الزراعة لـ«الجزيرة»: ندرس تحديات ومعوقات صغار المنتجين لاتخاذ حلول مناسبة ">
الجزيرة - سليمان الظفيري:
أثارت قضية ارتفاع أسعار الألبان والحليب جدلاً كبيراً خلال الفترة الماضية، رغم أن صناعة الألبان الوطنية وضعت السوق السعودية في مقدمة الدول المنتجة من خلال ما تقدمه الدولة من دعم وتسهيلات لتلك المشاريع. إلا أنه ولأسباب خارجة عن إرادة تلك المشاريع الصغيرة، وهي ارتفاع أسعار الأعلاف واللقاحات والمواد البيطرية الخاصة ومواد التصنيع والتغليف والمنافسة غير السليمة في منافذ التسويق من إيجارات واستحواذ على الحصص في العرض بسبب وضع أسعار باهظة لإيجارات أرفف العرض من المراكز التجارية الكبيرة وبشروط صعبة يُضاف إلى ذلك ثبات أسعار الألبان وعدم تحريرها وصعوبة استيراد الأبقار من دول معينة تدعم تطوير المشاريع بتكاليف أقل من غيره، مما أوجد معه كل ذلك ظهور مشاكل ومعوقات لدى تلك المشاريع الصغيرة، وحرصاً من الدولة الدائم على دعم المشاريع التنموية والصناعية كافة، فقد صدر أمر سامٍ كريم منذ أكثر من ثلاث سنوات بخصوص حل مشاكل ومعالجة كافة معوقات تلك المشاريع الصغيرة الخاصة بالأبقار وإنتاج الألبان، وذلك بأن تقوم وزارة الزراعة والصندوق الزراعي بالتنسيق مع ملاّك تلك المشاريع الصغيرة لإيجاد حلول جذرية لتلك المشاكل بما يضمن عدم تكرارها، ولكن التأخير من قِبل بعض الجهات المعنية في إيجاد الحلول الفورية والحالية لهذه المشاكل وإنقاذ تلك المشاريع من الانهيار وتحقيق الهدف المرجو من الأمر السامي في الحفاظ على تلك المشاريع، أدى إلى تفاقم الأزمة المالية والمشاكل في المشاريع الصغيرة، مما أدى معه لخروج عدد من مشاريع الأبقار من السوق والتخطيط لدى أخرى للتصفية أو الخروج من السوق، ويتخوف معها المستهلك من التحول من المنافسة إلى الاحتكار لهذه الصناعة بسبب تقلص مشاريع الألبان في السعودية.. وبسؤالنا لأحد المسئولين في المشاريع عن آخر مستجدات العمل على تنفيذ الأمر السامي الكريم، أفادنا بأن ما تم بهذا الخصوص حتى الآن هو الاتفاق مع شركة خارجية لدراسة المشاكل والمعوقات لهذه المشاريع ووضع الاقتراحات والحلول فقط.. رغم أن الأمر السامي الكريم قضى بدعم تلك المشاريع وحل مشاكلها فيما تقتضيه المصلحة العامة، على اعتبار أن بقاء هذه المشاريع يعطي خيارات متعددة للمستهلك فيما يتعلق بمنتجات الألبان.
منح وإعانات وقروض ميسرة بدون فوائد
«الجزيرة» بدورها طرحت بعض التساؤلات على وزارة الزراعة حول «مشاريع الألبان» وآليات دعمها، حيث ردت الوزارة قائلة: استهدفت جهود تنمية صناعة الألبان التي انتهجتها المملكة نمو قطاع الألبان وتوسيع قاعدته الإنتاجية ليسهم بفعالية في تحقيق أهداف التنمية الزراعية، ومن أجل ذلك قامت الدولة بتقديم ما أمكن من وسائل الدعم والمساندة، وكان منها توزيع الأراضي البور مجاناً ومنح الإعانات والقروض الميسرة بدون فوائد، فضلاً عن تقديم كافة الخدمات الفنية والإرشادية والبحثية والتدريبية ومشاريع البنية الأساسية.
وحول مدى استفادة تلك المشاريع من الخدمات التي تقدمها الوزارة قالت الوزارة إن مشاريع الألبان استفادت من وسائل الدعم المتنوعة التي قدمتها الدولة لهذا القطاع الحيوي الهام، وأدى ذلك إلى تحقيق نجاحات كبيرة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج حليب الشرب والحليب المبستر والحليب المعقم والحليب طويل الأجل، وكذلك الحال بالنسبة للبن والزبادي واللبنة وغيرها، إضافة إلى مساهمة هذه المشاريع في إتاحة فرص العمل المتنوعة للمواطنين.
وحول خروج بعض مشاريع الألبان من السوق قالت الوزارة إن إنتاج الحليب الطازج تطور خلال السنوات الماضية تطوراً كبيراً، مما أدى إلى حدوث فوائض إنتاجية قادت إلى حدوث مشاكل في التوزيع والتسويق، وكشفت الوزارة لـ»الجزيرة» بأنها تولي هذا الموضوع اهتماماً خاصاً حيث يتم حالياً دراسة وتحليل التحديات بما فيها المعوقات التسويقية التي تواجه صغار منتجي الألبان الطازجة واتخاذ الحلول المناسبة لها.
وأكدت الوزارة أنها تقوم بتقديم العديد من الخدمات المباشرة لمشاريع الألبان، ومنها الخدمات البيطرية والإرشادية والبحثية والتدريبية، كما أن مشاريع الألبان تحصل على إعانة مدخلات الإنتاج المتمثلة في إعانة الأعلاف (الذرة الصفراء وفول الصويا)، ومن المعروف بأن الدعم الحكومي يُؤدي إلى تخفيض التكاليف الإنتاجية لمشاريع إنتاج الألبان حتى تستطيع المشاريع الاستمرار في ممارسة نشاطها الإنتاجي ومنافسة المنتجات المستوردة من الخارج.
منافسة شرسة من كبار المنتجين
من جهته قال الاقتصادي علي الجحلي لـ«الجزيرة» إن وزارة التجارة والصناعة أهملت دعم شركات الألبان الصغيرة في ظل المنافسة الشرسة من كبار المنتجين والتلاعب بالمستهلك في حجم العبوات والأشكال، فإذا كانت كبرى الشركات تتعذر بارتفاع أسعار الأعلاف فكيف بالصغار؟.. وأضاف: المتأثر من سيطرة كبرى الشركات على السوق هو المستهلك، لأن هذه السيطرة تمارسها كبرى الشركات في فرض الأسعار وممارسة الاحتكار لصالحها، في وقت تكون الشركات الصغيرة قد لفظت أنفاسها الأخيرة، لتتوحد الكبرى في السوق وتتربع على عرش رفوف الأسواق.
واستغرب الجحلي من دعم الصندوق الزراعي لمنتجي الألبان دون رفع مستوى المنافسة الشريفة، أو بدعم قوي في تسهيل بيئة المنافسة تحت مظلة قوانين تمنح للمستهلك حقه في قيمة المنتج.. مبيناً أن ما يدور هو حرب أسعار لإسقاط الشركات الصغيرة وإجبارها على الرحيل.. مبيناً أن بعض الشركات الكبرى لم يكن لها اهتمام بمسألة التوطين، علماً أن مقرها وإنتاجها داخل المملكة، ومن الواجب دعم التوطين بشكل كبير ودائم.
ويرى الجحلي أن اتحاد منتجي الألبان في حال التحول للاتحاد من شركات صغيرة إلى كبيرة، فهذا يضعها في مصب الاتفاق مع كبرى الشركات على الأسعار والضحية هو المستهلك.. لكن حينما تتحول من شركات صغيرة إلى متوسطة تكون المنافسة في ذروتها.
المقاطعة ليست مجدية بحسب رأي المستهلك
«الجزيرة» بدورها تجولت في منافذ البيع للأسواق الغذائية للوقوف على رأي المستهلكين، ورأى أغلبهم أن المقاطعة ليست مجدية، فالسوق ليس به خيارات متعددة ومنافسة، فجميع المنتجات من كبرى الشركات.. كما أنه من الصعب مقاطعة سلعة مثل الألبان لأنها من السلع الضرورية والمهمة خصوصاً للأطفال.
وقال المواطن عبد الله بن سليمان لـ«الجزيرة» إن بعض شركات الألبان التي وحدت سعرها بـ 3 ريالات كانت في متناول الجميع من ناحية السعر وكذلك الجودة، وقد لاحظنا غيابها في أرفف الثلاجات في الفترة القريبة.
وذكر المواطن علي حسن صاحب إحدى الأسواق الغذائية أن التوصيل للمنازل بات يكون مقترناً بالعامل الذي يقوم باختيار اللبن وتوصيله للمنزل، فقليل جداً من يختار نوع اللبن أو الحليب، وفي حال الاختيار يكون المتوفر لكبرى الشركات، فما على المستهلك إلا أخذ المتوفر.