شحاده أبو بقر ">
ليس من قبيل المبالغة القول، بأن الشرق العربي سيكون محقا تماما، إذا ما ألقى باللائمة على النظام الرسمي الحاكم في طهران، حتى لو شعر هذا الشرق بصداع في الرأس، فلولا ذلك النظام المتمترس منذ خمسة وثلاثين عاما خلف فكرة التوسع القومي الفارسي بغطاء ديني وهمي لا يخفى إلا على جاهل أو ساذج، لما كان لبنان اليوم حسير الرأس بلا رئيس يحكم، ولما كان منقسما على ذاته بمنهج طائفي بغيض، ولولا ذلك النظام الموهوم بإمكانية الهيمنة على الشرق العربي كله، لما كانت هناك اليوم حرب في اليمن، ولما تجرأ الحوثي والخفيف المخلوع، على تجريب إمكانية حكم اليمن وتسليمه على طبق من (تنك) لملالي إيران، وبيض الله وجه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودول التحالف العربي، إذ أفشلت المخطط الإجرامي وردت الكيد إلى نحور أهله، ولقنت طهران وملاليلها الحاكمة وما زالت، درسا بليغا عنوانه أن العرب لم يموتوا بعد وما زال فيهم أحياء قادرون على رد الصاع صاعين وأكثر، لكل طامح طامح مستهين بهذه الأمه.
نعم، يملك الشرق العربي وجاهة تحميل النظام الرسمي الإيراني، مسؤولية شلال الدم العربي المستمر في سوريه، فلولا ذلك النظام الطائفي الذي بدد شمل عرب كثيرين، لانتهت الأزمة السورية في مهدها ولحقق الشعب السوري مبتغاه في غضون شهر أو شهرين على الأبعد، ولما ذهبت سورية إلى دمار وخراب ولما تشتت شعبها بين قتيل وجريح ومهاجر ولاجئ ولا حول ولا قوة إلا بالله الواحد الأحد سبحانه، ولولاه هو وحده، لما كانت سورية اليوم حلبة صراع بين قوى عالمية كبرى يجرب كل منها تخويف وردع الآخر, ولكن بدماء وأشلاء نساء وأطفال وشباب سورية وشيبها.
نعم، يحق للعرب أن يقولوا لملالي قم وطهران، منكم لله، فلولاهم لما كان العراق اليوم ثلاث أو أربع عراقات، ولما كان مسرحا مستمرا لحروب طائفية حصدت ألأخضر واليابس، وجعلت أرض العراق نهبا للدواعش والميليشيات وأحقادها السود وانتقامها المستمر من شعب مكلوم لم يكتب له الإستقرار منذ ثلاثة عقود ونيف.
نعم، يملك العرب حق تحميل أولئك الملالي الصفويين الحاقدين، كامل المسؤولية عن كل ما حل ببلادهم من خراب وكل قطرة دم عربية أريقت منذ تسلموا زمام السلطة في طهران، فلم يعرف التاريخ حقدا دفينا كاحقاد هؤلاء المسكونين بهاجس النقمة العارمة على كل ما هو عربي، والغريب أن عربا بسطاء ينخدعون بأكاذيبهم وبتقيتهم التي لو أفلحت لا قدر الله، ستدوس بأقدامها النتنة أولئك العرب البسطاء قبل بني جلدتهم من أتباع المذهب السني، والتاريخ شاهد وفيه من العبر والدروس ما يكفي لإستخلاص النتائج ومعرفة الحقائق عن مخططات ونيات الملالي بحق كل ما هو عربي.
كل مخططاتهم تنفذ بالوكالة ونيابة عنهم، وهم يجدون في عالمنا العربي عربا مخدوعين بهم وبأكاذيبهم، فتراهم يؤججون نار الفتنة بين البحريني وأخيه، والعراقي وأخيه، واللبناني وأخيه، واليمني وأخيه، والسوري وأخيه، والأمر المستهجن أنهم ينجحون، فالدماء عربية وليست دماءهم، والنتائج تصب في صالحهم، أو هكذا يتوهمون، ويمنون النفوس بقطف الثمار لا قدر الله.
في الأردن لدينا مقولة للتعبير عن صد المعتدي الواهم المنتظر لبلوغ هدف خسيس، نقول فيها (والله لو تالينا جاجه عورا، ما تفرحوا باللي ببالكو)، ولا أجد أفضل من قولها لملالي قم وطهران الجالسين بانتظار أن يفنى العرب، ليقيموا دولة فارس على أنقاضهم، بعد إذ تخلوا عن شعارهم الكاذب بالموت لأميركا وإسرائيل، وشرعوا في الحرب سويا وإياهم في العراق وسورية تحت يافطة الحرب ضد الإرهاب الذي تحارب تحت يافطته ذاتها روسيا اليوم, وتوجه صواريخها للجيش السوري الحر وثوار الشعب السوري المنكوب، في مشهد يروق لأميركا السعيدة بتورط روسيا في المستنقع السوري، على طريقة تصفية الحسابات ولكن، بدماء وأشلاء الشعب العربي السوري.
وفي ثنايا وزوايا ذلك كله، فتش دوما عن طهران وملاليها، حتى لو أصابك صداع، ولا حول ولا قوة إلا بالله جل وحده في علاه.