د.محمد أحمد الجوير ">
أعود بكم لما كتبته في 5-5-2013م بعنوان (مشايخ السلطان.. ومشايخ الشيطان) ومضمونه باختصار، ما نلحظه في هذه الفترة الساخنة من احتقار وتسفيه لعلماء المملكة المعتبرين، ممن هم في هيئة كبار العلماء، أو في اللجنة الدائمة للإفتاء، أو ممن اختارهم ولي الأمر، وارتاح لعقيدتهم، ورجاحة عقولهم ووسطية أفكارهم، وبعدهم عن التشدد والتشنج والشطح، هؤلاء هم أساس بطانة الملك الذين يسمع لقولهم، هؤلاء هم المعتدلون الذين يهمُّهم بالدرجة الأولى، سلامة العقيدة والبعد عن الغلو والتشدد والتطرف والحماقة في التصرف، هؤلاء هم عتاد سفينة نجاة الأمة، هؤلاء هم مصابيحها وقت الظلمة، هؤلاء تكبح بهم الشياطين المتربصة بالدين والوطن، هؤلاء من يسمع لقولهم ورأيهم، هؤلاء هم علماء بيان الحقيقة، هؤلاء هم علماء كشف الباطل والزيف، أطلق عليهم المحرضون (بمشايخ السلطان) استهانة بهم وتحقيرًا لهم، وفي المقابل رأينا من يقدس دعاة، يصدق عليهم وصف الوعظ، زفّهم الإعلام التعبوي الفضائي التجاري الموجه، وروّج لهم، ومنحهم درجة القدسية، فصدقوا كذبته، وهؤلاء من أسميتهم، تحقيرًا لهم (بمشايخ الشيطان) في هذه المقالة الخاطفة، نتناول ما أطلقه البعض من المتعالمين في بيان لهم، يصح أن أطلق عليه (بيان النفير) لم تزل الظروف الصعبة الراهنة التي تطحن أمتنا وتزيدها ألمًا مع آلامها، بسبب الاستماع لجهّالها، رأينا في الآونة الأخيرة، وكما سبق أن رأينا في زمن ماضٍ قريب، استغلال بعض الوعاظ ومن تسموا بالدعاة، وبعض الأكاديميين الشاطحين، الذين يجمعهم عشق الإثارة والثورة، رأينا كيف يسبكون بياناتهم على وتر الجهاد والخوف على العقيدة، رأيناهم كيف يشقون صفوفنا ووحدة كلمتنا، رأيناهم كيف يشحنون نفوس العامة والدهماء، رأيناهم كيف يحرضون على ولاة أمرنا وعلى علمائنا الكرام (#بيان_علماء_52) بيان قفز على حاجز هيئة رسمية يشار لها بالبنان، تعنى بكل ما يهم الأمة، هيئة ضمّت علماء حقيقيين أفنوا أعمارهم وشابت أركانهم بطلب العلم، لزموا علماء الركب وأخذوا من اعتدالهم ووسطيتهم وخوفهم على دينهم ووطنهم، علماء درسوا التاريخ، فأخذوا منه الدروس والعبر، وسبروا نكبات سفهائه، وظلم طغاته، علماء يعرفون كيف ومتى وأين، يكون نصحهم لولاة أمرهم، علماء يعملون في وضح النهار، حتى كانوا محل ثقة ولاة أمرهم والمخلصين الصادقين في وطنهم، بيان علماء الجهاد، كما أطلق عليه، لا يعدو بيانًا، إلا يدعو لعميق جراحات أمتنا، بيان علماء مجهولين، من أولى كذباته وتضليلاته ودجله، أنهم أضفوا على ذواتهم صفة (العلمية العالمية) وهذه من نكباتهم وسقطاتهم المدوية، إِذ كيف سمحوا لهم بهذا الوصف؟ ومن يا ترى أطلقه عليهم؟ هم معروفون بإثارتهم وثورتهم العاطفية، التي يستدرون بها الرعاع من مقدسيهم، أغلبهم مجهولو الهوية المعرفية، منهم وعاظ، ومثيرون، وثوريون، ودعاة فتن، معروفون إبان حرب الخليج الثانية، يريدون الانتقام جرّاء عقابهم، لو كانوا صادقين - ولا أظنهم - لبعثوا ببيانهم المشار إليه لهيئة كبار العلماء، وبهذا قد أدوا ما عليهم وبرئت ذممهم، لا أن ينشروه في مواقع إلكترونية، والسؤال الذي يطرح نفسه، أين يجتمع هؤلاء المفتونون وهؤلاء الثوريون، الفتانون المثيرون ببياناتهم؟ ولماذا يلجؤون لمواقع التواصل الاجتماعي، لبث رؤاهم الحماسية الثورية؟ كيف سمحوا لأنفسهم بأن يكونوا ندًا لرجالات السياسة من قادة ووزراء خارجية ومتخصصين؟ نحن ننكر على الدوام من يخوض في أمور العقيدة من غير المتخصصين بها، فكيف نسمح لهؤلاء بالخوض في قضايا مصيرية عواقبها جد وخيمة، مواقع التواصل الاجتماعي كشفت لنا الثوريين المتسلقين المفتونين الفتانين، نعم فتانون بين الراعي والرعية، كشفت لنا وعاظًا، منحهم رعاعهم لقبًا لم يستحقوه، وهم على هذه الحالة، فبات يطلق عليهم الدهماء (العلماء) وهم دعاة التحزب والنكبات، تميزوا بكثرة صراخاتهم في الفضائيات الموجهة، تميزوا بكذباتهم على وطنهم واستعداء أعدائه عليه، رأينا كيف استغلت إيران تصريحاتهم غير المحسوبة، بات لدينا مشكلة عظيمة مع الوعاظ، عندما لم يحصروا اهتماماتهم بمهنتهم ووظيفتهم الأساس، فوجدوا باب السياسة مفتوحًا أمامهم، فتهوروا سعيًا لمنافسة أهلها، حتى صاروا كالغراب، الذي ضيّع مشيته ومشية الحمامة، بيان علماء الـ(52) الذي يدعو شبابنا للنفير، وعلماؤه المزيفون، نائمون، ويسرحون، ويمرحون في بقاع الأرض، يسكنون القصور الفاخرة، ويركبون المراكب الفارهة نراهم من على الخيول يتفاخرون، وهم يضحكون، لا يستحون، في نظري ليسوا علماء جهاد بقدر ما هم (دعاة ووعاظ ظلام، وضُلّال) يعملون في جنح الظلام، مقار اجتماعاتهم مواقع التواصل الاجتماعي، بيانهم المشئوم، لاقى استنكارًا واسعًا من المواطنين الصادقين، وعده الجميع خروجًا وافتئاتًا على ولي أمرنا وتجاوزًا لمهام واختصاص هيئة كبار العلماء، وكما شوهت (داعش والنصرة) صورةجهاد المعارضة السورية في وجه طاغية الشام بشار التي كانت نتائجها في بداياتها فاعلة، أراد علماء (البيان التحريضي والثوري) الدخول في هذا المعترك، لإفساد جهاد الجيش الحر، وزيادة احتقان المنطقة، وخلط أوراقها، نحن لسنا في زمن (وآمعتصماه) خلافة، ينفع معها مثل هذه النداءات والصراخات والبكاءات، مثل هذه الصراعات والنزاعات والتصادمات التي تتنامى في عصر القوة العسكرية والدبلوماسية، لا ينفع معها مثل هذه البيانات والشحونات العاطفية التي تدمر ولا تثمر، لا ينفع معها بعد إرادة الله غير الدبلوماسية الحكيمة، مع (عقل العلماء الربانيين) لا العلماء المزيفين الثوريين، الذين يسيرون في خطى الشيطان، نحن في زمن (دول ودويلات وتحالفات) تحكمها أنظمة وقوانين دولية، كم نحن بحاجة إلى أن يُحكّم الجميع عقولهم، وخصوصًا من زينّت لهم نفوسهم، سيئات أعمالهم، من وعاظ ومن تسموا بالعلماء، وهم ليسوا منهم، الدين محفوظ بأمر الله، والوطن محفوظ بالله ثم برجاله المخلصين الصادقين وعلمائه الربانيين، وسوريا فيها من الرجال العقلاء والعلماء الربانيين، من هم أعلم بحالهم من غيرهم، ونحن معهم ونرجو من الله العلي القدير أن يعجل بخلاصهم من طغاتهم وأن يخذل كل عميل وخائن وعدو وضع يده بيد الطاغية المجرم بشار من روس وصفوية وتنظيمات فاسدة، بقي القول، لنستمع لعلماء الحكمة، وندع دعاة الفتنة.. ودمتم بخير.