إشادة دولية بخطوات المملكة لتصحيح أوضاع البرماويين ">
مكة المكرمة - سامي علي / تصوير - سليمان وهيب:
زار وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بدول مجلس التعاون أمس المقر الدائم للتصحيح بمكة المكرمة للوقوف عن قرب على آلية العمل فيه في خطوة منها لتعميم التجربة على الصعيد العالمي وذلك بعد أن كرّمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المملكة نظير جهودها الإنسانية في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية.
وقد وجه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل كافة القطاعات العاملة في مقر التصحيح بتسهيل مهمة الوفد واطلاعه على خط سير العمل في المقر ليقف عن كثب على الخطوات التي تتم في هذا الشأن واصفًا سموه مشروع تصحيح أوضاع البرماويين وتطوير ومعالجة أوضاع الأحياء العشوائية بأنها تجربة فريدة كونها معالجة جذرية للأحياء العشوائية لافتًا إلى أن من مميزات المشروع عدم اقتصاره على إعادة تخطيط وبناء وعمران الأحياء بطريقة عصرية، بل معالجة مشكلة ساكنيها، معالجة إنسانية وصحية واجتماعية وعملية متحضرة مؤكدًا أن المشروع يمثل القيم والأخلاق الإسلامية التي يتميز بها إنسان المملكة قيادة وحكومة وشعبًا مشيرًا إلى أن الدولة تكفلت من خلال التصحيح بتطوير الأحياء ورعاية إِنسانها وتأمين الرعاية الصحية وتكفلت بتعليم شبابها وبناتها وتدريبهم للعمل وتأهيلهم للعمل، أيضًا بإيجاد فرص العمل عن طريق وزارة العمل والشركات العاملة في هذه المنطقة.
وكان في استقبال الوفد في مقر التصحيح وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق رئيس اللجنة الدائمة لدراسة وتصحيح أوضاع الجالية المينمارية صاحب السمو الأمير فيصل بن محمد بن سعد وأعضاء اللجنة الدائمة المكونة من عدة وزارات ومديري العموم بالإدارات الحكومية في المنطقة
وأكَّدت المفوضية حينها أن جهود المملكة العربية السعودية في هذا الشأن رائدة ويمكن الاستفادة منها كذلك في تعميم التجربة عالميًا لا سيما أن مشروع التصحيح يحظى بمتابعة القيادة في المملكة كونه أحد مكونات مشروع تطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة، الذي رفعه الأمير خالد الفيصل للمقام السامي عام 1429هـ، واستهدف جزء منه تصحيح أوضاع الفارين بدينهم ممن قبلت باستضافتهم المملكة.
ووجه الأمير خالد الفيصل في بداية المشروع بإعداد دراسة متكاملة عن وضع الجالية المينمارية، فعقدت عدة اجتماعات مع مديري الإدارات الحكومية ذات العلاقة بالمنطقة وتمت دراسة وضع الجالية من النواحي النظامية والأمنية والتعليمية والصحية والمهنية والاجتماعية، وإكمالاً لمسيرة العمل في دراسة وضع الجالية المينمارية تم تشكيل فريق عمل لدراسة وضع الجالية، وتوحيدًا للجهود والدراسات التي تعنى بالتصحيح، صدر الأمر السامي الكريم بتشكيل لجنة دائمة تختص بدراسة جميع ما يتصل بهذه الفئة، وتضم في عضويتها كلا من وزارات الداخلية، الخارجية، العمل، المالية، وإمارة منطقة مكة المكرمة والمديرية العامة للجوازات وغيرها من القطاعات الحكومية ذات العلاقة ومقرها الدائم إمارة المنطقة.
من جهته أوضح الأمير فيصل بن محمد أن زيارة الوفد التي جاءت بناء على الصدى الإيجابي لإنسانية المملكة في تعاملها مع أبناء الجالية البرماوية، وهدفت إلى الاطلاع على ما تحظى به الجالية البرماوية المقيمة في المملكة العربية السعودية من رعاية واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مضيفًا أن زيارة الوفد هدفت أيضًا إلى الوقوف عن كثب على آلية سير العمل في المشروع الذي وصفته المفوضية بالرائد ما يمكن من تعميم التجربة في دول أخرى حول العالم.
وبيّن سمو رئيس اللجنة الدائمة لدراسة وتصحيح أوضاع الجالية المينمارية أن عدد أبناء الجالية البرماوية المستفيدين من التصحيح منذ انطلاقتها في 4-5-1434هـ حتى الشهر الحالي من العام 1437 هـ بلغ نحو 249938 برماوي، لافتًا إلى أنه تم إصدار أكثر من 123793 إقامة نظامية مجانية مبينًا أن أبناء الجالية البرماوية الذين تقدموا للجنة من أجل تصحيح أوضاعهم قدموا من 9 مناطق مختلفة على مستوى المملكة موضحًا أن المتقدم يمر بعدة مراحل حيث يتم منح المستفيد موعدًا لمراجعة لجنة التصحيح ويتم إبلاغه عبر واحدة من ثلاث قنوات هي موقع الجالية البرماوية، أو الاتصال به عن طريق مكتب شيخ الجالية أخيرًا إبلاغه عن طريق مجلس الأحياء، ومن ثم يحضر المستفيد للموقع ويتم التأكد من موعده ويتم توجيهه إلى الشؤون الصحية لأخذ 3 لقاحات ضد الدفتريا والحمى الشوكية ثم يسجل اسمه في كرت التطعيم.
وأضاف أنه بعد أخذ اللقاح اللازم يتجه المستفيد إلى كبينة التحقق التي ميزت بالألوان للتسهيل على غير المتعلمين وهناك يضع الموظف صورة المستفيد وصورة عائلته في الاستمارة وترسل إلى قسم النساء لمطابقة صورة المرأة ثم المصادقة عليها بختم المطابقة وتعاد للمستفيد منوهًا إلى أن مركز معلومات الجالية يبرمج الاستمارة إلكترونيًا ويدرج فيها كافة البيانات المتعلقة بالأشخاص.
ولفت إلى أنه تمت مراعاة ظروف كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة حيث تقدم لهم كراسي متحركة ويكون لهم الأولوية في إنهاء الإجراءات، كما تقدم للمراجعين الضيافة إضافة للخدمات الطبية والأدوية والكشف الأولى الذي يشمل قياس الضغط والسكر، مضيفًا أنه أثناء الاستراحة يستمع المستفيدون إلى توجيهات يقوم عليها مجلس الجالية.
وفي السياق ذاته أعدت لجنة التصحيح للوفد برنامجًا متكاملاً اطلع خلاله على الملامح العامة لمشروع التصحيح وكذا جهود القطاعات الحكومية المشاركة في التصحيح ومهام الوحدات الإجرائية الداخلية المشكلة لهذا الغرض وذلك في مقر التصحيح، إِذ قدم مدير جوازات منطقة مكة المكرمة شرحًا عن دور الجوازات المتمثل في إصدار الإقامات المجانية لأربع سنوات على كفالة الأفراد والمؤسسات والشركات إضافة إلى إعفائهم من الغرامات المترتبة لعدم تجديد الإقامة لسنوات مضت واستثنائهم من بعض الإجراءات التي تحول دون حصولهم على الإقامات.
وزار الوفد موقع فرع وزارة العمل بمنطقة مكة المكرمة حيث قدم مدير فرع وزارة العمل بالمنطقة شرحًا عن دور وزارة العمل المتمثل في نقل الكفالات إلى الأفراد والمؤسسات والشركات وتغيير المهن وتذليل الصعوبات التي تختص بالوزارة وتوظيف أبناء وبنات هذه الجالية في الشركات والمؤسسات على ألا تتعارض مع توطين الوظائف للسعوديين والسعوديات في القطاع الخاص، كما سيطلع الوفد على عدد من القرارات التي من شأنها أن تحفز الشركات والمؤسسات على الاستفادة من خدمات أبناء وبنات هذه الجالية.
كما اطلع الوفد على جهود المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة، وقدم مدير عام الشؤون الصحية بالمنطقة شرحًا وافيًا عن دور وزارة الصحة في عملية التصحيح سيما في المجالات التثقيفية والوقائية والعلاجية، كما زار موقع الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة واستمع إلى مدير عام التعليم بالمنطقة حول جهود وزارة التعليم في استيعاب أبناء وبنات الجالية المينمارية في المدارس الحكومية والأهلية وتخصيص مكتب إشرافي متكامل لمدارس الجاليات بنين وبنات.
وشملت جولة وفد المنظمة موقع فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة واستمع إلى شرح من مدير عام الشؤون الاجتماعية بالمنطقة عن جهود وزارة الشؤون الاجتماعية في تقديم الرعاية الاجتماعية لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركة الجهات الخيرية بخدماتها التعاونية في أعمال لجنة التصحيح.
واطلع الوفد على الوحدات الإجرائية الداخلية واستمع خلالها إلى المشرف العام على التصحيح حول مهمة إمارة منطقة مكة المكرمة في عملية التصحيح ومهام كل وحدة ومن أبرزها: وحدة مركز المعلومات الخاص بالجالية المينمارية وأرشيف استمارات التعريف ووحدة لجنة النظر في قضايا التعريف العالقة ووحدة شؤون السجناء والموقوفين ووحدة علاقات المرضى ووحدة خدمات المستفيدين ووحدة إجراءات استمارة التعريف ووحدة الشؤون الإدارية والمالية ووحدة تنسيق خدمات المستفيدات ووحدة التحكم في تفويج المستفيدين من جميع مناطق المملكة إلى مقر التصحيح.
كما اطلع الوفد على تجربة رائدة من إحدى الشركات المستقطبة لخدمات هذه الجالية من حيث نقل كفالاتهم وتدريبهم وتأهيلهم ثم تأجير خدماتهم لسوق العمل بشكل احترافي ومتحضر يعكس مدى اهتمام الدولة ـ حفظها الله ـ بوضع هذه الجالية وأن تكون إقامتها في المملكة بشكل نظامي في ظل عيش كريم كما هي الحال مع عموم المقيمين في المملكة.
وفي نهاية الجولة شكر وفد المفوضية المملكة على إِنسانيتها في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية دون الالتفات إلى العرق أو اللون مثمنة الدور الكبير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ولأمير منطقة مكة المكرمة نظير الإنسانية غير المسبوقة في هذا الجانب الذي يقف له العالم احترامًا.
وذكر الوفد أن المفوضية تعتزم كتابة تقرير عن التجربة السعودية في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية، لتعميمها على الدول الأخرى ومن ثم الاستفادة منها.
وفي ختام الحفل سلم الأمير فيصل بن محمد درعًا تذكارية لرئيس وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي.