أكرم خوجة ">
نعيش في مجتمع غائب عنه ثقافة الفن فيما يعتبر الفن من أهم الوسائل الثقافية التي تنمي ثفافة الروح والعقل عند الإنسان. أكد الكاتب الأمريكي مارك توين بأن «مسرح الأطفال يعد من أحد أعظم اكتشافات القرن العشرين فهو من أهم الوسائط الفاعلة في بناء شخصية الطفل وتنمية قدراته العقلية وإعداده ليكون بالمستقبل طاقة خلاّقة منتجة، فمسرح الطفل يفوق في تأثيره على الطفل كوسيلة ثقافية مختلفة عن كافة الوسائل الثقافية الأخرى لأنه أكثر الفنون اقتراباً من وجدان الطفل.» نحن حقيقية بحاجة إلى نشاط فني قوي يحرك الحركة الفنية والثقافية التي أصبحت عبارة عن جثة هامدة وراكدة. فالثقافة الفنية بحاجة للانتعاش ولدعم معنوي ومادي لخلق مجتمع فني ومثقف ومبدع يساعد في معالجة قضايا عالقة في مجتمعنا بشكل فني وثقافي وحضاري.
فنحن نفتقر إلى وجود معهد للفنون المسرحية كما هو موجود في دولة الكويت الشقيقة وعدد من الدول العربية لكي نبدأ بنشر ثقافة الفن والمسرح في المجتمع. كذلك نفتقد إلى وجود الأنشطة المسرحية الهادفة في المدارس والجامعات التي تثقف وتبني الطفل والشاب على القيم والمبادئ حتى تتكون شخصيته ويسير على الطريق السليم. وسؤال يجب أن يسأل أين السينما في السعودية؟ فحتى الآن لا يوجد لدينا دور عرض وصالات سينما على الرغم من أن كثيراً من السعوديين عندما يسافرون إلى خارج المملكة لا يترددون في الذهاب إلى السينما، فبدل من أن يغمس الشباب في السلوكيات السلبية مثل التفحيط وغيرها من الأفضل أن يكرسوا وقتهم في ممارسة النشاطات الفنية التي تغذي العقل والروح عندهم. للأسف هناك الكثير من يقلِّل من أهمية وجود النشاط الفني ويعتبرونه مادة باهتة لا تقدّم رسالة هادفة إلى الجمهور.
رغم وجود اجتهادات فردية ومحاولات من قبل بعض الفنانين السعوديين يحاولون تحريك المياه الراكدة لكن الجهد الفردي لا يكفي لتنشيط الحركة الفنية في بلادنا. ورغم هذه الاجتهادات الفردية فلا يحصلون على دعم ولا تقدير من قبل الجمهور وزارة الثقافة والإعلام. هناك مواهب تحتاج لفرصة لإثبات مواهبها وقدراتها لكي يرى المجتمع أن الفن ثقافة ووسيلة لمحاربة الفكر المتطرف الذي للأسف أصبح حالياً يغزو بعض عقول الشباب. معظم المدن لا يوجد بها مسارح مجهزة بأحدث التقنيات والأجهزة الحديثة التي تساعد في بناء عمل مسرحي ناجح ومتكامل يرتقي بمستوى عال جداً. فالثقافة الفنية في مجتمعنا لا تزال ضئيلة على الرغم من وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت بجزء بسيط في إبراز كيفية صنع أفلام عن طريق موقع اليوتيوب ولكن هذا أيضاً لا يكفي في إنعاش الحركة الفنية في السعودية.
لا طلما كانت هناك مطالبات حثيثة في فتح دور عرض وصالات سينما في السعودية وقرأنا خبر من قبل سنة ونصف أن هناك رغبة من وزارة الإعلام بالقيام بذلك لكن حتى الآن لم نر شيئاً. فالسينما هي الفن الشعبي الأول؛ فهي تغيّر رؤية الإنسان للعالم وللحياة وللتجارب الإنسانية. هذا امتداد لتقاليد فنون شعبية عريقة جداً، فمثلاً في دولة اليونان قديماً كان المسرح، فكان اليونانيين يحولون ساحة الشارع إلى مسرحيات فنية لكي يساهموا في خلق مجتمع مثقف وحضاري. من سمات الفن أنه يقوم بالمعالجة النفسية لأن الإنسان يشاهد صور وتجارب للآخرين فيرى كيف الإنسان الشرير يعاقب على سلوكياته السيئة والإنسان المسالم والطيب ينتصر على الشر ويعيش حياة هادئة وسعيدة. وكذلك لا يمكننا أن لا نذكر، أن في عصر صدر الإسلام كان الشعر مثل المعلّقات وغيرها كانت تحكي عن واقع المجتمع وتجاربه. فيجب على المجتمع السعودي أن يصل إلى قناعة أن الفن يصنع شعباً مثقفاً وهو الذي يساعد في القضاء على الفكر الإرهابي.
أخيراً… أناشد وزارتي الثقافة والإعلام والتعليم في دعم السينما والمسرح في مجتمعنا ومدارسنا لخلق مجتمع فني ومبدع لكي يعبّر بأي من الأحوال عن هموم المجتمع السعودي، والاستماع إلى أفكار الفنانين الشباب وعدم تهميشها لكي يتم تنعيش الحركة الثقافة الفنية التي هي حالياً بلا نشاط. يقول المؤلف الألماني المسرحي برخت «أعطني مسرحاً وخبزاً أعطيك شعباً مثقفاً» وهنا نجد إشادة منه أن الفن رمز للعلم والثقافة والمعرفة. فالفن راق وجميل يسمو بالروح.