د. يوسف بن أحمد الرميح ">
لا يشك عاقل أن بلادنا حرسها الله تخوض غمار حرب شرسة لا هوادة فيها مع الإرهاب وأهله. هذه الحرب ضد الإرهاب تستوجب منا جميعا عدد من التضحيات الجسام لعل منها أنه يتطلب لكل واحدا منا أن يكون رجل أمن بكل ما تعنيه الكلمة, فإذا لم تقم مع بلدك ووطنك وقت الحاجة وإلا فما حاجتنا جميعا بك وقت الرخاء. الوطن يحتاج كل منا بتنمية الحس الأمني وهو المطلب الملح في معرفة الشكوك وضرورة إبلاغ الجهات الأمنية. هنا لابد لكل منا أن يحاول معرفة الناس أهل التصرفات المريبة والتي تثير الشكوك والفضول,, وقد لا يكون إرهابيا ولكن في هذا الوقت وهذه الظروف من التعقل إبلاغ الجهات الأمنية قبل حدوث مكروه لا قدر الله.
ومع تعاطينا جميعا كأفراد ومؤسسات للإرهاب والذي تمثله حاليا القاعدة وابنتها غير الشرعية داعش وغيرها من المنظمات والخلايا أظن أننا أمام عدد من العقبات التي يجب أن نتعامل معها إيجابيا حتى نحتفل بإذن الله بالقضاء على الإرهاب وأهله.
لعل أول هذه العقبات أننا في تعاملنا مع الإرهاب نحتاج فعلا لخطة استراتيجية طويلة الامد ربما تمتد لسنوات مع الطالب والطالبة من الروضة للجامعة, نحتاج تحصين ذاتي مثله مثل التطعيمات الضرورية للطفل لكن هذه تطعيمات فكرية سلوكية وتلك تطعيمات صحية والفكرية السلوكية أهم وأخطر. الموجود عندنا للأسف خطط رائعة وطموحة ولكن كل يغرد فوق غصنه. الشؤون الإسلامية لها برامجها لوحدها والتعليم له برامجه المستقلة وكذلك الإعلام بكافة قنواته وأدواته. والحال تلك في الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية والأندية الرياضية والأدبية وغيرها. إن من أهم ما نحتاج له فعلا في تعاملنا مع هذا الإرهاب المقيت هو أن ننسق الجهود ونتكامل وننظم حملات منسقة مستمرة تشترك فيها جميع الجهات بلا استثناء, للأسف تنهي أحد الجهات حملتها لتبداء جهة أخري حملتها لا يجمعهما سوي الهدف النبيل.... وحتى نكون جبهة داخلية قوية مصونة منيعة ضد الإرهاب والفكر الضال لابد من التنسيق والتناغم بين الجهات مقدمة الخدمة بحيث الشؤون الإسلامية تكمل عمل التعليم ووهما معا يتممان عمل الجمعيات الخيرية والنوادي الرياضية والأدبية وكلها تتم عمل الإعلام وغيرها.
وحتى يمكن ذلك لابد من وجود مرجعية لتلك الجهات كلها ترجع لها ببرامجها للتنسيق مع الجهات الأخرى حتى نتمكن بإذن الله من إيجاد برامج قوية واضحة ضد الفكر الضال وأهله .... ولا مانع من عمل دراسات أمنية تتبعية مثل التجربة بحيث نقسم الشباب عشوائيا لمجموعات كل مجموعة لها برامجها الوقائية ومن ثم نقيس مدى استفادة كل مجموعة من البرامج ويركز على البرامج المفيدة التي تعطي أقوى وأفضل النتائج وتلغي البرامج التي يثبت عدم جدواها.
أما العقبة الثانية في تعاطينا مع الإرهاب الخبيث فهي إن تعاطينا له وبرامجنا الموجهة لها طابع نخبوي يخاطب النخب والمتعلمين والمعلمين وغيرهم... هذه مشكلة مع الإرهاب في المفاهيم حيث إن الإرهابي في الغالب شاب مراهق مهمل مهمش يعيش على جانب الطريق كما يقال. ما نحتاج له فعلا برامج لها روح وحياة وحيوية البرامج الرياضية بحيث يكون لها جمهور ويأتي ذلك بأن نستثير البرامج الأمنية المثيرة للشباب ونخلط الرياضة بالأمن ونستغل رغبات الشباب وما يرغبونه من أنشطه مثل الرياضة والرحلات والمعسكرات والتجمعات الشبابية نستغلها لأمن الوطن كما استغل بعضها للأسف ارباب الارهاب والفكر الضال. فمن المهم تقديم التوعية الأمنية بطبق من الترفيه والتسلية بحيث يرغبه الشباب ولا يملون منه ويثمر معهم بإذن الله أمنا واستقرارا.
واخيرا من المعوقات لتعاملنا الأمني مع الإرهاب أن الجماعات والخلايا الإرهابية نجحت لحد كبير في استغلال وسائل التواصل الاجتماعية لأقصى حد لمصلحتها الفاسدة والدموية. فمتى سيفيق قومي فعلا لبرامج تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لحماية شبابنا ووطننا وأمننا وذلك بأن نحارب الإرهاب فعلا حربا لا هوادة فيها ونقطع دابره بوسائل التواصل ونوجد البديل الآمن والجيد الذي يستغني به الشاب عن فكر الخلايا الارهابية, كم نحن بأمس الحاجه فعلا لتطوير أجهزتنا التقنية لحساب الأمن والاستقرار. فهذا مطلب ملح حقا في أن نوجد البديل المناسب والمثير للصغار وللشباب ليكون بديلا للفيديوهات والمقاطع والألعاب التي يبثها داعش وغيره. ومن الضروري دراسة هذه المقاطع دراسة علمية أمنية وذلك للقضاء عليها وإيجاد البديل الذي يدعو للسلم والأمن والاستقرار. كذلك من الضروري تواجد العديد من الشباب المتحمس لوطنه وأمنه ممن يستهويهم الفضاء الإلكتروني والألعاب الإلكترونية والتغريدات والمقاطع ليدفع لهم بسخاء ليدافعوا عن وطنهم بالفضاء الإلكتروني حيث إنها للأسف هي حاليا ساحة المعركة للخلية الإرهابية والداعشية الحقيرة.
- أستاذ مكافحة الجريمة والإرهاب جامعة القصيم