المدن الفلسطينية، ويوم الأربعاء استباحت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة تل لحم الفلسطينية التي كانت معزولة عن مدينة القدس بالجدار العنصري، ولا يسمح بالتوجه لها إلا عبر بوابة خلفها ثكنة عسكرية للإسرائيليين، وقد تصدى جنود الاحتلال وحرس الحدود الصهيوني لمتظاهرين شبان كانوا يشيعون شاباً شهيداً أعدمته القوات الإسرائيلية وشلت الحركة في المدينة الفلسطينية التاريخية ورداً على مظاهرات تشييع الشهداء الفلسطينيين الذين لا يملكون شيئاً سوى وداع شهدائهم قررت حكومة نتنياهو عدم تسليم جثث الشهداء الفلسطينيين والاستيلاء عليها ودفنها في مقابر الأرقام الإسرائيلية.
وهذه المقابر وحدها جريمة تستدعي مثول الإسرائيليين الذين يأمرون بها أمام محكمة الجزاء الدولية إذ تعطي جثة الشهيد رقماً بعد أن يسجل في سجلات خاصة ويدفن بقبر يحمل رقماً يستدل على صاحبه بعد مقارنة قوائم السلطات الإسرائيلية.
كل هذه الجرائم لا تجد من يوقفها، ولا ندري لماذا لا تفعل السلطة الفلسطينية، أو جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي هذه القضايا وترفع دعاوى أمام محكمة الجزاء الدولية التي لن تتردد في إدانة الكيان الإسرائيلي خاصة في ظل وجود العديد من الجرائم والتجاوزات الموثقة فلسطينيا ودولياً، وإذا ما عرقلت أعمال محكمة الجزاء الدولية فإن الأمر يصبح عملاً مكشوفاً ومخزياً للأسرة الدولية التي تصبح جميعها مدانة بقتل الفلسطينيين والسكوت على إعدامهم وتصفية قضيتهم.