سلطان المهوس
طالبتُ - وما زلت أطالب - وسأكرر ذلك دوماً بإيجاد مركز للبحوث العلمية الرياضية، يتبع للجنة الأولمبية السعودية التي عليها مسؤولية رصد المتغيرات والأحداث بدقة، ودراستها، وتقديم الاستشارات الصحيحة بشأنها.!!
نحن لا ندرك مثلاً أن مستوى اللاعب السعودي ينحدر سنوياً حتى أصبح عدد سنوات النجومية أقل مقارنة بنجومية اللاعبين قبل عشر سنوات..!!
أيضاً نحن لا نهتم باعتماد الأندية على العناصر الأجنبية بشكل أساسي لتحقيق الانتصارات، حتى أصبحت الأندية بدونهم كسيحة، ويمكن أن ترى ذلك واضحاً - مثلاً - بناديَيْ الهلال والأهلي؛ إذ إن الأول واصل مشوار الآسيوية بفضل أجانبه، بينما الثاني لا يزال يعتمد على السومة الهداف بكل شيء..!!
في الشق الفني أيضاً نحن لا نتفحص أداء اللاعبين السعوديين، سواء محلياً أو مع المنتخب؛ فهم يعتمدون بشكل مبالغ فيه على الأداء الفردي البحت، ودرجة الجماعية لديهم تتناقص بشكل خطير. وربما أعزو هذا الأمر للتنافس بينهم على النجومية، وإبراز عضلات الأداء أمام الجماهير والإعلام. ولا أدل على ذلك من الارتفاع المخيف لمعدل التمريرات الخاطئة بالدوري والمنتخب. وعليكم بالعودة وتفحص المباريات جيداً؛ لتدركوا خطورة ما يحصل..!!
في الشق الإداري لدينا أيضاً فوضى تخطت المحلية؛ لتصل إلى الفيفا؛ فأصبح من الطبيعي أن ترى الاتحاد السعودي مشغولاً بخطابات الفيفا الموجَّهة للأندية تارة للاستفسار، وتارة بإلزام ناد معين بالانصياع لقرار ما.. والمتابع الحصيف يجزم أن الأمر لا يتخطى سوء تنظيم وتثقيف، مع غياب للرقابة والصرامة النظامية المحلية..!!
تكوين مركز للبحوث العلمية الرياضية سيجعل من السهل جداً معرفة الخلل الفني أو الإداري، وهو طوق نجاة لضمان سير رحلة الرياضة السعودية عبر الطريق الصحيح بدلاً من حالة التوهان والترقيع التي يتم التعامل معها حالياً، أو العمل باستراتيجية رد الفعل بعد انتظار حصوله..!!
الإحصاءات التي تقدمها - مثلاً - رابطة دوري المحترفين هي جزء مهم من ركائز البحوث العلمية. وقد أعجبني الزميل سلطان الحارثي حينما كتب بصحيفة الجزيرة عن إحصاء دقيق لمستويات بعض لاعبي الهلال، وخرج بنتيجة خطيرة عن أداء ممن يسمون نجوماً..!!
الرياضة لن تقوم دون مركز بحوث علمي، يوثق، ويحلل، ويقرأ مسار الرحلة والاتجاه الرياضي.. فنحن نعيش في دوامة، ونسير بنهج قيادي رياضي فردي، يرحل مع رحيل صاحبه، حتى لو كان عمله مؤسسياً؛ لأن الأفراد لدينا لا يحبون مواصلة مسيرة الرحلة، بل الالتفاف للبحث عن اتجاه آخر لطمس معالم الاتجاه الأول. ولو وُجدت البحوث والإحصاءات التي تقف أمامهم بالحقائق والإثباتات لما تجرؤوا على التغيير إلا للأفضل فقط..!!
في الفترة الأخيرة ظهرت موضة تسريب الخطابات السرية، وغيرها داخل الوسط الرياضي..!!
هل لاحظتم ذلك..؟
لقد تنامت تلك التسريبات حتى أصبحت أمراً اعتيادياً..!!
لو كان هناك رصد علمي لأسباب ذلك ومصادره التقريبية لتم التعامل معه بإقرار لائحة جزاءات صارمة لمسربي الوثائق الرسمية وغيرها، لكن لا أحد يفعل ذلك؛ لأن الأمر بنظرهم لا يهم..!!
لماذا يحاربون - مثلاً - الدكتور عبدالله البرقان، ويعتبرون ذلك واجباً عليهم..؟؟
بتتبع إجراءات البحث العلمي ونتائجه (الافتراضية) يتضح أن البرقان استطاع تعديل دفة الاحتراف السعودي للطريق الصحيح بكل شفافية؛ بدليل إجباره الأندية على دفع نصف مليار حقوقاً للاعبين، وهو أمر لم يفعله سوى البرقان، فضلاً عن التعامل الإلكتروني السريع. وهذا الأمر لم يفعله أحد من قبله أبداً، بل إن سابقيه كانوا يعملون ضد الاحتراف والأنظمة بكثير من الاستثناءات المضحكة. ولو وُجد رصد وبحوث علمية لعمل اللجنة آنذاك لما بقي منهم واحدٌ على الساحة الرياضية..!!
اعتدنا على الاستثناءات والتوجيهات الفردية ولملمة الأمور بطريقة (فكونا).. واعتاد بعض الإعلاميين الهرولة مع أنديتهم بالباطل المفضوح؛ فأصبحت النتيجة «رياضة بلا مستقبل حقيقي»..!!
اليوم لدينا وجه جديد يقود الرياضة السعودية، هو الأمير عبدالله بن مساعد، والمسؤولية عليه كبيرة جداً وتاريخية بتعديل المسار الرياضي للمسار العلمي الدقيق الذي يُخرس الألسنة بالإحصاءات والوقائع والمخرجات.. وكم أتمنى أن يسارع لإنشاء مركز للبحوث العلمية والمراقبة داخل اللجنة الأولمبية؛ إذ يمكن أن نعرف حقيقة مسارنا دون تضليل..!!
قبل الطبع:
لا يكون الإنسان حراً إلا عندما يود أن يكون.
(فولتير)