د. يوسف خالد جنينة ">
يبقى الغرور والغطرسة آفة دولة الاحتلال الإسرائيلية التي تدفع الأرض المحتلة إلى أتون نيران الانتفاضة من حين إلى حين بخروقاتها الإنسانية التي تجاوزت الحد بجورها على ممتلكات الفلسطينيين والتوسع في سياساتها الاستيطانية وأخيراً إغلاق باحات الأقصى في وجوه أبناء شعبنا، في إسقاط متعمد لحقهم في التعبد، الحق الإنساني الذي يكفله جميع مواثيق حقوق الإنسان حول العالم، وتضرب به دولة الاحتلال عرض الحائط، أمام صمت عالمي مطبق، إلا من بعض الأصوات التي تنشد الحق والعدل في هذا العالم، لكنها تبقى أصواتاً خافتة أمام آلة الدعاية الصهيونية التي تضرب بيد وتزور الحقائق أمام العالم باليد الأخرى، مدعية أن الفلسطينيين يفسدون على الإسرائيليين هناءة عيشهم، والعام يصدق، وكأن الفلسطينيين هم الذين يحتلون أن الإسارئيليين، وكأن دولة فلسطين التي تتآكل بفعل التمدد العدواني للمستوطنات الإسرئيلية غير المشروعة هي التي تتسع رقعتها على حساب دولة الاحتلال، في وقت تكشف فيه مقارنة يسيرة عادلة بين حدود عام 1967م وحدود اليوم عن حالة جور غير مسبوقة في التاريخ على أرض الشعب الفلسطيني ووجوده، جور حول مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى حياة اللجوء والشتات خارج أرضهم وديارهم التي انتزعت من أيديهم بقوة السلاح، وأصبحت ملاجئ لقطعان الهمج من المستوطنين التي تطلق دولة الاحتلال أيديها في ممتلكات شعب جريح، لم تتوقف آلامه منذ عقود، ولم تتوقف خسائره من الأموال والأنفس.
وعلى الرغم من قسوة الواقع الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني المحاصر اليوم، إلا أنه لن يسمح لمحاولات دولة الاحتلال بتهويد ملامح أرضه وابتلاع مقدساته، مهما كلفه الدفاع عن أرضه ومقدساته وقضيته العادلة من أنفس، فنفوسنا تهون فداء أرضنا، ولن تنفع الدولة العبرية المحتلة غطرستها، ولن تبلغ أوهامها، وليعلم كل إسرائيلي مغتصب يعيش على أرض يعلم أنها ليست من حقه، أنه لن يشعر بالأمان يوماً في ظل هذه الدولة المحتلة، وكل شبر من أرضها يرفضه حتى إن موضع نومه يكرهه، لأنه ليس من حقه.
إن دولة الاحتلال الإسرائيلي بهذه التجاوزات الصارخة وبهذه الأفعال الإجرامية تدفع في خط انتفاضة جديدة، ربما يخسر الفلسطينيون فيها مزيداً من الأرواح، لكنهم في المقابل سيكسبون إيماناً جديداً راسخاً بعدالة قضيتهم، وسيقدمون للأجيال الجديدة درساً لا ينسى في الفداء والتضحية، فلدولة الاحتلال نقول: مهما حاولتم فسيبقى الأقصى لنا، ولأمتنا، لن تهوّدوه.