خالد الربيعان
كأحد المختصين في التسويق الرياضي، يطرح عليّ أسئلة كثيرة وأود بين الحين والآخر مشاركة القراء بها، أحد هذه الأسئلة: «هل يمكن لاقتصاد وسياسية دولة أن يتأثرا بكرة القدم؟!»، الشخص العادي يقول لك: لا.. أما أنا فأقول لك نعم.. وبالتأكيد.
سأبسّط كلامي بمثال: جنوب إفريقيا نظمت مونديال 2010، بعد انتهاء المونديال كانت حصيلة جنوب أفريقيا أن العالم تحدث عنها في جميع وسائل الإعلام، وأصبحت مقصدا سياحيا عالميا، وظهر زعيمها مانديلا كبطل، ونسي مواطنوها جميع المشاكل السياسية لمدة 4 أعوام من 2006 إلى 2010، بالإضافة إلى أرباح تقدر بالمليارات وتغير كبير في البنية التحتية، فالفيفا بمفردها حققت مليار دولار ربحاً فما هو الحال مع جنوب أفريقيا.
إليك المفاجأة التي أكدتها صحف العالم عن طريق تسجيل لمسؤول مرموق في الفيفا، وهي أن المغرب كانت الفائزة بحق تنظيم هذا المونديال ولكن بلاتر تغاضى عن كل ذلك وأعطاه لجنوب أفريقيا، وبالتأكيد مليار دولار أرباح للفيفا تطلق خيالك وظنونك في كل اتجاه عن كمية الفساد التي فعلها بلاتر ومعاونوه، إلى هذا الحد يمكن أن تؤثر الكرة في الدول وسياستها واقتصادها، وإلى هذا الحد يمكن لرجل في موقع بلاتر وهو أقوى من رئيس دولة أن يتحكم في مصير شعوب بأكملها.
فساد الفيفا ليس قصة أو ملفا بل هي بانوراما كاملة يمكن أن أبسطها عليك عزيزي وأورد لك كبسولات ومقتطفات صغيرة، لأنك قد تتوه في أروقة الإنترنت من كثرة أخبار وتحقيقات الصحافة في هذا الأمر.
بلاتر استقال بعد أن أحس بالحبل يلتف حول عنقه، و»الرشاوى» تتعدى ميزانية دول من مليارات الدولارات، جيروم فالكه الأمين العام تم إيقافه مدى الحياة بعد تسريبه ملايين التذاكر في مونديال البرازيل 2014 للبيع في السوق السوداء، ويتم الآن التحقيق في رشاوى كبيرة تم أخذها لمنح حق استضافة كأس العالم فرنسا 98، ومونديال ألمانيا 2006 وفيه تحقيق في قضية رشوة بقيمة 6.7 مليون يورو، و2010 في جنوب أفريقيا، و2014 في البرازيل، ومونديال روسيا 2018، بل أيضا مونديال 2022 بقطر فيه تحقيق بالرشوة، وقال عنه مسئول الفيفا ورئيس الاتحاد الإنجليزي: «لو خلص المحققون إلى وجود فساد فلا أظن أننا سنرى كأس عالم في قطر».
7 من كبار الفيفا اعتقلوا و14 موظفا مرموقا تم اتهامهم من القضاء الأمريكي بتلقي رشاوى أكثر من 150 مليون دولار منذ 1991 حتى الآن، بلاتيني الأسطورة والرجل الثاني بعد بلاتر وخليفته المحتمل متورط في قضية رشوة بقيمة مليون فرنك سويسري.
المثير للضحك في قضية فساد الفيفا أن كاشف هذا الفساد والمبلغ عنه لم يكن شخصاً شريفاً، بل هو مجرم من تابعي بلاتر.
الأمريكي تشاك بليزر عضو اللجنة التنفيذية السابق بالفيفا، مجرم تائب باع بلاتر وهب مع دولته أمريكا، وأن الأمر كله ظهر وفاحت رائحته عندما اعترف على نفسه وعلى الجميع، وكان جزاؤه الإيقاف مدى الحياة.
أخيراً:
سقوط العصابة الأوروبية أدى لتساقط نظيراتها الآسيوية والإفريقية والكونكاكاف طبعاً ما عدا أمريكا وإنجلترا.
اللوبي الأمريكي والبريطاني يتحركون ويحضّرون شيئاً كبيراً ضد قطر بعد أن يزيحوا بلاتر وزمرته الفاسدة، وفي الختام سيظهر لنا في القريب العاجل مجموعة من الفاسدين الجدد بقيادة أمريكا وإنجلترا ويقولون عن أنفسهم نحن الشرفاء المطهرين للفيفا، إن لم يكن في الظاهر سيكون في الخفاء.