حصر مدة الدراسة خلال شهر يجسد حزم القيادة في سرعة تلبية احتياجات المواطنين ">
الجزيرة - الرياض:
أشاد عدد من الاقتصاديين بقرار مجلس الوزراء أمس بإحالة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى لدراسته وفقاً لنظامه، وتوجيه المقام الكريم بأن ينتهي المجلس من ذلك خلال ثلاثين يوما، مؤكدين أنه من أقوى القرارات الاقتصادية التي تلامس احتياجات المواطنين.
وقالوا في تصريحات لوكالة الأنباء السعودية: إن القرار ينم عن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بكل ما يشغل المواطنين ويلبي احتياجاتهم المعيشية، مبينين أن حصر مدة دراسة المشروع في 30 يومًا يؤكد حرص الملك المفدى الشديد على تلمس هموم المواطنين وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم من خلال تقليل تكلفة الحصول على المسكن الملائم لكل مواطن، خاصة لذوي الدخول المحدودة أو المنخفضة.
وقال الخبير والكاتب الاقتصادي رئيس مركز «جواثا» الاستشاري الدكتور إحسان علي بوحليقة: إن قرار مجلس الوزراء أعلاه، سيؤدي إلى زيادة المعروض من المساكن من خلال تحفيز ملاك الأراضي البيضاء إما لبيعها لمن يطورها أو أن يقوم ملاكها بتطويرها إما إلى مساكن أو للاستخدام الذي خصصت له من قبل البلدية.
وأضاف: بصورة غير مباشرة فإن عمارة الأراضي البيضاء ستؤدي لاستقطاب المزيد من الاستثمارات لأنشطة التطوير والتمويل العقاري، بما يسهم في تنمية قطاع الخدمات المالية والعقارية الذي يناهز حالياً 12 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وستسهم في تنويع الاقتصاد الوطني.
وأكد بوحليقة أن القرار سيحقق مصلحة المواطن من خلال تشجيع المطورين العقاريين على بناء المزيد من المساكن على الأراضي البيضاء، بما يزيد مؤشر استخدام الأراضي البيضاء الذي يتجاوز 50% في العديد من حواضر المملكة، مما يزيد من المعروض من الوحدات السكنية، وبالتالي يحقق التوازن في سوق المنتجات الإسكانية.
أما أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالوهاب سعيد القحطاني، فقد قال: إن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- يعبر من خلال ذلك القرار عن حرصه على تحقيق الرفاهية للمواطن، وتلبية احتياجه في امتلاك مسكن مناسب يضمه مع أسرته بما يتناسب مع دخله حتى لا يزيد عليه أعباء الحياة. وأضاف: أن القرار سيحد من غلاء سعر الأراضي السكنية الذي عدّه الكثير من المواطنين وخبراء الاقتصاد معضلة اجتماعية واقتصادية كبيرة، حيث وصل سعر المتر المربع في بعض المدن إلى 3000 ريال، ويصل إلى أكثر من ذلك في بعض المدن، مما يعني صعوبة شرائها.
وتابع القحطاني: لقد رأت القيادة الحكيمة ضرورة الوصول إلى حلول مناسبة توفر الأرض والقرض للمواطن، وكان فرض الرسوم على الأراضي البيضاء أحد العوامل التي تسهم في خفض أسعارها، وقرار مجلس الوزراء بإحالة رسوم الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى لدراسته والرد خلال شهر يجسد حرص القيادة وحزمها في سرعة تلبية حاجات المواطنين الرئيسة وهي الحصول على المسكن المناسب بالسعر المناسب.
وأعرب عن اعتقاده في أن القرار سيؤثر على أسعار الأراضي البيضاء التي تجاوز سعر المتر المربع فيها أكثر من 1000 ريال، كما ستتأثر الأراضي البيضاء في المدن الكبيرة التي بلغ سعر المتر المربع السكني فيها 3000 ريال على سبيل المثال.
ووصف الخبير الاقتصادي عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد حسن العمري، قرار مجلس الوزراء بالحكيم الذي أتى امتدادا لسلسلة القرارات التنموية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وقال: يعد قرار مجلس الوزراء القرار الأول في جانب العرض الذي صدر بخصوص الإسكان في البلاد، لأن جميع القرارات التي صدرت بهذا الخصوص ركزت على زيادة الطلب فقط من خلال القروض، وسيكون مصدرا كبيرا من مصادر معالجة أزمة الإسكان.
وأشار العمري إلى أن حجم مساحة الأراضي البيضاء في المملكة يتراوح ما بين 50 و60 في المائة من مساحة المدن الرئيسة، والمتداول في السوق يشكل ما يقرب من 10 في المائة وفق بيانات وزارة العدل، مبينًا أن تفعيل فرض الرسوم على هذه المساحات الشاسعة قد يسهم في خفض أسعار الأراضي المتداولة في السوق بنسبة 50 في المائة، ولن يؤثر ذلك سلبًا على الاقتصاد الوطني.
وأعرب عن أمله في أن يدرس مجلس الشورى هذا الملف التنموي الحساس بدقة، آخذا بالحسبان أن تشمل الرسوم جميع مناطق المملكة دون استثناء، لأن ذلك سيترتب عليه انتقال الأموال المضاربة في الأراضي المفروض عليها الرسوم إلى التي لم يشترط فيها الرسوم، إضافة إلى أن فرض الرسوم لا بد أن يشمل جميع الأراضي داخل النطاق العمراني للمدن سواء وصلتها الخدمات أم لم تصلها.
من جهته، أشار رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عصام بن محمد حابس، إلى أن عجز المواطن عن امتلاك قطعة أرض ليبني عليها منزله يؤدي إلى تعطيل التنمية في البلاد، مؤكدا أن تحديد مدة الدراسة في 30 يومًا لإصدار التشريعات الخاصة برسوم الأراضي البيضاء سيؤدي إلى نتائج إيجابية يلمسها الجميع بإذن الله.
وأفاد بأن إيجابية القرار تكمن في فك الاختناق عن التنمية العمرانية في أطراف المدن، وسيجعل أصحاب الأراضي البيضاء يعيدون النظر في كيفية امتلاك الأراضي وتوجيهها التوجيه الصحيح نحو تعزيز الاستثمار في البلاد بما يعود نفعه على الوطن والمواطن، موضحا أن تحديد قرار رسوم الأراضي على المتر المربع بمبلغ لا يتجاوز 100 ريال كاف اقتصاديا إذا ما تم أخذ متوسط الرسوم على الأراضي في المملكة بصفة عامة.
من جانبه، أفاد أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود الدكتور حمد عبدالعزيز التويجري، أن توجيه المقام السامي لمجلس الشورى بسرعة دراسة مشروع رسوم الأراضي البيضاء في مدة 30 يومًا يعد قرارا مهما جدا ينبغي تطبيقه في أسرع وقت لأن البلد يعاني من أزمة إسكان، وستخفف نتائجه من قوائم انتظار المواطنين في صندوق التنمية العقاري، وفي الوقت نفسه سيعمل على إحداث توازن ما بين العرض والطلب في الحركة العقارية، وسيؤدي إلى جعل أصحاب الأراضي يتجهون إلى استثمار أراضيهم والمشاركة الفعلية في حركة التنمية من خلال بناء مشروعات استثمارية يستفيد من الوطن والمواطن. وقال: إنه مع انخفاض أسعار العقار المتوقع، سيصبح قادرا على شراء الأرض من خلال قرض الإسكان المقدر بـ500 ألف ريال، كما سيصبح قادرا على الحصول على تمويل عقاري من البنوك التجارية.
بدوره، أوضح عضو مجلس الأعمال بمجلس الغرف السعودية محمد آل صقر، أن قرار مجلس الوزراء سيخفف العبء على الدولة في تطوير وإيصال الخدمات للأراضي في المناطق التي هي خارج النطاق العمراني ولا تتطلب الحاجة حالياً لها لوجود 60 في المائة من الأراضي البيضاء داخل النطاق.
وقال: إن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء سيؤدي إلى جعل أصحاب الأراضي يتجهون إلى استثمار أراضيهم والمشاركة الفعلية في حركة التنمية من خلال بناء مشروعات استثمارية يستفيد من الوطن والمواطن.
كما أشار آل صقر إلى أن آلية فرض الرسوم سيكون لها الأثر الإيجابي على المواطن، إذ يعد هو المستفيد الأول من القرار وسيتاح له توفر الفرصة في امتلاك أرض كاملة الخدمات بسعر مناسب.
فيما أكد رئيس مجلس الأعمال السعودي الهندي بمجلس الغرف السعودية المهندس كامل المنجد، أن القرار يعد أحد أفضل القرارات الاقتصادية التي تلامس احتياجات المواطنين.
وبين أن هذا القرار سيخدم بشكل مباشر المواطن وتساعد على حل مشكلة الإسكان الحالية، مستشهدا في هذا الصدد بالقرارات المماثلة المطبقة في بعض الدول كفرنسا، حيث أسهم فرض الرسوم بحد كبير في حل مشكلة الإسكان لذوي الدخل المتوسط والمحدود، كما أنها ستسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال زيادة أعمال التطوير والبناء والتشييد.
بينما أكد عضو مجلس إدارة غرفة الرياض نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية محمد صالح الخليل، أن تطبيق هذا القرار سيحقق حراكا اقتصاديا شاملا، حيث إن القطاع العقاري محرك لأكثر من 120 قطاعا ومؤثر رئيس في التنمية الاقتصادية، مبينا أن تطبيق الرسوم سيواكبه آليات لاختصار المدة الزمنية لاعتماد المخططات لدى الأمانات وتسهيل جميع الإجراءات الأخرى مع تحفيز الاستثمار في التطوير الإسكاني.